news-details

المَرجانِ


 

يا مرجَ البطّوفِ الخلاّبْ

يا سهلٌ يتكوّرُ بين هضابْ

تُربُكَ خصْبٌ 

ونبضُكَ عرّابْ

يأسِرُني جمالُكَ

تجذبُني أنفاسُكَ

وأنا بين ثناياكَ أتعاطى المجدَ

وأُنسَ الأحبابْ

أذكرُ النّهارَ يبتسمُ لي

 وأذكرُ ما فعلتْهُ الشّمسُ بتلكَ الجباهِ الأصيلةْ

وأذكرُ العرائشَ

ولياليَ السّمَرِ

وحكاياتِ الجدِّ الطّويلةْ

تلمعُ عيناهُ عندَ كلِّ فاصلةٍ

حينما يذكرُ فقْدَ الأصحابْ

وكلّما أذكرُ البطّوفَ

أذكرُ الفلاّحَ والجُهدَ والعرَقْ

آهٍ يا مرجَ الغرَقْ!

أذكرُ وهَجَ الشّمسِ وحبّاتِ النّدى

وأسرارَ العشقْ

ومناجاةَ قلبيْنِ

وتلكَ الأيادي الملطّخةَ بحنّاءِ التّرابْ

وأذكرُ المواسمَ تتوالى علينا 

وأذكرُكِ أنتِ شامخةً

في الحاضرِ وفي الغيابْ

وليَ ذكرياتٌ كثيرةٌ

تمرُّ أمامَ عينيَّ

وأنا بين أتلامِكَ يا بطّوفُ

أتفرّسُكَ

يصقلُني نبضُكَ

فأخرج مرّةً أخرى للحسابْ!

 **

أنتَ يا مرجُ ابن عامر

تمتدُّ في صدري وأعماقي

وفي حسّي وأشواقي

صدرُكَ عريضُ المنكبيْنِ

وقدُّكَ يجولُ في عالميْنِ

فلماذا أراكَ الآنَ تضيقْ

ولماذا أنتعلُ الحزنَ

كلّما أتخايلُ ذاكَ الطّريقْ

أنتَ الّذي استوعبْتَ أجسادَ العابرينَ

فغاصوا في لحمِكَ النّديِّ

وفي ثناياكَ

وتحوّلتَ إلى مقابرْ

فلماذا لم يصلبّ عودُكَ آنذاكْ

ولماذا لم تفِ بوعدِكَ

وأنتَ القادرُ على ذاكْ

أقفُ عند إحدى بوّاباتِكَ العُظمى

لكنّي لم أزهُ بزهوِّكَ الأبديِّ

أختصرُكَ بنظرةٍ واحدةٍ

تستوعبُكَ نافذتي الّتي لم تتكسّرْ

لأنّها ليستْ من زجاجْ

قفْ على قدميْكَ

بطولِكَ، بعرضِكَ

بصمتِكَ، بضجيجِكَ

وارفعْ بيدِكَ اليُمنى شارةَ النّصرِ

وباليُسرى رايةَ احتجاجْ!

(كابول)

 

الصورة:

سهل البطوف، بعدسة: مها كناعنة سعدي

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب