news-details

كوربين لا يطارد لانه معادٍ للسامية بل لأنه مناهض للاحتلال والرأسمالية

جيجك: سياسة الخيارات الراديكالية هي السياسة المبدئية الوحيدة: يجب أن نختار خيارًا يكون فيه الاختيار ضروريًا ونرفض خيارًا يكون فيه خيارًا زائفًا. اليوم، يجب أن نرفض بشدة إساءة الاستخدام السياسي للصهيونية التي تدين كل تعاطف مع الفلسطينيين على أنه معاد للسامية، وعلينا في نفس الوقت أن نرفض بلا تردد الإرهاب الإسلاموي الذي تجلى في هجمات المذابح الأخيرة في فرنسا (باريس، نيس).

أعلن حزب العمال البريطاني تعليق عضوية رئيسه السابق جيرمي كوربين على ضوء ما قاله بعد نشر تقرير ادعى بأن "الحزب مسؤول عن مضايقات وتمييز في تعامله مع الشكاوى المعادية للسامية"، وقال بيان الحزب إنه تم تعليق كوربين لحين الانتهاء من التحقيق في الأمر، في حملة انقلاب سياسية مبيتة لكل ما مثله كوربين وتياره داخل الحزب. وادعى التقرير بأن الحزب قام بشكل غير قانوني بمضايقة اليهود والتمييز ضدهم. وأن "مراجعة تاريخية أجرتها لجنة المساواة وحقوق الإنسان أن حزب العمال ارتكب أعمالًا غير قانونية في ثلاث مناطق مختلفة خلال السنوات الماضية تحت رمز اليسار الراديكالي".

وأصدر كوربين، بيانًا قال فيه إنه بينما كانت هناك معاداة للسامية داخل صفوف حزب العمال، فإن حجم المشكلة مبالغ فيه أيضًا لأسباب سياسية من قبل خصومنا داخل الحزب وخارجه. وفي رد كوربين على التقرير، قال إن معاداة السامية "بغيضة تمامًا" وأصر على أن فريقه أطلق تغييرات داخلية لمعالجة المشكلة اعتبارًا من عام 2018. لكنه قال إنّه "لم يقبل كل ما توصل إليه من نتائج". وأضاف أن "حجم المشكلة تم المبالغة به بشكل كبير لأسباب سياسية من قبل خصومنا داخل وخارج الحزب، وكذلك من قبل الكثير من وسائل الإعلام". وأدان كوربين تعليق عضويته بالحزب ووصفه بأنه "تدخل سياسي" وقال إنه "سيعارض بشدة" الإجراء.

والحملة السياسية ضد جيرمي كوربين واتهامه بمعاداة السامية تخاض ضده طوال مسيرته السياسية بسبب دعمه الدائم للشعب الفلسطيني وقضيته وحقوقه وانتقاده لجرائم الاحتلال الاسرائيلي، وتصاعدت هذه الحملة ضده بشكل كبير حينما كان مرشحًا لنيل منصب رئاسة الوزراء، وقد تعهد ان يكون اول قرار له إذا حصل عليه، الاعتراف بدولة فلسطينية،وكان للحملة الصهيونيّة المتحالفة مع رأس المال في بريطانيا دور كبير في خسارته الانتخابات.

وكان ستارمر، رئيس الحزب الحالي الذي يقف وراء قرار تعليق عضوية كوربين، قد صرح بعيد إعلان انتخابه قبل أشهر عن "اعتذاراته" لما سمّاه "معاداة السامية داخل الحزب". وفي كلمة بثها التلفزيون بعيد انتخابه من قبل أعضاء الحزب، قال ستارمر "باسم حزب العمال أعتذر"، متعهدًا "بنزع سمّ" معاداة السامية. وعلى عكس سلفه جيرمي كوربين المرشح الرئاسي الأكثر انحيازًا للقضية الفلسطينية في تاريخ البلاد، يعتبر ستارمر من مؤيدي إسرائيل ولدى ستارمر أقارب في تل أبيب، وقد أعرب مؤخرًا عن التزامه لإسرائيل، قائلًا "إذا كان تعريف كونك صهيونيًا هو الإيمان بدولة إسرائيل، فأنا بهذا المعنى صهيوني".

وكان حزب العمال منذ وصول القائد الاشتراكي جيرمي كوربين الى رئاسته يمر بتغيير تاريخي وتحول خطاب المنحازين الى قضية فلسطين والمعادين للاحتلال الإسرائيلي الى مركز الحزب بعد أن كان لسنوات طويلة في الهامش. قبل ان يتم الانقلاب على خط كوربين بعد خسارة الانتخابات، الانقلاب السياسي الذي توج اليوم بتعليق عضوية كوربين بتهمة معاداة السامية.

وكان قد تبنى الحزب تحت رئاسة كوربين قرارًا وُصف بالتاريخي، دعا حزب العمال البريطاني، إلى تطبيق حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي هجروا منها عام 1948، موصيًا بمنع استيراد بضائع المستوطنات الإسرائيلية وتصدير السلاح الى إسرائيل. جاء ذلك خلال انعقاد المؤتمر السنوي العام لحزب العمال في مدينة برايتون البريطانية، بحضور رئيس الحزب وأعضاء من حكومة الظل وقيادات حزبية وبرلمانية ومئات من أعضاء الحزب. وصوّت الحزب خلال المؤتمر لصالح قرارٍ يدعو لـ"تجميد بيع الأسلحة لإسرائيل، وفتح تحقيقٍ حول الانتهاكات الإسرائيلية واستخدام القوة في قتل وقمع وإصابة المتظاهرين العزّل في مسيرات العودة الكبرى، والرفع الكامل وغير المشروط لحصار غزة".

وكان الفيلسوف السلوفيني سلافوي جيجك قد علق بعد خسارة حزب العمال في الانتخابات الاخيرة أن السبب كان حملة اغتيال الشخصية المنظمة التي شُنّت ضد جيرمي كوربين، "الذي صُنف بواسطة "مركز سيمون ويزنتال" الأمريكي على أنه "الشخصية الأكثر لا-سامية في عام 2019"!، وهذه كانت حالة تدخل خارجي واضح في الانتخابات البريطانية، على الأقل أوضح من التدخل الروسي المزعوم في الانتخابات الأمريكية".

وأضاف: "الصحفي جدعون ليفي توقع بدقة أن الخلط الأرعن بين نقد سياسات إسرائيل وبين اللا-سامية سيغذي نهوض موجة جديدة من اللاسامية، ويمكننا أن نرى بوضوح أين سيوصلنا هذا الطريق. كما تعلّمنا الماركسية فان اللاسامية هي مناهَضة مشوهة للرأسمالية: حيث انها تحيل المعاناة الاجتماعية التي تنتجها الرأسمالية الى عامل خارجي (اليهود). الخطورة هنا أن يتم الذهاب بخطوة حاسمة أكثر واعتبار أي مناهضة راديكالية للرأسمالية على انها شكل من أشكال اللاسامية والإشارات المتعددة على ذلك موجودة في جميع أنحاء العالم، هل يُمكننا تخيل طريقة أكثر خطورة للتحريض على الكراهية؟"

وتابع: "وأجد ذلك مثيرًا للقلق خاصة حينما يجتمع هذا الموقف الداعم بشكل كامل للرأسمالية مع الحب المكتشف حديثًا من قبل المسحيين المحافظين في أمريكا لإسرائيل: كيف يتفق أن المسيحيين الأصوليين الأمريكان الذين هم بطبيعتهم لا-ساميون، يدعمون الآن بشغف سياسات دولة إسرائيل؟ هناك تفسير واحد لهذه المفارقة: ليس أن المسيحيين الأصوليين الأمريكان قد تغيروا، بل انها الصهيونية نفسها، وكرهها لليهود الذين لا يتماثلون مع سياسات دولة إسرائيل، تحولت ويا للمفارقة الى لا-سامية بحد ذاتها. بكلمات أخرى فإنها تصور شخصية اليهودي الذي يشكك بالمشروع الصهيوني على انه في صفوف اللا-سامية".

نشر الفيلسوف الاشتراكي سلافوي جيجك مقالاً آخر قبل ايام يتطرق للحملة ضد كوربين وقرار تعليق عضويته في حزب العمال بتهمة معاداة السامية يتطرق فيه الى البروباغندا التشويهية التي يواجهها اليسار والى الخيارات الراديكالية امامه ترجمناه لصحيفة الاتحاد، وكذلك ترجمنا بيانًا للمفكر الامريكي اليهودي نعوم تشومسكي يفند فيه الادعاءات ضد جيرمي كوربين ويوضح طبيعة الحملة الصهوينية التي تحاول أن توصم كل معاد لسياسة اسرائيل على انه معاد للسامية.

سلافوي جيجك

سلافوي جيجك: لم يتم فصل جيرمي كوربين من حزب العمال بسبب معاداة السامية، بل بسبب مناهضته للرأسمالية

الزعيم السابق لحزب العمال البريطاني هو آخر شخصية يسارية تم إسقاطها بوساطة مزاعم كيدية عن "كراهية اليهود"، حتى لا يضطر خصومه للانخراط في مناقشة حجته الحقيقية، وهي أن الرأسمالية قد فشلت وما زالت تفشل.

في 29 أكتوبر، تم تعليق عضوية جيرمي كوربين في حزب العمال البريطاني - لماذا؟
استخلصت "لجنة المساواة وحقوق الإنسان"، وهي هيئة مراقبة المساواة في "المملكة المتحدة" في تحقيقها المكون من 130 صفحة بادعاء أن حزب العمال كان بإمكانه معالجة معاداة السامية بشكل أكثر فعالية "لو اختارت القيادة القيام بذلك"، وتم تعليق عضوية كوربين بعد أن قال معاداة السامية في الحزب "تم المبالغة بشأنها بشكل كبير لأسباب سياسية". إن عملية التطهير هذه ستثير بالطبع صراعًا مفتوحًا بين زعيم الحزب الجديد كير ستارمر وأعضاء البرلمان المؤيدين لكوربين ومن بينهم جون ماكدونيل. وقد صرح ستارمر بالفعل إن يوم صدور تقرير اللجنة يرقى إلى "يوم عار" في تاريخ الحزب.

ولكن ماذا لو كان تحييد كوربين هو الذي يشكل "يوم عار" لحزب العمال للسبب المعاكس تمامًا، لأنه حدث أصلاً؟ ماذا لو تم تحييد كوربين ليس بسبب "معاداته للسامية" (وهو في الحقيقة ليس كذلك بالتأكيد)، ولكن بسبب موقفه النقدي تجاه الرأسمالية، مع استخدام "معاداة السامية" كغطاء؟ ماذا لو كان تحييد كوربين هو مجرد الحلقة الأخيرة المحزنة في سلسلة البروباغندا المتصاعدة المعادية لليسار والتي تصنف كل من ينتقد المنظومة الحالية على أنه "معاد للسامية"، من بيرني ساندرز إلى يانيس فاروفاكيس.     

لكن الأمور تمتد إلى ما هو أعمق من ذلك هنا. يتوقع المرء أنه بسبب الرعب العالمي من وباء كورونا، ستتراجع صراعات أخرى، بالطريقة التي شكل بها المحافظون وحزب العمال، خلال الحرب العالمية الثانية، ائتلافًا حكوميًا يعمل بشكل جيد. ولكن ما يحدث هنا انه مع  استمرار الجائحة، تنفجر العديد من الصراعات الأخرى بطريقة أقوى (أرمينيا وأذربيجان والإسلام والغرب...). وسبب تفجر هذه الصراعات  ليس مجرد استغلال الفرصة أن الجميع منشغل بمكان آخر، بمحاربة الوباء. يعتبر الوباء صدمة لدرجة أنه يجبر كل مجتمع على التشكيك في أسسه الاجتماعية والأيديولوجية. يتضح هذا في الولايات المتحدة حيث يكتسب الصراع الأساسي المفرط بعدًا ميتافيزيقيًا تقريبًا: الحس المشترك اليومي مقابل العلم. يؤيد ترامب التنصل من مواجهة جائحة كورونا، من أجل استمرار حياتنا الاجتماعية مهما كان الثمن - بالنسبة له، السبب في أن وسائل الإعلام تركز على موضوع كورونا هو سياسي، إنها استراتيجية للتعتيم على إنجازات ترامب!


في ظهور لها في احدى اجتماعات زوجها الانتخابية، نددت ميلانيا ترامب بـ "الأجندة الاشتراكية" لبايدن - فماذا عن كمالا هاريس التي يُنظر إليها عادة على أنها يسارية أكثر من بايدن المعتدل للغاية؟ كان دونالد ترامب واضحًا بشأن هذه النقطة: "إنها شيوعية. إنها ليست اشتراكية. إنها أبعد من الاشتراكية. إنها تريد فتح الحدود للسماح للقتلة والمغتصبين بالتدفق إلى بلدنا". (بالمناسبة، منذ متى أصبحت الحدود المفتوحة سمة من سمات الشيوعية؟).


رد بايدن على الفور: "لا يوجد جملة واحدة قلتها من قبل يمكن أن تقود إلى الاعتقاد بأنني اشتراكي أو شيوعي". في الواقع هو محق، لكن هذا الدفاع  يخطئ الهدف: إن تصوير بايدن كاشتراكي / شيوعي ليس مجرد مبالغة خطابية، إنه حالة نموذجية لما يجب أن نطلق عليه "واقعية التوهم" - المفاهيم ليست مجرد أسماء، إنها هيكلة الفضاء السياسي ولها آثار فعلية. إن "التخطيط المعرفي" الذي صنعه ترامب للفضاء السياسي هو انعكاس متماثل تقريبًا للخريطة الستالينية حيث يُعتبر كل من يعارض الحزب جزءًا من مؤامرة فاشية. بطريقة مماثلة، من وجهة نظر ترامب، فإن "الوسط الليبرالي" لا وجود له – أو كما قال صديقه فيكتور أوربان رئيس المجر الفاشي، "الليبراليون مجرد شيوعيين يحملون شهادة جامعية"، ما يعني أنه لا يوجد سوى قطبين حقيقيين، قوميون شعبويون وشيوعيوين (أو مثلما اعتاد البلاشفة على القول في صيف عام 1917 أنه لا توجد مساحة وسط محايدة بين القيصر والبلاشفة).

ويجب أن يتفق اليسار الراديكالي مع ترامب في هذا التقسيم للخارطة السياسية: نعم، لا ينبغي للمرء أن يستبعد التحالفات التكتيكية مع الليبراليين لمحاربة العنصرية والدفاع عن حقوق المرأة، وما إلى ذلك - لكن الصراع النهائي هو الصراع بين المؤسسة (المقسمة إلى الجناح الشعبوي والجناح الليبرالي) واليسار. لذلك يجب أن نرفض الخارطة التي اقترحها الوسط الليبرالي: فكرة أنه يجب الدفاع عن الديمقراطية الليبرالية ضد كلا المتطرفين اليمينيين واليساريين. لأن السياسة اليوم يصح فيها ما قاله الفيلسوف الألماني تيودور أدورنو عن التحليل النفسي: "لا شيء أكثر صحة فيها من المبالغات".

سياسة الخيارات الراديكالية هي السياسة المبدئية الوحيدة: يجب أن نختار خيارًا يكون فيه الاختيار ضروريًا ونرفض خيارًا يكون فيه خيارًا زائفًا. اليوم، يجب أن نرفض بشدة إساءة الاستخدام السياسي للصهيونية التي تدين كل تعاطف مع الفلسطينيين على أنه معاد للسامية، وعلينا في نفس الوقت أن نرفض بلا تردد الإرهاب الإسلاموي الذي تجلى في هجمات المذابح الأخيرة في فرنسا (باريس، نيس). لا يوجد خيار هنا، ولا مقياس صحيح بين التطرفين - كما قال ستالين، كلاهما أسوأ. كان هذا الموقف المبدئي هو السبب الحقيقي لإسقاط كوربين.

نعوم تشومسكي
نعوم تشومسكي: اسرائيل تحاول تصوير كل نقد لها على انه معاداة للسامية

تشومسكي: التوجيهات من الأعلى واضحة، وتم اتباعها بإخلاص منذ ذلك الحين، وأحيانًا بطرق تذكرنا بتعليق ماركس حول المأساة التي تتكرر على أنها مهزلة: تبين أن معاداة السامية الحقيقية ليست تلك الأشياء القديمة المملة حول "قتل اليهود" وإنكار الهولوكوست، بل الاحتجاج على حرب فيتنام والجرائم الأمريكية في أمريكا الوسطى، انتقاد  ميزانيات وزارة الحرب، وبشكل عام التدخل في شكل القوة الأمريكية المدافعة عن إسرائيل. والهجمات على كوربين و على رفاقه في حزب العمال مستمدة من نفس المصادر.

التصريح الكلاسيكي المتعلق بمثل هذا الموقف هو ما قاله الديبلوماسي الإسرائيلي البارز أبا إيبان، الذي يحظى بتقدير كبير خاصة في إنجلترا باعتباره رجلًا بريطانيًا نبيلًا (خريج كامبريدج، لهجة متقنة، إلخ). في عام 1973، عندما كان وزيرًا للخارجية الإسرائيلية، كتب إيبان مقالًا مثيرًا للاهتمام في جريدة يهودية ليبرالية رائجة، أوضح فيه أن "إحدى المهام الرئيسية لأي حوار مع العالم غير اليهودي هو إثبات أن لا تمييز بين معاداة السامية ومعاداة الصهيونية على الإطلاق. معاداة الصهيونية هي مجرد معاداة جديدة للسامية".

هذا يحدد المهمة بوضوح شديد. هنا تعني "معاداة الصهيونية" نقد سياسات دولة إسرائيل. لقد أوضح ذلك تمامًا مضيفًا: "يجب ألا يكون هناك خطأ: اليسار الجديد هو أب وأم معاداة السامية الجديدة"..

في الحقيقة، كان اليسار الجديد صهيونيًا بشكل غالب، لكنه بدأ ينتقد بعضًا من سياسات الاحتلال والاستيطان غير القانوني التي كان إيبان يقودها. حدد إيبان أيضًا اثنين من المجرمين الرئيسيين: فينستين ستون وأنا، "اللذان تتمثل عقدتهما الأساسية في الشعور بالذنب بشأن نجاة اليهود" كما اتهمنا، وبالتالي فإن نقاشنا خارج نطاق النقاش العقلاني. اتهاماته الجامحة حول "اليسار الجديد"، التي تستحق القراءة، هي سخيفة بنفس القدر - كما كان يعرف هو بالتأكيد.

كانت التوجيهات من الأعلى واضحة، وتم اتباعها بإخلاص منذ ذلك الحين، وأحيانًا بطرق تذكرنا بتعليق ماركس حول المأساة التي تتكرر على أنها مهزلة. أحد الأمثلة على ذلك هو منشور رئيسي حول "معاداة السامية الحقيقية" من قبل "رابطة مكافحة التشهير" - والتي تغيرت بعد حرب 1967 من منظمة حقوق مدنية أصلية إلى مجرد محاكاة ساخرة للـ"ستالينية". تبين أن معاداة السامية الحقيقية ليست تلك الأشياء القديمة المملة حول "قتل اليهود" وإنكار الهولوكوست، بل الاحتجاج على حرب فيتنام والجرائم الأمريكية في أمريكا الوسطى، انتقاد  ميزانيات وزارة الحرب، وبشكل عام التدخل في شكل القوة الأمريكية المدافعة عن إسرائيل.

الهجمات على كوربين و على رفاقه في حزب العمال مستمدة من نفس المصادر. وهكذا ايضًا تم اتهام الناشط العريق في الحزب كريس ويليامسون بمعاداة السامية.

أصبحت الجهود، على جانبي المحيط الأطلسي، أكثر شدة، بطرق مثيرة للاهتمام، حيث أصبح من الواضح أكثر فأكثر أن إسرائيل تفقد السيطرة على الرأي العام الليبرالي وهي مضطرة للاعتماد في الدعم على العناصر الأكثر رجعية وعلى الحركة الافينجيلية الأصولية، التي تجمع بين الدعم القوي للأعمال الإسرائيلية الأكثر تطرفًا مع معاداة السامية التي لا مثيل لها (مثل تصوراتهم المسيحانية عن أولئك اليهود الذين لم "يجدوا المسيح" بنهاية الأزمنة وعودة المسيح الى ارض اسرائيل والحرب الكبرى التي يموت فيها أغلب اليهود).

أفترض أن معادي السامية الحقيقيين مسرورون برؤية اليهود يسخرون من أنفسهم بهذه الطريقة ، بينما يجب أن يرتجف الآخرون من هذا  المشهد.

هذا ليس بالطبع لإنكار أنه يمكن للمرء اكتشاف حالات من معاداة السامية في حزب العمال -لكن على مستوى إنجلترا كلها، تشير الدراسات العامة إلى أن معاداة السامية منخفضة جدًا بالمعايير التاريخية وأقل بكثير من  اشكال الاسلاموفوبيا المتصاعدة والأشكال السائدة الأخرى للعنصرية.

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب