-المئات من الرفيقات والرفاق يشاركون في الذكرى السنوية الأولى لرحيل القائد والأديب الرفيق الراحل محمد نفاع
شارك المئات، أمس الخميس في حفل الذكرى السنوية الأولى لرحيل القائد والأديب الراحل الرفيق محمد نفاع، يوم 15 تموز العام الماضي 2021، بدعوة من الحزب الشيوعي والجبهة الديمقراطية، الذي أقيم في قاعة الماس في عكا، بعد مسيرة نضال وتضحيات، شكلت رمزًا يحتذى للأجيال الناشئة.
افتتحت الأمسية، عريفة الحفل، الرفيقة هندية صغير، وحيت الحضور، واستعرضت اقتباسات من السيرة الذاتية التي كتبها الراحل محمد نفاع.
إرثك سيبقى المنارة
وقال الأمين للحزب الشيوعي عادل عامر في كلمته: "الرفيق محمد نفاع قاد سفينة حزبنا في أوقات عصيبة وقاسية وذلك في الفترة التي تعرضت فيها حركتنا الشيوعية لانتكاسة كبيرة هزت أركان حركتنا الشيوعية. وما زلت أذكر تلك المرحلة بكل قسوتها ولكن بكل الحزم والثقة التي تمتع بها الرفيق أبو هشام، وثقته بقيم العدالة الاجتماعية والإنسانية والاشتراكية وانه فقط مع حزب شيوعي واضح الفكر والسياسة يمكن البقاء".
وأضاف: "لم يتردد محمد نفاع لحظة في الوقوف إلى جانب كافة الشعوب العربية وخاصة الشعب السوري في دفاعه عن وطنه أمام الهجمة الداعشية، التي في جوهرها استعمارية، ةكانت تهدف أولا وقبل أي شيء لحرف سوريا عن سياقها العربي والقائها في حضن الرجعية وامريكا. وكان دائمًا يشير إلى أن كل تحرك رجعي عربي سيكون ضحيته الشعب العربي الفلسطيني".
واختتم: "نعدك أيها الرفيق الراحل أن نصون حزبنا وجبهتنا وفكرنا رغم الصعاب التي تعصف بنا هذه الأيام ولكن ارثك سيبقى المنارة التي توجه رفاقنا جميعًا، وأبدًا على هذا الدرب، درب النفاع الذي ينفع الناس".
شموخ نادر كالجرمق
وقال رئيس لجنة المتابعة، الرفيق محمد بركة في كلمته: "تولى ابو هشام مهمة قيادة حزبنا، في فترة صعبة جدا ومرحلة معقدة، خاصة بعد انهيار النظام الاشتراكي في العالم، والارتباك الذي أصاب الحركات الشيوعية في العالم، وفترة اوسلو، وفي هذه الظروف الشاقة فكان ابو هشام نعم من حمل هذه الأمانة. محمد نفاع لم يكن مهتما بهندامه كما تعلمون، وأيضًا موافقه لم تكن مواقف "موضة" ولا مواقف "عرض ازياء" لأغراض ذاتية، إنما كانت موافقه راسخة على صخرة فكرية لا تهادن".
وأضاف: "أبو هشام كان سياسيًا ملتزمًا، ورفيقًا كاملاً في مبدئيته، كان أيضًا كاتبًا مبدعًا. وردًا على من يتساءل كيف يمكن للسياسي أن يكون مبدعًا، نقول إن الكتاب المبدعين على مر التاريخ الحديث كانوا محسوبين على اليسار. كل من يقول إن الموقف السياسي لا يتناسب مع الكتابة الإبداعية، يريدون تحويل الابداع الأدبي إلى ترف غير فاعل على ساحة المجتمعات. كان محمد نفاع كاتبًا مبدعًا لكن كتابته كانت أيضًا مشروعًا أساسيًا في هزيمة المشروع الصهيوني، لأن الصهيونية أرادت إخفاء معالم هذا الوطن، مسمياته وأشجاره ونباتاته، وجاء محمد نفاع وثبتها في أدبه، في شموخ نادر أشبه بشموخ الجرمق، جار العمر".
بقيت ملتصقًا بالناس
وقال الكاتب محمد علي طه في كلمته: "كنت كاتبًا عربيًا فلسطينيًا وطنيًا، ولا أثني عليك اذا قلت أنك كاتب أممي انساني تعشق اللغة العربية، بجناحيها، الفصيح والدارج، وتحفظ أغانيها ومواويلها، منذ وقفت بساقي الطفل على النورج في بيدر أبيك في بيت جن، ومنذ عدوت وراء عصافير الجرمق، وسمعت أغاني الحاطبات".
وأضاف: "لا أنافس شعراء المديح إذا قلت أن راحتيك بقيتا نظيفتين معطرتين بعبير أزهار الزابود لم تلطخهما أوراق خضراء أو أوراق صفراء أو أوراق ملونة. جئت الينا يا محمد نفاع من بين الناس، جئت من الفقراء الجياع الشرفاء، وبقيت ملتصقًا بالناس، بلباسك وطعامك وشرابك وشعر رأسك وحقيبة يدك، تعمد أبطال قصصك بشذا نبات الجرمق، الذي أبيت أن تترجل عنه، وبعبير أزهار الجليل هبة الله لفلسطين، وبرشات من عطر البابونج والسريس والميرامية والزعتر".
طاقة إبداعية عظيمة
وتحدث البروفيسور إبراهيم طه، في كلمته، عن أدب محمد نفاع والطاقة الإبداعية العظيمة فيه، والأثر الذي تركه وموقعه في تراث الأدب الفلسطيني. وتحدث عن مواقف عدة جمعته مع محمد نفاع تظهر الطبيعة الأخلاقية التي تمتع بها وتثبت تواضعه.
لديه بوصلة طبيعية
وقال الأمين العام لحزب الشعب الفلسطيني، الرفيق بسام الصالحي: "لم يكن محمد نفاع يتردد في الانحياز دائمًا وبشكل واضح، إلى المواقع المناهضة للإمبريالية. كانت له بوصلة طبيعية بحكم صدق فكره وموقفه، تنحاز دائمًا إلى الشعوب والطبقات الشعبية المسحوقة ضد الامبريالية والرجعية والصهيونية. وهذه البوصلة كانت تريحه دائمًا، بعكس فذلكات المثقفين في حسم الكثير من المواقف والقضايا".
صلابة هذا الرفيق
وقال الرفيق توفيق كناعنة، أبو إبراهيم، في كلمته: "في مثل هذه الظروف الصعبة التي تمر فيها جماهيرنا العربية في البلاد، في الوقت الذي أصبحت فيه الصهينة جرأة، والركض وراء الفتات مبدئية. في مثل هذه الظروف كنت بحاجة لمحمد نفاع. عرفته عن قرب على مدى عقود، ربما كنت أكثر من عرف حقيقته وطباعه المتميزة، وعلى الرغم من مسيرتنا الطويلة معًا قلما نشب بيننا خلاف. سنوات عرفت خلالها صلابة هذا الرفيق ومبدئيته واستعداده للتضحية من أجل جماهير شعبنا ومن أجل حزبنا".
وأضاف: "الرفيق محمد نفاع قاد هذا الحزب في أصعب مرحلة تاريخية، مع مجموعة من الرفاق الذين أخذوا دور الى جانبه، في الوقت الذي حاول البعض الهروب من السفينة، لكن هذه السفينة بقيادة هؤلاء الرفاق استطاعت تجاوز العواصف، واستمرت وسوف تستمر على خطاه، على درب رفيقي الراحل محمد نفاع".
قامة وطنية ماركسية
وقالت النائبة عن القائمة المشتركة، الرفيقة عايدة توما-سليمان في كلمتها: "الرفيق محمد نفاع الانسان الدمث، صاحب الابتسامة الطيبة والكلمة اللاذعة ، المستعد دوما للسباحة ضد التيار مهما كان عميقا وعاصفا، القادر على تنقية الحب الجيد من الزوان ، صاحب مقولة دائمة ابحثوا عن التناقض الأكبر ومن الرابح الحقيقي من كل طارئ ، هذا الرفيق صاحب الروايات النابضة بالحياة والملتصقة بكل ما هو انساني تقدمي كان مدرسة في حب الأرض، ليس ذاك الحب الجشع الذي يسعى للربح من المنتوج أو البيع والشراء، انما هو حب العاشق الذي يريد للجميع أن يعلم حسن معشوقته، فيدللها ويرعاها ويكتب عنها ولها وفي الوقت ذاته يحميها بشهامة وأنفة واستبسال جعل الجميع يحترمه، الصغير قبل الكبير . كان هذا العشق الجميل للأرض والناس والقيم الانسانية ما حمله من قريته الصغيرة بيت جن الى العالمية فترجم أدبه الى مجموعة من اللغات فلم يختال زهوا وبقي الشيوعي الملتصق بالناس ايما التصاق".
وأضافت: "شعبنا الفلسطيني والحركة الشيوعية العالمية ونحن الرفاق والرفيقات في الحزب الشيوعي فقدنا قامة وطنية ماركسية طبقية وأدبية هامة في تاريخنا السياسي ومهما قيل وسوف يقال في تخليد ذكرى رفيقنا الحبيب أبا هشام يبقى أفضل تخليد له ولرفاقه الأوائل السير بثبات على طريقه والتمثل بقيمه وبعمله ، ويبقى الثبات على مبادئه والرغبة في أن نكون بجرأته وشجاعته تواضعه وعنفوانه هما المقياس لحبنا له وخلوده فينا" .
انتماؤه العميق للأرض
وقال النائب الرفيق عوفر كسيف في كلمته: "كتب أبو هشام كثيرًا عن الفلاحين، عن علاقة الفلاح بأرضه، عن البسطاء وعن حياتهم وعاداتهم الجميلة في القرية. فقد تأثرت كتاباته من انتماءه العميق للأرض ولقيم حزبه الشيوعي، وبرز فيها البعد الطبقي".
وأضاف: "رفيقنا أبو هشام كان ملتصقًا بهموم وقصص المجتمع الذي ترعرع وعاش به. لا يمكن فصل إنسانية محمد نفاع عن انتمائه الحزبي، كما لا يمكن فصل كتاباته عن ذلك. فقد كتب أبو هشام كثيرًا عن الفلاحين، عن علاقة الفلاح بأرضه، عن البسطاء وعن حياتهم وعاداتهم الجميلة في القرية. وتأثرت كتاباته بشكل واضح من انتمائه العميق للأرض ولقيم حزبه الشيوعي، وبرز فيها البعد الطبقي".
وقال: "رفيقنا أبو هشام كان ملتصقًا بهموم وقصص المجتمع الذي ترعرع وعاش به وكتب عنه وناضل لأجله".
ننتصر لطريق الرفيق
وقال النائب أيمن عودة، رئيس القائمة المشتركة: "الحزب الشيوعي تميز ببعديه، البعد السياسي والثقافي، وهذا ما ميز الرفيق محمد نفاع. أريد أن أقول إن جزءًا أساسيًا بالدفاع عن هذا الموروث، هو أن نولي المسألة الثقافية اعتبارًا استثنائيًا، في حزبنا وجبهتنا".
وأضاف: "أمامنا معركة انتخابية، هامة للغاية، أٌقول تاريخية، ويوجد بها بعدان، البعد الأول، هو مواجهة الفاشية، هكذا رأى الأمور محمد نفاع. والبعد الآخر بمواجهة الرجعية العربية. لدينا معركة انتخابية مصيرية، علينا جميعًا أن نضع كل الأمور الثانوية جانبًا، وأن نتهيأ جميعًا من أجل الانتصار للخط الوطني، للهامة المرفوعة، لطريق الرفيق الحبيب الغالي، محمد نفاع".
نظرة نافدة وثاقبة
وقال رئيس لجنة المبادرة العربية الدرزية، الرفيق غالب سيف، في كلمته: "ابو هشام ليس فردًا عاديًا، بل هو من مؤسسي المبادرة العربية الدرزية، التي عملت لضرب المخططات السياسية الصهوينية وضرب سياسية التجنيد الاجباري التي جاءت لتطبيق سياسة فرق تسد الصهيونية. قام ابو هشام بهذا الدور القيادي بكل المام وجدارة وعطاء متفاني قل مثليه.. رابطًا وحازمًا لعملنا الوطني بأسلوبه المتميز حتى آخر يوم في حياته.. لم يبخل يومًا بهذا العطاء ودائمًا بتواضعه الذي رفعه الى أعلى المراتب وبكل المستويات".
وأضاف: "يبقى ارث ابو هشام يشكل بوصلة فكرية لنا جميعًا، كحزب وجبهة ولجنة المبادرة وجماهير عربية..ونذكر له موقفه من سوريا في بداية الأزمة حينما حدد بنظرة نافدة وثاقبة طبيعة المؤامرة التي خاضتها الامبريالية والصهيونية والرجعية ضد الشعب السوري".
نفتقدك، نتذكرك ونحبك
وقدم كلمة العائلة الابن هشام نفاع، وقال: "في رحيلك أيضًا، أو في موتك، فنحن مثلك نسمّي الأشياء والأحداث بمسمّياتها الواقعية والمادية، في موتك أيضًا تخربِط أفكارًا سائدة. مثلاً أن الزمن قادر على تخفيف وهج حضور الغائبين في الذاكرة. فليس فقط أن حضورك لم يخفّ ويخفت لا بل نراه يتسع ويطرُق أبوابنا أكثر كلما كثُر زمن ابتعادك".
وأضاف: "نعرف جميعًا ماذا نفتقد فيك ومنك. كُلٌّ من شكل وطابع ووتيرة علاقتِه بك. في البيت الحزبي والسياسي يُكثر الرفاق والرفيقات من الحديث عن فقدان مرجعية. وفي البيت الأسَري العائلي أيضًا فقدناك مرجعيةً. فقدنا الروح الحيّة المرحة المازحة التي ترفض الكرَب والتسليم مهما قسا الواقع. نشتاق لسخريتك في التعامل مع كل شيء تقريبًا، تلك السخرية التي ازعجت بعضًا منا احيانًا في هذا الموقف تلك أو تلك العثرة. لكن النظرة، كالحضور، تكبر كما يبدو مع اتساع زمن الفقدان. هذه الروح الساخرة المرحة كأنها خلاصة التفاؤل بالعقل والإرادة معًا، نقطة العسل البرّاقة على حبة التين فوق شجرة صاعدة من أقسى وأخشن تراب".
وأضاف: "خسارة، خسارة كبيرة لحفيداتك وأحفادك. خسارة لهم هذا الجدّ الكنز من الحب والحكايات والأغنيات والضحكات واللّعب، هذا النبع الفيّاض من الفضول الطفولي لكل شيء، مَن شاركهم جالسًا على المسطبة والتراب في ألعابهم وتساؤلاتهم وضحكاتهم، قشّر لهم حبة اللوز بحجر على حجر، وفرط كوز الرمان وخصّل عنقود العنب خصلة خصلة لهم. "مغسّل هذا العنب؟" يسأل سائل أو سائلة فتردّ "فكّك من الغسل، لا هو مرشوش ولا اشي. كل اللي عليه غبرة من الأرض"، والصغار يقفون في صفّك طبعا، وتروح تضحك ضَحكة منتصر شقيّ.
واختتم: "هي في الحقيقة ليست ضَحكة من أحد، هي الضَحكة التي هي الموقف، التي هي سياق الأشياء، التي هي الفعل الأصل وليس الانفعالَ به. هذه القدرة على أن تكون أنت انت في كل حقل ومنصة وموقع وموقف، بلا زيف ولا مجاملات ولا تنازلات، ولكن أيضًا، بروح خفيفة، بلا إثقال لكاهل الناس بما يفوق طاقتهم وقدرتَهم وضعفَهم المتأصّلَ فيهم، ففي النهاية هم بشر. ربما أن هذا الحزم في قول الشيء بما هو وكلِّ ما يعنيه من جهة، ومعه ذاك الوعي بأن الغاية والهدف، والبداية والنهاية، والقصة بأكملها، هم الناس، كل الناس، وليس الذات من جهة أخرى، ربما أن هذا هو ما يجعل الشخص مَرجِعية. نفتقدك، نتذكرك ونحبك دائمًا".