news

المأزق القيادي الفلسطيني: أزمة راهنة أم استنفاد دور تاريخي ؟

مقدمة

كان الوضع الفلسطيني الداخلي، وما زال متأثرا بعوامل خارجية، بعضها متعلق بانتماء الفلسطينيين العربي، وبعضها يخص الصراع مع إسرائيل، إضافة إلى عوامل تأثيرٍ دولية منها التمويل. لذلك، من الصعب فهم التغييرات السياسية الداخلية الفلسطينية بمعزل عن علاقتها بالعوامل والمؤثرات الخارجية.
لقد أدى تردد إسرائيل أو تراجعها عن التزامات إعلان المبادئ أوسلو، وخاصة إعادة سيطرتها على المناطق الفلسطينية المحتلة  والذي توازى مع تسريع وتكثيف التوسع الاستيطاني، إلى اختلال موازين القوى الداخلية في الساحة الفلسطينية، لصالح القوى التي لم ترتبط بعملية السلام وقد ساهم في ذلك وقوف المجتمع الدولي موقف المتفرج، وذلك على أقل تقدير.
وقد ساهمت طريقة إدارة فتح، للمفاوضات مع إسرائيل، وكذلك طريقة إداراتها للسلطة الوطنية الفلسطينية في تعزيز تراجع مكانة فتح وقوى منظمة التحرير في المجتمع الفلسطيني، الأمر الذي استفادت منه حماس إلى الحد الذي مكًنها من كسب المعركة السياسية الانتخابية في كانون الثاني 2005، وكذلك المعركة العسكرية للسيطرة على غزة في حزيران 2006.
ولقد قادت الطريقة التي أدارت فيها حماس الصراع الفلسطيني الداخلي، والناتجة جزئيا عن طبيعة علاقاتها العربية والإقليمية في ظرف التوتر والتنافس الإقليمي بين إيران والولايات المتحدة، وكذلك عن أجندتها الإيديولوجية بدل الوطنية، إلى الانقسام الخطير الذي وصلنا إليه بين شطري الوطن من ناحية، وبين القوتين السياسيتين الرئيسيتين، فتح وحماس، من ناحية أخرى.
إن استمرار قابلية تأثر الوضع الفلسطيني الداخلي بالعوامل والقوى والمؤثرات الخارجية، خاصة الإسرائيلية سيؤدي إلى تعميق الأزمة وتكريسها.

 

التأثيرات الإسرائيلية:


إذا اعتمدنا السلوك السياسي الإسرائيلي كمصدر للمعرفة والحكم على السياسة والتفكير والأهداف، يمكن الاستنتاج أن إسرائيل مرت بثلاث مراحل من التفكير و السلوك تجاه علاقتها بالفلسطينيين والمناطق المحتلة منذ بداية عملية السلام أوائل التسعينات.
المرحلة الأولى، تتوجت بتوقيع رابين على إعلان المبادئ الذي يعكس استعدادا إسرائيليا من حيث المبدأ لتنازلات إقليمية، أي تقاسم إقليمي في المناطق المحتلة مع قيادة منظمة التحرير التي تعامل معها كشريك.
أما المرحلة الثانية، والتي تلت اغتيال رابين فتمثلت بحالة التردد والتأرجح بين التقدم والإحجام باتجاه الحل الذي يتضمن تخلي عن السيطرة على مناطق لصالح م.ت.ف.، وهذا التردد كان واضحا في توجهات الرأي العام الإسرائيلي الذي كان راغبا في السلام، ولكن غير ناضجٍ لإنهاء الاحتلال، اي كمن يريد أن يأكل التفاحة ويحتفظ بها في الوقت نفسه.
وكانت ذروة هذه المرحلة عندما بدأ باراك يفقد مكونات ائتلافه الحكومي، وأظهرت الاستطلاعات تراجع مكانته حينما كان في طريقه إلى كامب ديفيد، خاصة مع تنامي الانطباعات بأنه ذاهب للتفاوض على إنهاء الاحتلال، على الأقل عن أجزاء كبيرة من الضفة والقطاع، وكردة فعل جرى انتخاب الاتجاه النقيض، أي شارون والليكود.
ويشبه ذلك أيضا اتجاه المجتمع الإسرائيلي لانتخاب نتنياهو والليكود بدل شمعون بيرس بعد اغتيال رابين الذي أيضا أعطى انطباعا للجمهور الإسرائيلي بأنه وشريكه بيرز، متجهين لإنهاء الاحتلال أو جزء منه.
ومن مظاهر ذلك أيضا "اضطرار" كافة الحكومات الإسرائيلية – يمين ويسار ووسط – إلى إرضاء الرأي العام الإسرائيلي عن طريق توسيع المستوطنات، أي تكريس الاحتلال.
أما المرحلة الثالثة والأهم، والتي أسسها وكرسها شارون فتتمثل بالإستراتيجية المعروفة ب "أأحادية الجانب" والتي تشمل عناصر عديدة مثل حل المشكلة الديمغرافية عن طريق التخلص من غزة بالانسحاب منها، ومن الكثافة السكانية في الضفة بالجدار— بدلا من حل الدولتين— ، بل و التخلص من حل الدولتين عن طريق خلقِ أمرٍ واقعٍ يؤدي بغزة إلى مستقبل مختلف عن الضفة، وثالث للقدس المحتلة، والانتقال من مفهوم الحل الإقليمي (تنازل عن أكثرية المناطق المحتلة لصالح م.ت.ف.)إلى مفهوم الحل الوظيفي أي تقاسم الوظائف في المسؤولية عن الجزء المأهول من الضفة (خارج الجدار)، بحيث تحتفظ إسرائيل لنفسها بالمسؤولية عن الأمن والأرض وما بداخلها، وتترك لقيادة م.ت.ف. حاليا – وغيرها إن لزم الأمر مستقبلا – مسؤوليات مدنية خدمية كالتعليم والصحة وما شابه.
ولكن الأهم من هذا كله هو طريقه تحقيقه، والتي لا تعتمد على مفاوضات أو الاتفاقات أو الاختلافات، وبالتالي عدم الحاجة إلى شريك، بل الاعتماد على سياسة فرض الأمر الواقع من جانب واحد، الأمر الذي همش -وما زال- قيادة م.ت.ف التي لم يعد لها من وظيفة إلا ممارسة ما يترك لها من إسرائيل كأمر واقع.
وأدى ذلك إلى تغيير وظيفة المفاوضات مع الجانب الفلسطيني – التي يضغط باتجاهها المجتمع الدولي بما فيه الولايات المتحدة – تماما مثل تغيير وظيفة قيادة م.ت.ف.، فبعد أن كانت المفاوضات أداة إسرائيل الرئيسية لتقرير صيغة العلاقات المستقبلية مع الفلسطينيين والمناطق الفلسطينية، وكانت السياسة الاستيطانية عاملا مساعد للضغط على المفاوض الفلسطيني وللتأثير على مسار ونتائج المفاوضات، أصبحت السياسة الاستيطانية  (بمعناها الواسع الذي يشمل الجدار والحواجز وغيرها من أنظمة التحكم) هي العامل الأساسي المقرر، وأصبحت المفاوضات عاملا ثانويا مساعدا ، لامتصاص أي ضغط دولي ضد الاستيطان وغيرها من سياسات غير القانونية الإسرائيلية.
ومن الواضح أن هذه الإستراتيجية الإسرائيلية والسياسات والممارسات النابعة عنها تتناقض مع وحدة الأرض والقيادة، والموقف الفلسطيني. ولم يكن الأمر بحاجة إلى عمق وسعة القدرة الاستخبارية  في واقع قطاع غزة للاستنتاج بأن انسحابا أحاديا وليس ثمرة مفاوضات مع شريك فلسطيني، وفي ظل الإحباط العام سيؤدي إلى تعزيز قوة حماس.
لم تُمكن طريقة إسرائيل في الانسحاب من غزة أحاديا الرئيس عباس من الادعاء أن عملية السلام التي أنتخب على أساسها أثمرت في  إنهاء الاحتلال من غزة وأن استمرار هذه العملية سيؤدي إلى تحرير الضفة، بل على العكس، فقد مكنت هذه الطريقة هنية من القول (وكان هذا في صلب حملته الانتخابية لاحقا) إن المقاومة أدت لإنهاء احتلال غزة، وأن استمرارها سيؤدي لتحرير الضفة.
ومن الواضح أن طريقة إسرائيل في التخلص من غزة وكثافتها السكانية، ساعد حماس من تحقيق أغراضها، وفي نفس الوقت إلى نقل غزة للحضن المصري وأن تصبح هما مصريا لا إسرائيليا، شاءت مصر وفلسطين أم أبت، وبدون مفاوضات ووساطات واتفاقات واختلافات، بل بخطوات أحادية الجانب، مما يقلل من أو يلغي إمكانية نجاح مشروع الدولة الفلسطينية المستقلة في الأراضي المحتلة عام 1967.
ومن ناحية أخرى، أثمرت هذه السياسة في تدجين حماس تماما كما تم سابقا تدجين فتح. فقد عشنا لنرى ونسمع الزهار يتهم مطلقي الصواريخ بأنهم يضرون المصلحة الوطنية  والإجماع الوطني ويخدمون مصالح الاحتلال. ولكن المهم، خاصة لإسرائيل أن هذه الليونة في موقف الزهار ممثل التيار المتشدد  في حماس غزة ليست شمولية، فهو نفسه يتحدث بتصلب استثنائي في موضوع العلاقات الداخلية وجهود الوساطة المصرية حينما أكد يوم عودته من حوار القاهرة في تشرين الأول الحالي عدم نية حماس السماح بعودة الأمور إلى ما كانت علية قبل حزيران 2006، وعدم الاعتراف بمنظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد.
أليست هذه الازدواجية المتمثلة في أقصى المرونة والبرغماتية في التعامل مع احتياجات إسرائيل في وقف إطلاق النار، وأقصى التصلب تجاه جهود معالجة الانقسام الداخلي هو أقصى ما تطمح به إسرائيل؟
في الواقع، وللأسف فإن هذا هو ليس أقصى ما تطمح  به إسرائيل، بل هو فقط نقطة ارتكاز نحو مرحلة أخرى أكثر خطورة. فقد تبين مؤخرا (وخاصة خلال لقاء القمة بين شمعون بيرز وحسني مبارك في مصر في  الخامس والعشرين من تشرين أول 2008، والذي تبعه فورا قمة مصرية فلسطينية، وبعد ذلك قمة فلسطينية سعودية) أن إسرائيل تحاول استغلال حالة الانقسام الفلسطيني باستعمال المبادرة العربية كوسيلة لتخطي وحدانية تمثيل قيادة م.ت.ف. للشعب الفلسطيني وبالتالي إنجاز الشعب الفلسطيني الوحيد تقريبا، منذ أكثر من أربعين عاما وهو استقلالية القرار الفلسطيني الذي نتج عن وجود قيادة فلسطينية موحدة لها برنامج سياسي موحد بإجماع الشعب الفلسطيني والعربي وبالتالي المجتمع الدولي. وكان قد شكل هذا المكسب الذي حققته قيادة م.ت.ف الحصن المنيع ضد محاولات إسرائيل وغيرها  فرض حلول تنهك حقوق الشعب الفلسطيني لعقود من الزمن .

 

التأثيرات الدولية:

منذ أواخر الثمانينات من القرن الماضي نقلت قيادة م.ت.ف، ومعها أكثرية الشعب الفلسطيني، مرتكز برنامجها السياسي الأساسي من الحق الطبيعي في الأرض، بما فيه ممارسة السيادة عليها وملكيتها والعودة لها، إلى الحق الذي يسمح به القانون الدولي والشرعية الدولية المتمثلة بقرارات الأمم المتحدة، خاصة مجلس الأمن، ذات الصلة بالصراع العربي الإسرائيلي.
ولقد بذلت عناصر هامة وعديدة من المجتمع الدولي، حكومات ومنظمات غير حكومية وأفراد، جهوداً حثيثة ولمدة طويلة لإقناع الشعب الفلسطيني وقيادته بأن استعادة فلسطين بات هدفا عبثيا، في حين "إنهاء الاحتلال" الذي بدأ عام 1967 هو أمر ممكن لأنه قانوني ويقبله، بل يمكن أن يساعد في تحقيقه، المجتمع الدولي والمنظمات الدولية.
ومن ناحية أخرى، فقد تعاظمت الانتقادات لأسلوب وأدوات قيادة م.ت.ف المعتمدة أساسا على الكفاح المسلح. وعملت تلك القوى الدولية نفسها على إقناع الفلسطينيين أيضا بجدوى الكفاح الجماهيري السلمي، وبالعمل السياسي الدبلوماسي القانوني كبديل لما اعتبره أكثرية المجتمع الدولي إرهاباً.
وقد نجحت قيادة م.ت.ف بإقناع أكثرية الشعب الفلسطيني بأنها غيرت الوسائل وليس الهدف، الذي بقي: إنهاء الاحتلال الذي بدأ عام 1967، وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس، وإعادة اللاجئين إلى ديارهم وأن كل هذه أهداف متضمنة بالشرعية الدولية وربما أكثر قابلية للتحقيق بالطرق السلمية والقانونية التي تضمن لنا دعم العالم الخارجي وعزل إسرائيل.
ولقد تتوج المنهج الكفاحي السلمي في الانتفاضة الأولى، التي أثارت إعجاب المجتمع الدولي وحققت الكثير من "الاحترام" الدولي للقضية الفلسطينية. كما كانت المشاركة الفلسطينية في مؤتمر السلام الدولي في مدريد، وبعد ذلك المفاوضات الثنائية في واشنطن، ولاحقا السرية في أوسلو، ذروة تحول قيادة م.ت.ف من العمل العسكري إلى العمل الدبلوماسي.
ولكن عندما ترددت إسرائيل، وتراجعت، عن التزاماتها المتضمنة الانسحاب، وكذلك عندما استمرت في مخالفة الشرعية الدولية ومشاريع حلول محددة مثل مشروع ميتشل وخارطة الطريق من خلال استمرار توسيع المستوطنات، لم تقم الهيئات الدولية ولا الدول الكبرى بالتدخل لمنع ذلك، وبالتالي تركت قيادة م.ت.ف عاجزة.
وقد أدى ذلك إلى انهيار أحد أعمدة السياسة الفلسطينية المتمثلة بالاعتماد على الشرعية الدولية أمام تساؤلات الجمهور وانتقادات المعارضة الإسلامية. وقد انتهزت حماس هذا الواقع بذكاء عندما اختارت تصعيد عملياتها الاستشهادية في وسط العجز الدولي عن دعم القيادة الفلسطينية "بإقناع" إسرائيل بوقف توسيع المستوطنات على الأقل، علاوة عن عجزهم بإقناعها بمواصلة الانسحابات التي نص عليها الاتفاق الانتقالي المعروف بأوسلو.
وعندما أستفرد شارون بالسلطة والشعب الفلسطيني في سنوات 2004-2002، بقي العالم متفرجا وكأنه يعطي الضوء الأخضر لاستعمال القوة لفرص الوقائع من طرف واحد. وقد تتوج ذلك برسالة بوش الشهيرة إلى شارون في حزيران 2004 والتي تعترف بالوقائع الاستيطانية غير قانونية التي خلقتها إسرائيل في الضفة الغربية بما فيها القدس.
لقد أضاع المجتمع الدولي واللجنة الرباعية فرصة تاريخية في العام الفاصل بين وفاة الرئيس عرفات وانتخاب حماس والذي تولى فيه رئاسة السلطة الرئيس محمود عباس الذي أنتخب ديمقراطيا على أساس برنامجه السلمي الواضح والصريح.
وتمثل الإستراتيجية التي وضعتها الولايات المتحدة وتبعتها كل من إسرائيل والسلطة الفلسطينية وباقي الأسرة الدولية لمواجهة انتصار حماس في الانتخابات و سيطرتها على قطاع غزة، مثالا صارخا على الفشل وعلى تكريس واستمرار نزعات التشدد والتأييد للمعارضة في أواسط الجمهور الفلسطيني.
فقد قررت الولايات المتحدة ليس فقط مقاطعة حكومة حماس المنتخبة، بل حكومة الوحدة الوطنية التي أنتجها اتفاق مكة الذي رعته العربية السعودية. وبعد استيلاء حماس على غزة بالقوة، قررت الولايات المتحدة وإسرائيل محاصرة ومقاطعة قطاع غزة، ودعم إنتاج نموذج مغاير و"جذاب" في الضفة الغربية.
وقد فشل هذا المنهج لأن الضفة التي بقيت مرتعا للمستوطنين وحواجز الطرق والاجتياحات العسكرية الليلية لا يمكن أن تكون نموذجا جذابا مهما كانت درجة المساعدات الدولية التي تبددها السياسات الاحتلالية. ولقد أدى فشل هذا المنهج إلى استقرار سيطرة حماس في غزة وانتقالها، حسب تصريحات القادة الأمنيين الفلسطينيين ، للتخطيط لزعزعة استقرار السلطة في الضفة.
وخلاصة الأمر، إن إخفاق المجتمع الدولي في فرض احترام إسرائيل لالتزاماتها الدولية تجاه القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة واللجنة الرباعية - تجاه الاستيطان والجدار ساهم في إضعاف موقف قيادة المنظمة التي راهنت على دعم المجتمع الدولي بعد تحولها إلى المواقف وأساليب العمل المقبولة دوليا والتي كانت قد بررتها لشعبها بقدرتها على اجتذاب الدعم والتأثير والتدخل الدولي ، وبالتالي زيادة فرص إنهاء الاحتلال.

 

التأثيرات العربية والإقليمية:


تنوع تأثير المحيط  العربي والإقليمي على الوضع السياسي الفلسطيني الداخلي تبعاً لقدرة قيادة م.ت.ف المحافظة على استقلاليتها و استقلالية قرارها السياسي. ومن ناحية، مثــَّل ظهور حركة فتح وسيطرتها على م.ت.ف نزوعا فلسطينيا للخروج من الوصاية والتأثير العربي. ولكن من ناحية أخرى كما تبين لاحقا فأن القيادة الفلسطينية الجديدة نبتت من نفس النسيج الاجتماعي والثقافي الذي أنبت القيادات العربية المختلفة التي حكمت معظم الدول العربية في أواسط القرن الماضي فصاعداُ، مما جعلها عرضةً لنفس نوع الإخفاق.
ولقد حاولت قيادة م.ت.ف منذ نشوئها وتبلور دورها القيادي بعيد هزيمة الدول العربية في حربها مع إسرائيل عام 1967، أن تراعي التوازن الصعب بين المحافظة على استقلاليتها والحد من تأثير ووصاية العرب عليها من ناحية، والاستفادة قدر الإمكان من الدعم العربي السياسي والجماهيري والمادي من ناحية أخرى.
ولقد نجحت هذه القيادة في الحد من الوقوع تحت تأثير التقاطبات السياسية العربية مع بعض الاستثناءات حينما كانت في أوج قوتها، ولكن ومع تراجع مكانتها التدريجي فلسطينيا وعربيا ودوليا في أواخر التسعينات من القرن الماضي وأوائل القرن الحالي، والذي ترافق وربما نتج عن فشل الرهان على عملية السلام، عادت الأطراف الفلسطينية المختلفة لتستقوي بالأطراف العربية والإقليمية، وأحيانا الدولية، المختلفة.
وقد ترافق هذا الواقع الفلسطيني مع التقاطب الذي شهدته المنطقة بين معسكرين، أحدهما بقيادة إيران والثاني بقيادة أو تأثير الولايات المتحدة. وبالرغم من كون ساحته الأساسية العراق، إلا أنه امتد ليشمل أجزاء متزايدة من المنطقة. وقد أصبح لاحقا من الجلي أن إيران، ذات التحالف القوي مع سوريا التي تستضيف وتدعم أحد شقي الخلاف الفلسطيني، تمكنت من أن تلعب بالورقة الفلسطينية من خلال التحالف مع حركة حماس.

 

وقد أدى هذا إلى تراجع قيادة م.ت.ف عن حيادها النسبي التقليدي بين المحاور العربية لترتبط مع ما أصبح يسمى تيار الاعتدال العربي الموالي للولايات المتحدة داعمة إسرائيل وحليفها الاستراتيجي. وإقترن ذلك بطبيعة الحال مع رهان هذه القيادة على عملية السلام التي ترعاها الولايات المتحدة والتي أصبحت تعرف بعملية أنابولس الذي دعا له ورعاه الرئيس بوش.
وغني عن القول، أن هذا التقاطب شمل أيضا الجماهير العربية، فقد أدى انتشار وسائل الإعلام الفضائية والالكترونية السريعة والصريحة إلى امتداد النقاش والخلاف الداخلي الفلسطيني إلى الفضاء العربي والإقليمي.
وأصبحت الخلافات بين فتح وحماس ممتدة بين المؤسسات والأحزاب وغيرها من الأطر الشعبية في البلدان العربية وإيران. واستنادا إلى مؤشرات عديدة، منها استطلاعات الرأي العام، فإن مواقف قيادات حماس نجحت في استمالة تعاطف واسع في الأوساط الشعبية العربية، خاصة، وربما لأن هذه الجماهير لديها من الأسباب الكثيرة للنفور من أنظمتها التي أخذ معظمها موقفا سلبيا من حماس ومتعاظماُ مع قيادة م.ت.ف.
وهكذا وجدنا أنفسنا جزءا من انقسام عام في المنطقة، وأصبحت قيادة م.ت.ف وحركة فتح جزءا من معسكر الاعتدال الذي يضم كثيرا من الأنظمة المتحالفة مع الولايات المتحدة والتي بعضها يقيم علاقات مع إسرائيل، وقليل من الجماهير العربية. في حين كانت حركة حماس في المعسكر المكون من دول عربية قليلة، ولكن التي تتحدى الولايات المتحدة مثل سوريا وإيران ولبنان (حزب الله وحلفائه)، وكثيرا من الجماهير العربية التي وجدت الطرق للتعبير عن ذلك.
ومما يجدر ذكره، أن المعسكر الذي يضم حماس، تميز أيضا على المستوى المالي والإعلامي. إذ لم تبخل لا إيران ولا قطر بالدعم المالي اللازم لبقاء نظام حماس في قطاع غزة رغم الحصار المفروض عليها.
وكذلك لعبت محطة تلفزيون الجزيرة والمنار وغيرها دروا هاما في تهئية سبل التعاطف والدعم الشعبي العربي لحماس، وكذلك الحد من تأثير محاولات العزل السياسي والإعلامي المفروض عليها وبالتالي هيأت منبرا إعلاميا وسياسيا "لمن لا منبر له".
وبشكل عام، لم يحاول العرب أن يعطوا الانطباع، أو أن يلمحوا بإعطاء الانطباع " لا إسرائيل ولا للولايات المتحدة" بأن هناك ما يمكن أن يراه في المنطقة أو في علاقة العرب مع أي منهما إذا استمرت المماطلة في المواقف التفاوضية والممارسات التي تكرس الاحتلال .
و من ناحية أخرى، فلقد أدى الأداء العربي تجاه الموضوع الفلسطيني الإسرائيلي في السنوات الأخيرة إلى الانطباع الإسرائيلي بعدم جدية دعم الدول العربية المعتدلة مع قيادة م.ت.ف، وأن بإمكان كل من إسرائيل والولايات المتحدة أن تجمع بين علاقات جيدة مع الدول العربية المعتدلة، وأن تستمر كل منهما بالسياسات التي تضعف حركة فتح وتهمش مكانتها، مما يؤدي إلى استمرار اختلال موازين القوى الداخلية لصالح حماس.
لقد أدى ضعف قيادة م.ت.ف وتزايد قوة حماس في الداخل الفلسطيني إلى زيادة اعتماد هذه القيادة على الولايات المتحدة وإسرائيل وحلفائها المعتدلين في العالم العربي. ولكن هذا الضعف وانعدام البدائل كان أيضا سببا في استخفاف إسرائيل بها وبالتالي غياب أية مرونة في مواقفها التفاوضية واستمرار إجراءاتها الاحتلالية مما أحرج هذه القيادة وأضعفها أكثر.
وقد أدخل هذا الواقع قيادة م.ت.ف في حلقة مفرغة؟؟؟ جملة؟؟ زيادة الضعف يؤدي إلى زيادة الاعتماد والارتباط على إسرائيل وأمريكا والمعتدلين العرب، الذي يولد بدوره مزيدا من الضعف. وهكذا استمرت موازين القوى الداخلية بالاختلال، واستمرت الرهانات على العملية السلمية بالانهيار. ويمكن الذهاب أكثر من ذلك، إذ أن هناك مؤشرات على أن إسرائيل قد بدأت تجد نفسها مرتاحة أكثر في الاعتماد على علاقتها مع حماس لتحقيق حاجاتها الأمنية التي لم تستطع فتح تحقيقها، والدليل على ذلك نجاح وقف إطلاق النار في غزة.
وبنفس الاتجاه، يمكن أن نفسر التعامل التدريجي، نتيجة الأمر الواقع، من قبل مصر مع حركة حماس، سواء التعامل اليومي العملي على معبر رفح، أو الوساطة بين حماس وإسرائيل في مفاوضات تبادل الأسرى وغير ذلك.

 

تأثير العوامل الداخلية الذاتية:


وما كان لكل هذه المؤثرات الخارجية من دولية وإسرائيلية وعربية وإقليمية أن تؤتي أُكلها لولا نوعية وعقلية وطريقة قيادة م.ت.ف التي تبلورت كقيادة مهيمنة وبدون منازع للشعب الفلسطيني في الأربعين عاما الأخيرة.
بدايةً، لا شك أن التحدي الذي واجهته قيادة م.ت.ف وشعبها كان أصعب وأخطر مما واجهته كافة حركات التحرر الأخرى في العالم. ويعود ذلك إلى خصوصية الحركة الصهيونية وطبيعة دورها وارتباطها بالولايات المتحدة، القوة العظمى الأساسية في العالم.
أدت الانتفاضة الفلسطينية العفوية التي انطلقت في داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1987 إلى إخراج القيادة الفلسطينية في الخارج من الطريق المسدود الذي وصلت إليه إستراتيجيتها وطريقة أدائها. وأعطت الانتفاضة التي توجت نضال الجماهير الفلسطينية في الوطن المحتل عام 1967 لقيادة م.ت.ف بالخارج خشية الخلاص، ومكنتها من التحول الإيجابي لاستعادة زمام المبادرة السياسية من خلال مبادرة إعلان الاستقلال في دورة المجلس الوطني الفلسطيني عام 1988.
وقد أدى ولاء جماهير الانتفاضة الفلسطينية لقيادتها وتفاعل الداخل والخارج إضافة إلى عوامل أخرى وظروف دولية وإقليمية مواتية إلى المبادرة الدولية بإقامة مؤتمر مدريد للسلام. وكذلك فقد أدى تكامل أدوار قيادة م.ت.ف والوفد الفلسطيني لمؤتمر السلام ومفاوضات واشنطن إلى اعتراف إسرائيل، ومن ثم الولايات المتحدة بمنظمة التحرير والتفاوض معها.
ولكن ومنذ أن استعادت قيادة م.ت.ف مكانتها مع بداية التسعينات، بدأ يغلب على أدائها السياسي تغليب عوامل بقاء دورها كقيادة، حتى على حساب القضية. وكما وصف سلوكها في تلك الفترة أحد القادة التاريخيين للحركة الوطنية الفلسطينية في الداخل، فقد كان هاجس قيادة م.ت.ف في تلك الفترة ضمان المكان والمكانة والمال، وذلك بعد سنوات من الإقصاء، من الأردن للبنان لتونس، وبعد التهميش السياسي ما بين عامي 1982، و1988، وبعد تجفيف مصادر التمويل العربية بإيحاءات أمريكية.
ولعل من أبرز الأمثلة على ذلك، "المبادلة التاريخية" بين الحكومة الإسرائيلية وقيادة منظمة التحرير في مفاوضات أوسلو السرية. فقد قدمت إسرائيل "تنازلها" الرئيسي بالاستعداد للاعتراف بمنظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، الأمر الذي شكل المطلب الأول للجانب الفلسطيني في تلك الفترة وتحديدا في مفاوضات واشنطن.
وبالمقابل، قدمت المنظمة تنازلها الرئيسي عندما قبلت التوقيع على اتفاق لا يتضمن وقف إسرائيل لسياسة توسيع المستوطنات في المناطق المحتلة، الأمر الذي شكل المطلب الأول للجانب الفلسطيني في مفاوضات واشنطن. وقد فهمت إسرائيل من ذلك قابلية قيادة المنظمة لإبداء المرونة في قضايا جوهرية، مقابل مكاسب تتعلق بمكانتها، ومكان وجودها، وتغطية احتياجاتها المالية، ومنذ ذلك الحين استمرت إسرائيل في التعامل مع الجانب الفلسطيني على نفس الأساس.
وقد ساعد في ذلك طبيعة الأداء القيادي الذي يعتمد أسلوب اتخاذ القرار الفردي أو الشللي، والذي يغيب ويضعف البناء والأداء المؤسسي. فقد تم إدارة مفاوضات أوسلو بشكل فردي أو انتقائي وفي غياب معرفة أو إشراف أو مرجعية أية هيئة كانت. وقد انسحب ذلك على الأداء التفاوضي الفلسطيني منذ ذلك الحين حتى تجربة مفاوضات أنابولس الجارية الآن.
وكان دائما في جعبة إسرائيل ما تقدمه في هذا الصدد مقابل الحصول على مواقف تمكن من"دفع عملية المفاوضات إلى الأمام". فقد سمحت إسرائيل لقيادة م.ت.ف بأن تنتقل إلى الضفة والقطاع لتتولى السلطة هناك، وعقدت معها اتفاقات لاحتكار استيراد سلع أساسية من إسرائيل، كمشتقات البترول، ومن الخارج كالتبغ والإسمنت، مما وفر سيولة مالية هائلة سهلت بناء التحالفات الداخلية اللازمة وتقوية من يلزم تقويتهم ولكن بالاعتماد على إسرائيل و التبعية لها. كذلك ابتدعت إسرائيل نظام الشخصيات الهامة لتعطي "مكانة خاصة" لمن يلزم، ثم شجعت بالتعاون مع الولايات المتحدة الدول المانحة على العطاء السخي بعد كل انفراج تفاوضي، والإحجام والتباطؤ عند كل استعصاء تفاوضي.
وفي مقابل ذلك وبموازاته، ابتدعت تقسيم المناطق الفلسطينية إلى أ، ب، ج، وأخرجت القدس والمقدسيين من نطاق السلطة، وفرضت الحواجز وقيدت الحركة، وامتنعت عن تنفيذ الانسحابات المقرة، والأهم استمرت في مصادرة الأراضي وتوسيع المستوطنات في باقي المناطق المحتلة خاصة في القدس.
في المحصلة أدى أداء قيادة م.ت.ف إلى وقوعها في المصيدة الإسرائيلية، وإلى تحولها إلى رهينة للإرادة الإسرائيلية وإلى فقدانها للخيارات الإستراتيجية وإلى تبعية بنيوية ومالية ولوجستية لإسرائيل. وقد أوصل هذا إسرائيل إلى الاستنتاج بأنها لم تعد تحت أي ضغطٍ يذكر من أجل أن تفي بالتزاماتها. وقد أدى هذا إلى نتيجتين، الأولى فقدان عملية السلام، لأنها ديناميكية تدفعها إلى الأمام فتجمدت، والثانية انتشار الإحباط لدى الشعب الفلسطيني الذي بدأ يتحول عن هذه القيادة نحو البديل الوحيد المتاح سياسيا وإيديولوجيا: حماس.

 

ولقد نتنح عن فوز حماس في الانتخابات التشريعية واقع شاذ بسبب التضارب بين الرئاسة الفتحاوية والحكومة الحمساوية، ومما فاقم الوضع، أن كلا الطرفين كان على يقين بأن الطرف الآخر لن يستمر في الولاء للعبة الديمقراطية.
وقد عملت فتح على جعل مهمة الحكم لحماس صعبة قدر الإمكان، وعمل الرئيس على استخدام كل المساحة المتاحة له دستوريا بما فيه تفعيل الأجهزة الأمنية الثلاثة الرئيسية التي يجعلها القانون الأساسي تحت مسؤوليته.  وفي نفس الوقت استفادت الرئاسة من مقاطعة المجتمع الدولي لحكومة حماس لكي تمر المساعدات الدولية عبر مؤسسة الرئاسة. وبشكل مواز استمرت العناصر المسلحة في حماس بالإعداد والتنظيم والتحريض والتسلح بما فيه إنشاء القوة الأمنية التنفيذية الخاصة بها.   
وقد خلق اتفاق مكة ردود فعل متباينة في حماس، فالعناصر المنخرطة في العمل السياسي الحكومي والبرلماني وجدت فيه منفذا للنجاح، مما دفعها لبعض السلوك والتفكير السياسي وعزز لديها مصلحة بنجاح حكومة الوحدة الوطنية.  ولكن هذه التطورات - حكومة الوحدة وانخراط عناصر حماس فيها بالعمل السياسي إلى جانب جهود تفعيل الأجهزة الأمنية التابعة للرئاسة - عزز قلق الجناح المتشدد في حماس الذي يعتمد بمكانته وقوته على العمل العسكري لا السياسي.
ومما اضعف من موقف الاتجاه المعني بنجاح تجربة حكومة الوحدة الوطنية الناتجة عن اتفاق مكة فشل هذه الحكومة بإقناع المجتمع الدولي بإنهاء الحصار الاقتصادي والمقاطعة التي كانت مفروضة على حكومة حماس السابقة، ولهذه الغاية كانت حماس قد قبلت استعمال لغة سياسية لينة نسبيا في برنامج الحكومة المشتركة مثل الموقف الايجابي من المبادرة العربية.
ولعوامل عديدة منها التوازنات في موازين القوى بين فتح وحماس وكذلك التوازنات داخل حماس نجحت الحركة في فرض سيطرتها العسكرية على قطاع غزة - الجزء الوحيد في المناطق الفلسطينية غير الخاضع للسيطرة الإسرائيلية المباشرة ولكن المقيدة – بعد معارك شرسة في أواسط حزيران 2006.
وبهذا يكون تنامي قوة حماس على حساب فتح، ونجاحها في الانتخابات وسيطرتها على قطاع غزة، وطريقة إدارتها للازمة الداخلية، قد فاقم من خطورة الأوضاع الداخلية بدلا من معالجتها، وكرس قابلية الوضع الداخلي للتأثر بالتقاطبات الإقليمية والمؤثرات الخارجية بما فيها الإسرائيلية.
وخلال عام ونصف من الانقسام، نشأت في كلا الجانبين مصالح خاصة وضيقة نتيجة  واقع الانقسام القائم، وأدى مرور الزمن إلى خلق وقائع جديدة تساهم في تكريس الانقسام وتجعل عودة الأمور إلى الوراء أصعب مع مرور كل يوم جديد.

 

الخلاصة:


لقد أدت هزيمة القيادة الفلسطينية وفقدان الجزء الأول من فلسطين عام 1948 إلى نهاية دور تلك القيادة التاريخ، كما أدت هزيمة الأنظمة العربية الثورية أمام إسرائيل عام 1967 إلى نهاية دورها التاريخي كمصدر أمل للشعب الفلسطيني بتحرير فلسطين وبالتالي مكانتها الشعبية. وبقدر أو بآخر (وهذا المقدار ستحدده السنوات القليلة القادمة)، فقد أدى فشل قيادة م.ت،ف في إنهاء الاحتلال سواء عن طريق الكفاح المسلح، أو العمل الدبلوماسي التفاوضي وتراجع إمكانية الحل القائم على الدولتين الذي تبنته إلى بداية نهاية الدور التاريخي لهذه القيادة.
لقد كان الموقف من الاحتلال الإسرائيلي، والمساهمة في جهود إنهائه من أهم عوامل التأييد الجماهيري للقوى المنظمة والشخصيات السياسية و الدينية الفلسطينية. وقد استمدت قيادة م.ت.ف مكانتها وقوتها وشعبيتها من خلال دورها الريادي في قيادة الكفاح ضد الاحتلال الإسرائيلي، ومن أجل إعادة اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم . وأدى تخليها عن قيادة كفاح الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال، وفي نفس الوقت إخضاعها من قبل إسرائيل في سياق طريقة تطبيق اتفاق أوسلو وطريقة إنشاء وإدارة السلطة الفلسطينية وعلاقتها مع إسرائيل، إلى تراجع مكانتها ووحدتها إلى درجه لا تبدو معها قابله للعودة للوراء وبالتالي إلى بدايه نهاية دورها التاريخي.
وفي المقابل ، أدى انخراط جماعه الإخوان المسلمين في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي تحت اسم أكثر ملائمة هو حركة المقاومة الإسلامية، إلى زيادة مكانتهم الشعبية وبالتالي وزنهم السياسي. وقد بدأ ذللك بمشاركتهم، ولو بشكل متأخر، في الانتفاضة الأُولى، ثم عمليات المقاومة في الانتفاضةِ الثانية.
ملاحظة: نشرت هذه المقالة في مجلة الدراسات الفلسطينية.


عضو المكتب السياسي
حزب الشعب الفلسطيني
31/1/2009