news-details

خبير اقتصادي: الضم سيدهور إسرائيل اقتصاديا

*الضم الجزئي يعني الضم الكامل، ويعني عبئ ميزانية ضخم على الخزينة الإسرائيلية *لو كان بوسعهم لدفعوا الفلسطينيين الى الرحيل* لو عرف الجمهور الإسرائيلي هذه الحقائق لاعترض على الضم بشكل أوسع*

 

رأى الخبير الاقتصادي الإسرائيلي البارز، دافيد بروديت، أن مخطط الاحتلال لفرض ما تسمى "السيادة الإسرائيلية"، على المستوطنات ومناطق شاسعة من الضفة المحتلة، ستكون له انعكاسات "خطيرة" على الاقتصاد الإسرائيلي، وعلى الدولة ككل، وحتى أنه سيضعفها اقتصادية بدرجة كبيرة مقارنة مع الدول المتطورة، التي تصنف إسرائيل نفسها ضمنها.

وبروديت، هو خبير اقتصادي، شغل عدة مناصب رفيعة في وزارة المالية، منها المدير العام، ومدير قسم الميزانيات، كما شغل مناصب في سوق المال (البورصة) وغيرها. ويقول في مقال له في صحيفة "يديعوت أحرنوت" الإسرائيلية اليوم الاثنين، إن خطوة "الضم" ليست مفحوصة للعمق، و"هذا السلوك هو مثابة قصور وعدم مسؤولية، ويحتمل أن يكون بكاء للأجيال".

وكتب بروديت، "في هذه الايام يتحدثون عن ضم جزئي، ولكنهم يخفون ان مثل هذه الخطوة ستؤدي الى ضم كامل. بالفعل، يحتمل الا يحصل هذا الا بعد سنوات طويلة ولكننا مسؤولون أيضا عن الجيل القادم. مؤيدو فكرة الضم في صيغته الحالية يزوغ بصرهم برؤيا "أرض اسرائيل الكاملة"، ويتجاهلون أن رغبتهم في اراضي أرض اسرائيل، ولكن ليس بالسكان المحليين. لو كان بوسعهم، لدفعوا السكان المحليين (الفلسطينيين) الى الرحيل، ولكن الأمر ليس ممكنا. وهكذا سيضطرون لان يدفعوا الثمن باعطاء مكانة الاقامة، دون حق الاقتراع، للفلسطينيين – مثل مكانة سكان شرقي القدس. ثمة لهذا ثمن اقتصادي باهظ".

"غير أن عملية الضم الجزئي لا تحركها هذه الاعتبارات، بل ضغط اسرائيلي داخلي لمؤيدي رؤيا أرض اسرائيل الكاملة وتستند الى النواة الصلبة من المستوطنين، وكذا ضغط جماعات أخرى، اولئك الذين يئسوا من التسويات السياسية كون الفلسطينيين "ليسوا شريكا"، وباضافة فلسطينيين يئسوا من وضعهم الصعب ومن غياب الأمل في تسوية سياسية، ومستعدون للاكتفاء بدولة واحدة يتلقون منها خدمات مدنية تقدم لسكان اسرائيل. ان الضم الجزئي معناه دولة واحدة للشعبين – دولة لا تضمن السلام بين الشعبين بل صراعا داخليا قد يتدهور الى حرب أهلية، والى ضغط دولي وفرض عقوبات في حالة لا تعطي فيها اسرائيل المساواة السياسية والمدنية الكاملة (مثل جنوب افريقيا)، وستغير الاسرة الدولية فكرها من حل الدولتين الى الدولة الواحدة، والمساواة الكاملة للجميع".

ويقول بروديت، "دولة واحدة معناها زيادة 2.5 مليون فلسطيني من سكان الضفة الغربية، انتاجهم للفرد هو أقل من 5 الاف دولار. وسيخفض الضم الناتج المتوسط للفرد في الدولة الموحدة الى 25 الف دولار للفرد، وبعد الكورونا سيكون الوضع أخطر بكثير. الدولة ستكون مختلفة تماما، الاقلية الفلسطينية ستزداد الى نحو 40%، ما سيؤدي الى دولة ثنائية القومية. إضافة الى ذلك، سيدهور الضم اسرائيل الى اسفل الدول المتطورة بسبب الحاجة لتكريس مصادر كثيرة لخدمات مدنية لعموم سكان الدولة ثنائية القومية- التأمين الوطني، تطبيق قانون التعليم الالزامي، قانون الصحة وباقي الخدمات العامة التي تعطى لسكان الدولة". 

"ستقدر هذه الخدمات اليوم بشكل متحفظ للغاية بحجم اكثر من 12% من ميزانية الدولة، اي اكثر من 50 مليار شيكل في السنة. وستعبر هذه الكلفة عن نفسها برفع الضرائب وتقليص الخدمات لمن هم سكان اسرائيل اليوم. وسيمس التقليص بعموم السكان، ولكن الطبقات الضعيفة ستكون اكثر تضررا. واضافة الى ذلك معقول أن يؤدي ثقل المهام عن الاقتصاد الى تخفيض التصنيف الائتماني لاسرائيل. هذا لن يحصل بين ليلة وضحاها، وسيتم بالتدريج على مدى سنين، ولكن المسار واضح وفي اتجاه واحد: تغيير جوهري في طابع الدولة وتغيير في جوهر الاقتصاد الإسرائيلي".

وبعد أن يحذر من فقدان إسرائيل طابعها اليهودي"، يختم بروديت كاتبا، "لو أنهم يراجعون التداعيات بشكل مناسب للحدث التاريخي والكبير، لكان السؤال الصحيح لسكان إسرائيل هو "هل أنتم مستعدون لان تدفعوا الثمن الاقتصادي، الشخصي والعائلي الذي ينطوي عليه الضم على مدى الزمن – تغيير في الطابع الاقتصادي – الاجتماعي للدولة والارتفاع في الضرائب – لاجل تمويل خدمات عامة للسكان الفلسطينيين المضمومين وتلقي خدمات عامة اقل واقل جودة". الجواب على ذلك سيكون أغلب الظن لا كبرى. وعليه فيجب القول: "على الفعل أن يتم بتفكير مسبق".

أخبار ذات صلة