هناك روايتان متوازيتان في حالة الطوارئ. فهناك من يعتبرونها اختراع غير مناسب استهدف اعطاء السلطة التنفيذية قوة غير محدودة تقريبا، وتمكين اصحاب النفوذ السياسي من تشكيل نظام ديكتاتوري بصورة قانونية. وآخرون يعتقدون أنه يمكن أن تكون اوضاع متطرفة فيها يحدق بالمجتمع خطر استثنائي، وهؤلاء يمكنهم المطالبة بتشريع سريع للتعامل مع هذا الخطر.
يمكننا ايجاد الدعم لكل رواية من الروايتين. لذلك يمكن الافتراض بأن هناك حالات فيها حالة الطوارئ والاحتياجات الخاصة التي ينتجها تعكس واقعا حقيقيا وخلفه اعتبارات موضوعية لصالح الجمهور. ومن خلال تبني هذا الافتراض مقبول في معظم الدول ولدينا ايضا نقل قوة التشريع في حالة الطوارئ من السلطة التشريعية الى السلطة التنفيذية. واسباب ذلك الاساسية هي أنه في حالة الطوارئ يمكن أن تكون صعوبة في جمع البرلمان الذي يعد بشكل عام مئات الاعضاء وأنه مطلوب القيام بخطوة تشريعية سريعة تختلف عن النظام التشريعي المعتاد.
يبدو أن الانتقال من الحاجة الى التعامل مع حالة الطوارئ ونقل القوة التشريعية للحكومة يعتبر قفزة غير ملزمة. يمكن ايجاد حل آخر غير مرتبط بمصادرة قوة المشرع أو تشويش نظام الحكم المتعلق بذلك. يمكن، هذا ما يفعله الدستور الالماني، أن يتم تشكيل في الجسم التشريعي لجنة طوارئ وأن توضع في أيديها القوة التي تعطى للحكومة في دول اخرى. الفكرة هي أن اللجنة لا تكون كبيرة جدا من جهة (من اجل عدم الاثقال على قدرة عملها)، ومن جهة اخرى كبيرة بما فيه الكفاية كي يكون فيها تمثيل لنسب القوى للقوائم التي توجد في الكنيست.
في اقتراح دستور بالتوافق من قبل المعهد الاسرائيلي للديمقراطية والمجلس الجماهيري برئاسة الرئيس الراحل شمغار، الذي عمل الى جانبه، اقترح أن تكون اللجنة مشكلة من 20 عضوا. صلاحيتها الاساسية ستكون وضع لوائح حالة الطوارئ التي تقتضيها الحالة، وهي تقوم بذلك من خلال عملية ناجعة ومنسقة من ناحية المدة والجودة للحاجات الطارئة.
ويمكن ايضا اعطاء صلاحية للجنة من اجل الاعلان عن حالة طوارئ لفترة قصيرة (اسبوع مثلا، إلا اذا تم تمديدها أو الغاءها قبل مرور الفترة)، عندما تكون الحاحية لذلك ولا يكون بالامكان عقد الكنيست التي هي المؤسسة المسؤولة في الوضع العادي عن اعلان حالة الطوارئ.
بفضل التكنولوجيا الحالية، لجنة الطوارئ التي ستشكلها الكنيست يمكنها القيام بعملها ايضا بدون حضور الاعضاء الجسدي، على اساس اجتماع افتراضي، يمكن ضمان امكانية عقده دائما. وفقط اذا فشل هذا النظام ولم تتمكن اللجنة أبدا من القيام بعملها تنتقل الصلاحية للحكومة.
هناك بعض الاعتبارات التي تؤيد هذه الفكرة: حسب مبدأ فصل السلطات، أو بشكل أدق، توزيع الصلاحيات مع توازنات وكوابح "لا يوجد أي هيئة تشريعية غير السلطة التشريعية التي اعطيت لها فقط صلاحية التشريع" (القاضي زيلبر في قرار حكمه ضد المستشار القضائي). من الحيوي الحفاظ على ذلك اذا كان هذا الامر فقط ممكنا. اعطاء الصلاحية للهيئة التشريعية يقلل خطر استغلال حالة الطوارئ من قبل الحكومة من اجل تحويل النظام الى نظام ديكتاتوري.
حالة الطوارئ بالضبط يمكن أن تقتضي حرص اكثر تشددا للدولة على الجمهور والمطالبة بتضحيته الكبيرة المطلوبة من اجل النجاة من حالة الطوارئ. من الضروري أن يكون الجسم الذي يفعل ذلك يحظى بثقة الجمهور. كنيست بكامل هيئتها أو كنيست مصغرة (لجنة طوارئ) تلبي هذا الطلب اكثر من الحكومة. الحكومة يمكن أن تكون حكومة انتقالية، والتجربة علمتنا مؤخرا امكانية وجود وضع انتقالي لا ننتقل منه الى أي مكان، حكومة اقلية أو حتى "حكومة اقزام" تخضع بالكامل لأوامر رئيس الحكومة لا يمكنها أن تقول له "لا".
في حالة طوارئ من الطبيعي أن الجهات التنفيذية المختلفة المسؤولة عن مواجهة الوضع، ستطلب لنفسها صلاحيات موسعة بقدر الامكان. ومن الطبيعي ايضا أن الاعتبارات التي تؤيد تقييد الصلاحيات، مثل الثمن المقرون بها من ناحية الاضرار بحقوق الانسان والثمن الاقتصادي والاجتماعي، سيتم تجاهلها.
اجواء حالة الطوارئ والخوف الذي يكتنفها تؤدي الى أن كل الوسائل تعتبر مشروعة. ومن اجل ضمان اجراءات سريعة، لكن منظمة، ترتكز على المعرفة والتنور، مطلوب الابتعاد النسبي عن الجهات التنفيذية والطرق على طاولتها. هذا الابتعاد الموجود في الكنيست، التي تتعرض بدرجة اقل من الحكومة الى "الروح التنفيذية"، يمكنه الدفع قدما بفحص دقيق للاهداف المراد تحقيقها وملاءمة الوسائل معها.
هكذا، توجد احتمالية افضل لاصدار قرارات مبررة ومتزنة، مثل التي تحقق محاربة الجهة التي تخلق حالة الطوارئ، مع تقليص الثمن والاضرار المتعلقة بذلك. هذه القرارات ستضمن ثقة الجمهور ومعنوياته ومناعته الاجتماعية في هذه الفترة الصعبة.
إضافة تعقيب