في زمنٍ تتزاحم فيه الأصوات العالية، والإيقاعات السريعة، والمحتويات الموسيقية الموجّهة للأطفال دون أي رؤية تربوية، يظهر مشروع «سَمَع ملوّن» كونه خطوة رائدة في التربية الموسيقية الممنهجة للأطفال العرب. إنه ليس ألبومًا موسيقيًا عاديًا، بل مادة تربوية مُحكمة، تستند إلى رؤية فنية وثقافية واضحة، وتسعى إلى إعادة الاعتبار لدور الموسيقى في تشكيل الوعي المبكر لدى الطفل. المشروع يأتي بمبادرة وإشراف بيت الموسيقى – شفاعمرو، المؤسسة الفلسطينية التي حفرت لنفسها مكانة راسخة في المشهد الموسيقي العربي، من خلال منهجيات تربوية متقدمة واهتمام كبير بالهوية الموسيقية. /موسيقى تُخاطب الطفل… لا تُخضعه جوهر «سَمَع ملوّن» أنّه يعامل الطفل بوصفه متلقيًا كاملاً، قادرًا على التفاعل، التحليل، والانفعال. لا يُقدم المشروع موسيقى مبسّطة حدّ التفاهة كما تفعل كثير من الإنتاجات التجارية، ولا يغرق في التعقيد النظري، بل يتّخذ مسارًا وسطًا: موسيقى راقية… مبنية للأطفال، وليست مُبتذلة لهم. تضم المقطوعات: • ألحانًا جديدة كُتبت بروح عربية معاصرة. • مقطوعات تراثية أُعيد توزيعها لتناسب ذائقة الطفل دون أن تفقد أصالتها. هذا المزج يمنح الطفل فرصة للتعرّف المبكر على جماليات الموسيقى العربية: المقامات، المقاطع الإيقاعية، الآلات الشرقية، وألوان التعبير العاطفي التي تفتقدها معظم المواد الموسيقية المُنتَجة للأطفال اليوم. التربية الموسيقية بوصفها خبرة حياتية «سَمَع ملوّن» لا يكتفي بتقديم مقطوعات جاهزة، بل يبني جسرًا بين الصوت والحركة والتخيّل. كل مقطوعة في المشروع ترافقها أنشطة: • حركية • فنية • حسّية • تخيّلية تتيح للطفل أن يعيش الموسيقى بكيانه كله، لا بأذنيه فقط. فالطفل يتفاعل مع النغم، ويتحرك مع الإيقاع، ويبتكر قصصًا صغيرة مستوحاة من الموسيقى، فيتحوّل الاستماع إلى تجربة معرفية وعاطفية كاملة. هذا الأسلوب يتماشى مع أحدث الأبحاث في التربية الموسيقية، التي تؤكد أن الموسيقى في عمر 3–7 سنوات تساهم في: • تنمية الذكاء العاطفي • تحسين قدرات التواصل • تعزيز الإبداع • تطوير مهارات الذاكرة والإيقاع • دعم النمو اللغوي عبر الإيقاعات اللفظية /هوية عربية تتفتح في الأذن الصغيرة أهم ما يميّز المشروع أنّه يصرّ على جعل التراث الموسيقي العربي جزءًا طبيعيًا من تجربة الطفل المعاصر. فالطفل يسمع: • الناي • العود • الإيقاعات العربية • الجمل اللحنية التراثية لكن بطريقة جديدة تناسب لغة اليوم. بهذا، يصبح الطفل في مرحلة مبكرة قادرًا على معرفة ألوان موسيقية جديدة، وعلى ربط هويته الثقافية بالمتعة الجمالية التي تولّدها الموسيقى. وهو أمرٌ نادر في زمن تسود فيه موسيقى مُعلّبة مكرّرة، تعتمد على الإيقاع وحده وتفتقر للمحتوى. /فريق يعمل بروح واحدة يشترك في المشروع موسيقيون، تربويون، باحثون، ومؤلفون موسيقيون من خلفيات مختلفة، ما يجعل «سَمَع ملوّن» نتاج تعاونٍ حقيقي بين الفن والتربية. كما يشرف عليه فنيًا موسيقيون ذوو خبرة واسعة، وعلى رأسهم الموسيقار عامر نخلة الذي يُعدّ أحد الأسماء البارزة في تطوير المعاهد الموسيقية العربية داخل فلسطين. مشروع ثقافي قبل أن يكون موسيقيًا. «سَمَع ملوّن» ليس مجرد برنامج تربوي، بل مشروع ثقافي له بعد اجتماعي. فمن خلاله، يسعى بيت الموسيقى إلى: • إعادة الموسيقى إلى حياة الطفل اليومية • تقديم موارد مهنية للمربّيات والمعلمين • دعم الأسر في توفير موسيقى نوعية لأطفالها • تعزيز العلاقة بين الطفل والهوية الثقافية هذا النوع من المشاريع نادر في الوطن العربي، رغم أن الحاجة إليه ملحّة، خاصة في ظل تراجع التعليم الموسيقي في المؤسسات الرسمية. لماذا «سَمَع ملوّن» مهم؟ لأنه: • يقدّم محتوى عربيًا محترفًا للأطفال • يرفع مستوى الذائقة الموسيقية • يدمج الفن بالتربية • يعيد توزيع التراث بطريقة جذابة • يعامل الطفل باحترام فنّي وموسيقي • يمنح المعلمين أدوات عمل عملية وحقيقية إنه باختصار لبنة أساسية في مشروع نهضة موسيقية عربية تبدأ من الطفولة.وبف خلف المشروع مبدعون قديرون: روزان خوري — موسيقية ومعالجة بالموسيقى، ومدرّبة في التربية الموسيقية للأطفال. كلاوديا غلوشانكوف — باحثة وأخصائية في التربية الموسيقية في الطفولة المبكرة، مستشارة في بيت الموسيقى. لؤاب حمود — باحث في علوم الموسيقى وأخصائي في التربية الموسيقية. جيدا مصلح — أخصائية ومدرّبة في التربية الموسيقية في الطفولة المبكرة. عامر نخلة — مشرف على المشروع موسيقيًا وفنيًا، ومدير بيت الموسيقى ربى سمعان — منسّقة المشروع .أما القائمة الموسيقية الموجودة في المورد: 1 ألوان / Alwan درويش درويش (Darweesh Darweesh) 2 بين الأغصان / Bayn Al-Aghsan ميرا عازر (Mira Azar) 3 يللا نزقّف / Let Us Clap طارق الجندي (Tareq Jundi) 4 مبروك / Mabrouk أحمد فؤاد حسن (Ahmad Fouad Hasan) 5 ناي / Nai عامر نخلة (Amer Nakhleh) 6 فاتت جنبنا / Fatet Ganbena محمد عبد الوهاب (Mohammed Abd Elwahab) 7 حنين / Haneen أحمد الخطيب (Ahmad Alkhatib) 8 لونغا جهاركا / Longa Jaharka روحي الخماش (Rouhi Alkhammash) 9 ليلة حب / Laylet H'obb محمد عبد الوهاب (Mohammed Abd Elwahab) 10 حدوتة / H'addoutah محمد نجم (Muhammad Najem) 11 هدية العيد / Hadiyat El-Eid محمد عبد الوهاب (Mohammed Abd Elwahab) 12 دوم تاك إس / Dom Tak Iss يوسف حبيش (Youssef Hbeisch) 13 ليا وليا / Layya w-Layya تراث (Folklore) 14 رقصة جدي / Raqset Jeddi عودة ترجمان (Oudeh Turjman) 15 حلفوين / Halfaween أنور إبراهيم (Anwar Ebrahim) 16 ريف / Reef وسيم قسّيس وفي الختام: بيت الموسيقى… إنجازات كبيرة بحضور إعلامي صغير. رغم قيمة «سَمَع ملوّن» العلمية والفنية، ورغم المشاريع الأخرى التي أنتجها بيت الموسيقى عبر سنوات طويلة من العمل الثقافي والمجتمعي، إلا أنّ المؤسسة لم تحصل بعد على الحضور الإعلامي الذي تستحقّه. إن حجم العمل التربوي، الفني، والتطويري الذي تقدّمه المؤسسة — من تدريب موسيقي، وبحث، وتطوير مناهج، وتنظيم مهرجانات، وإنتاج أعمال موسيقية — يفوق بكثير حجم الظهور الإعلامي لها. لا تزال إنجازاتها معروفة في دائرة ضيقة، بينما كان من المفترض أن تكون في واجهة الإعلام الثقافي العربي. بيت الموسيقى مؤسسة تصنع أثرًا عميقًا… لكن إعلامنا ما زال عاجزًا عن مواكبة هذا العمق.