هآرتس- 6/12/2020
في عملية الحيونة الجماعية، فان رصاص "التوتو" هو جزء لا ينفصل عن وسائل قمع مظاهرات الفلسطينيين. وباسم تحرير المرأة والمساواة هناك المزيد من النساء الاسرائيليات اللواتي يتطلعن الى المشاركة، ويشاركن بصورة أكثر نشاطا في سلب حرية الآخر
هل احتفل الجنود عندما اصاب أحدهم أول أمس بإصابة دقيقة بطن الطفل علي أبو عليا ابن 14 سنة، والذي توفي بعد ذلك متأثرا بجراحه؟ هذا ليس تساؤل لا اساس له لأنه في يوم الجمعة الماضي، 27 تشرين الثاني، احتفل رجال الشرطة وجنود حرس الحدود بعد أن اصاب أحدهم بإصابة دقيقة برصاصة قدم فتى فلسطيني آخر. فيلم فيديو مرفق بالنسخة الرقمية لهذا المقال، خلد فرحة الشرطيات ورجال الشرطة. المتحدث بلسان الشرطة لم يكلف نفسه حتى عناء الاجابة على سؤال "هآرتس" عن سبب هذه الفرحة والسرور.
في الماضي عندما نشرت شهادات تعبر عن رضى وسعادة الجنود بالدم الذي تم سفكه، سمع الرد الرسمي بأن "هذا ليس اسلوب الجيش الاسرائيلي". اليوم حتى التظاهر لم يعد ضروري. كل مظاهر للقسوة والحقد والجهل الخبيث – الذي عنوانه الفلسطينيون – تظهر للإسرائيليين أمر طبيعي ومقبول، جزء لا يتجزأ من اسلوب حياتهم.
ظروف إطلاق النار في يومي الجمعة متشابهة. فلسطينيون يتظاهرون ضد بؤرة استيطانية اسرائيلية عنيفة تسيطر على اراضيهم، قوات الجيش وحرس الحدود يستخدمون على الفور العنف الذي يؤدي الى رد عدد من الشباب الفلسطينيين. يوم الجمعة الاخير كان هذا في المدخل الشرقي لقرية المغير، وفي الاسبوع الذي سبقه – كان جنوبا قرب بئر المياه للسلطة الفلسطينية في عين سامية. هذان المكانان يقعان شمال شرق رام الله، وحتى الآن أنا لا أعرف تركيبة القوة التي أطلقت النار على المتظاهرين أول أمس. في عين سامية وجود النساء الاسرائيليات المسلحات كان أكثر بروزا. يوجد للنسوية في اسرائيل طفرة خطيرة وهي المطالبة بأن تشغل النساء المزيد من الوظائف (القتالية). لا يمكن معرفة هل ستضطر النساء الى أن يدافعن عن الوطن ذات يوم من جيش أجنبي. في هذه الاثناء هن – مثل الجنود الذكور – يعززن الاحتلال الاسرائيلي ويدافعن عن ثماره: البؤر الاستيطانية والمستوطنات، وجميعها غير قانونية. المجندات، مثل الجنود، سواء كن مقاتلات أم لا – يتم ارسالهن للدفاع عن تنفيذ الوصية اليهودية بالتنكيل والسلب والطرد.
الطفرة السادية للنسوية في اسرائيل حظيت بنموذج تمثيلي في فيلم الفيديو الذي صوره المصور الصحافي هاشم أبو شقرة. في الفيلم نشاهد قوة لحرس الحدود بالزي الرمادي – ثلاثة من رجال الشرطة وشرطيتان، جميعهم يحملون حقائق على الظهر، مزودين ببنادق واجهزة لإطلاق الرصاص المطاطي، المعروفة بقدرتها على اقتلاع العيون. اظافر احدى الشرطيات المسلحات مطلية باللون الوردي، هذا ما لاحظته متظاهرة اسرائيلية.
رجال الشرطة ظهروا مرتاحين وهم يشاهدون ما يحدث على بعد بضع عشرات من الامتار. دخان كثيف يتصاعد من إطار سيارة تم احراقه، عدد من الشباب يدورون حوله، اثنان يلوحان بمقلاع، الذي احتمالية أن يصيب الحجر الموجود فيه الشارع أو الجنود، ضئيلة. قبل ذلك رجال الشرطة والجنود استبقوا المسيرة الاحتجاجية التي خرجت من قرية كفر مالك بإطلاق الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت. هذا هو النموذج المعروف لتفريق مظاهرات الفلسطينيين في مرحلتها الاولى. بعد ذلك أطلقت ايضا رصاصة مطاطية ورصاص معدني مغطى بالمطاط.
في فيلم الفيديو يظهر جندي من حرس الحدود وهو ينبطح في وضعية القنص خلف باب السيارة العسكرية المفتوح. خلف الباب تجمع شرطيان وشرطيتان. المصور أبو شقرة قال لباحث "بتسيلم"، اياد حداد، بأنه لاحظ ضابط وهو يعطي تعليماته للجندي المنبطح على الارض. "كان هذا وكأنه يدربه ويعلمه كيف يقوم بالقنص". هذا الانطباع المتولد.
كان هذا عند الظهر تقريبا، فجأة سمع إطلاق نار وحيد. في الفيلم شوهد أحد الشباب، الذي كان يلوح بالمقلاع، وهو ينحني فجأة ويمسك بكاحله. الرصاصة اصابته. أحد رجال الشرطة قام بالتصفيق. الشرطيتان هنأتا الجندي المنبطح بلمسة خفيفة بقدمهما. بعد أن وصلت سيارة الاسعاف وأخذت المصاب، احدى الشرطيات سارعت الى معانقة القناص الذي نهض وصرخت بشيء مثل "ما هذا الجمال". أحد رجال الشرطة، كما يبدو القائد، سمع وهو يقول "ممتاز". المراسلون المتواجدون في المكان، بمن فيهم أبو شقرة، شخصوا على الفور بأن الامر يتعلق برصاصة "توتو" أطلقت من بندقية روجر.
في الرد على الصحيفة، المتحدثة بلسان الشرطة، سمت المظاهرات خرق عنيف للنظام، وأكدت على أنه في إطار الاساليب لتفريق المظاهرات تم استخدام بندقية "روجر"، وذلك "حسب مصادقة الجهة العسكرية المسؤولية وطبقا للإجراءات، باتجاه أحد خارقي النظام الذي كان ينوي رشق حجر على القوات، وبعد أن رشق بضعة حجارة بواسطة المقلاع".
"الروجر" يطلق رصاصات بقطر 0.22 انش (من هنا جاء اسم توتو)، وهذه رصاصات حية رغم أن قوتها اقل من الرصاص العادي، ويمكن أن تكون قاتلة أو أن تتسبب بإصابات خطيرة. في العام 2009 ردا على سؤال لبتسيلم قال المدعي العام العسكري، مناحيم مندلبليت، بأن الجيش لا يعتبر "توتو" وسيلة لتفريق المظاهرات أو الاخلال بالنظام. في تلك الفترة قتل على الاقل متظاهران فلسطينيان بسبب الـ "توتو".
ومنذ ذلك الحين اضيف الى القائمة على الاقل خمسة متظاهرين آخرين قتلوا بـ "التوتو". الآن، في عملية الحيونة الجماعية، فان التوتو هو جزء لا ينفصل عن وسائل قمع مظاهرات الفلسطينيين. وباسم تحرير المرأة والمساواة هناك المزيد من النساء الاسرائيليات اللواتي يتطلعن الى المشاركة، ويشاركن بصورة أكثر نشاطا في سلب حرية الآخر.
إضافة تعقيب