الدكتور بطرس دله (وُلِدَ في 16-01-1934- وتوفي في 25-11-2025م) رغم علمنا بعدم قدرته على النشاط كما كان طيلة حياته معطاء ونشيطا إلاّ أن خبر وفاته وقع علينا كالصاعقة وكأننا نقول: تروَّ يا أبا حسام ... لا تغادرنا فما زال المشهد الأدبي بحاجة لكَ لمقالاتك لشعركَ، وما زالت الإصلاح بحاجة لأمثالك من المشجعين والدارسين وأصحاب حكمة الحياة... ولكننا على يقين من أن حياتنا جميعا ستنتهي في يوم من الأيام ولذا عزاؤنا دائما ففيما قدمه كل إنسان للبشر ولمجتمعه. وأنت قدمت الكثير ... وأبو حسام قدم الكثير. في حياته كما في مماته احترمه وقدره القاصي والداني: فخصصت له مجلة الشرق التي كان يحررها الأديب الدكتور محمود عباسي، عضو هيئة تحرير مجلة الإصلاح أيضا بعد توقف "الشرق" حسب طلبه أيضا، خصصت له العدد الرابع المجلد 41 تشرين الأول – كانون الأول 2011م وذلك بمناسبة عيد ميلاده الثامن والسبعين. ثم كرمته بلدية الطيبة برئاسة المحامي شعاع منصور بطباعة مجلدين من إصداراته عام 2021م، وكرمته الطيبة بحفل مهيب في قاعة البلدية بهذه المناسبة ومن ثم كرمه مجلس كفرياسيف المحلي بحفل مهيب بالمناسبة نفسها، وبهذا كان عزيزا بحياتهِ ومماتهِ. في الخامس والعشرين من تشرين الثاني 2025م، الشهر المنصرم ونحن نُعِدُّ لهذا العدد نعى الناعي وفاة الدكتور بطرس دله وحالا أصدرنا نعيا باسم مجلته\ مجلتكم الإصلاح وقد جاء في نعينا" توفي اليوم د. بطرس دلة عضو هيئة تحرير مجلة الإصلاح منذ سنوات، بقي الدكتور بطرس وفيا للمجلة وكاتبا فيها حتى لم يعد يستطيع، وتوفي وهو مشترك بالمجلة، باسم أعضاء هيئة التحرير وباسمي شخصيا نتقدم بأحر التعازي لأبنائهِ وبناتهِ وأسرته المصغرة ولجميع أفراد العائلة ولأهالي كفرياسيف والمشهد الثقافي في البلادِ عامَّة.. وستقوم المجلة بتخليد ذكراه في المستقبل. عن هيئة التحرير – مفيد صيداوي، رئيس التحرير 25-11-2025م" وحالا قمت والنقابي العريق والعضو المؤسس في هيئة تحرير مجلة الإصلاح جهاد عقل وكذلك الأديب والشاعر علي هيبي عضو هيئة التحرير بالمشاركة في الجنازة وألقيت كلمة في الكنيسة باسم هيئة تحرير مجلة الإصلاح. كان الدكتور بطرس مثقفا جامعا في ثقافته الحس الوطني والحس الطبقي والرؤيا الإنسانية ومارس كتابا وقولا وعملا العديد من الفنون مثل العزف على بعض الآلات الموسيقية، وقرض الشعر، والنقد الأدبي وكتابة القصة وغير ذلك من فنون الأدب والثقافة، هذا وبعد تقاعده نشط في زيارة المدارس وتقديم المحاضرات واللقاءات في المدارس الثانوية والإعدادية والابتدائية. وعانى في حياته ما عاناه شعبه بسبب النكبة عام 1948م، فلنقرأه يقول عن تأثير النكبة عليه شخصيا:"فبعد إنهاء الصف السابع توجهتُ إلى المدرسة الوطنية الثانويّة في عكّا لأتعلم في الصّف الأول الثانوي، إلاّ أن حرب 1948م والنكبة الفلسطينية حالت دون إكمالي الصَّفَّ الأول الثانوي، وقامت دولة إسرائيل في 14 أيّار من عام 1948م وقضيتُ سنتينِ من الضياع أي حتّى الفاتح من أيلول 1948م عندما قرر المجلس المحلي برئاسة خالد الذكر المرحوم ينّي يني فتح صف تاسع كنواة للمدرسة الثانوية عدت إلى الصف التاسع ولم أتعلم في الصّف الثامن بسبب تقدمي في السِّن" (1). أما عضو هيئة تحرير مجلتكم الإصلاح، وتلميذه، الشاعر والأديب علي هيبي فقد قال عنه بكلمات الطالب الصادق:" وأنا العبد الفقيرمن كل ثانية معك أكتسب وبكل موقف انتسبت، لأنك في مواقف الشرف والرجال مواقف ذات عقولٍ صافية وعواطف دافئة وهما عندك"(2). أمّا الدكتور يوسي أمتاي المحاضر في جامعة "بن غوريون" في بئر السبع فيقول:" لك احترام خاص ليس فقط لدى " عرب إسرائيل" (الذين تحمل عنهم حرارة نار الجمرة الثقافية المشتعلة في الماضي والحاضر)، بل فإن الكثيرين من الأصدقاء اليهود يكنون لكَ الاحترام فأنت تحترم كثيرا فكرة التقارب بين القلوب بين العرب واليهود وبين الانسان وأخيهِ الانسان وتحاولُ دائما إيجادَ المشترك بينهما والذي يعلو على المُفَرِّقِ بينهما" (3). وقد كان الفقيد مثقفا موسوعيا كتب في شتى المجالات التربوية والثقافة العامة وقرض الشعر وكتابة النقد الأدبي والتابة السياسية المباشرة فها هو يكتب عن" فشل نتنياهو في قلبِ التّاريخِ وتبرئة هتلر من مذابح اليهود وتحميلها للحاج أمين الحسيني "(4).ثم ينتقل وبسلاسة لمواضيع الرثاء ولنأخذ مثالا رثاءه للشاعر الأصيل ابن تدمر العريقة الباقية الشاعر السوري الكبير عمر الفرا 1949-2015م، وكذلك رثاءه النابع من القلب لنسيبه وللمربي الثوري والمناضل العريق الأقوى من النسيان نمر مرقس حيث يقول مخاطبا نمر مرقس" عشتَ حياتك مناضلا أمميا ومكافحا ضد كلِّ أشكالِ الظلمِ وملاحقا سياسيا ولم تلن ولم تحن هامتك لأنك كنت أقوى من كل الملاحقات وأقوى من ظلم الظالم ، فلم تستسلم ولم تخضع لوعد أو وعيدٍ حتّى بعد أن أبعدت جورا عن سلك التعليم..."(5).وقد خصص الجزء الثاني من دراسات أدبية لمقالاته النقدية في القصة، والمسرحية والشعر، فكتب عن أشعار حسين مهنا، والشاعر نايف سليم، وفريد غانم ومصطفى عبد الفتاح وسعود الأسدي وعمر سعدي في كتابه دروب وأشواك من إصدار دار الأماني ومسرحية المحاصرون للكاتب عبد العزيز أبو اصبع وغيرها وغيرها من المجموعات الشعرية والمسرحيات والقصة المحلية بشكل خاص وبذلك أفاد الكتاب وأرخ لأدبنا الفلسطيني المحلي. هيئة تحرير مجلة الإصلاح مجلته تتقدم بأحر التعازي القلبية لأسرته الصغيرة ولعائلته الموسعة ولأهالي كفرياسيف الكرام ولاتحاد الادباء الفلسطينيين الذي كان أحد أركانه وللمشهد الأدبي الفلسطيني عامة بأحر التعازي القلبية ولتبقى ذكراه خالدة. (6) إشارات: مجلة الشرق عدد 4 مجلد41 تشرين الأول- كانون الأول 2011ص7-8، مقابلة معه أجراها الأديب محمد علي سعيد. هناك: ص61. هناك: ص75. د. بطرس دله (2021م)، دراسات أدبية في النقد والأدب والفكر، الجزء الأول، إصدار بلدية الطيبة، ص15- ص16. هناك: ص26. هذا المقال جزء من العروة الوثقى لعدد كانون الأول 2025م.في مجلة الإصلاح الثقافية التي تصدر عن دار الأماني للنشر والتوزيع م. ض. (عرعرة - المثلث).