news-details

انبعاث البطل في الشِّعر

 

 

انبعاث البطل في الشِّعْر مدخل للعثور على الحقيقة، قعد أن يُسْقِط القناع عن الحقائق المُلفّقة وما تُخْفيهِ من انكسارات حضارته...

وقد غدت أساطير البعث وآلهة الخصب معادلا موضوعيّا لجلال البطل، ذلك أنّها تنطوي على قيم ثوريّة، تزخر بالأحداث الدراميّة التي تتّصل بنشأة الكون ومصير الإنسان المحتوم...

والمعروف أنَّ بطل الأسطورة هو خارق يرتاد المجاهيل، ويركب المخاطر؛ بهدف الاستجابة إلى غايات إنسانيّة تطمح إلى نفي التردّي الحضاري، والانتقال من العالم الواقعي الى واقع أرحب يُخْصِب الحياة، ويمدّها بالماء الدّائم...

طبعا ليس كالشِّعر ما يمكن أن يفعل ذلك؛ لأَنَّهُ من حيث كونِهِ لغة أداة فنيّة، ينتمي حضاريّا الى المجتمع، وأسلوبهُ في أرفع مستواه يتعامل بالرّموز... منذ نشأة المجتمعات في مراحلها الأولى...

ويذهب أصحاب الدّارسات الماصرة في هذا الصَّدد، إلى أنّ مفهوم "الانبعاث" هو تصوّر استاطيقي يُجسِّد رؤيا الذّات الحداثيّة التي تؤكّد خواء الواقع بعد أن لَمَسَتْ ضحالتَهُ من خلال ما تطرحه من بدائل على مستوى الفرد والمجتمع، بُغْية رأب الصّدوع والشُّروخ التي تُمزّق المجتمع...

وهنا، يأتي دور البطل الانبعاثيّ مُنْقِذا ومًخلّصا...

ولن يتأتّى ويتسنّى له القيام بهذا الدَّور إلّا إذا اعتمد موقِفَهُ الحضاري، وليس موقفه الاجتماعي بوصلةً لاجتثاث التخلّف الذي ينخر جسد مجتمعه من جذورهِ...

هذا ما دفع الشَّاعر أنْ يُوظِّفَ الأسطورة آليةً ناجعة لتحقيق ما يَصْبو إليه، وذلك حين اعتمد وهو ينقل اسطورتَهُ إلينا على خلق نوع من التّوازن بين مبدأ الذّات ومبدأ الواقع، مِمّا جعل إبْداعَهُ يكتسبُ وجودَهُ المستقلّ أو شِبْهِ الموضوعيّ، ويُحقّق فَرادَةَ اللّذة التي تُميّز اللّحظة الجماليّة...

وكم سَيُكتب له النّجاح الإبداعيّ إذا تَمتَّع بالقدرة الفائقة التي تَنْفي مغزى الأسطورة الغيبي وكذلك الأصلي، لخلق لغة إبداع لا لغة تعبير، لغة تأتي بُنى تعبيريّة جديدة أعمدتها: التَّجاوز، والتّجدّد والجدَّة والمغايرة، بعيدة عن إعادة انتاج الموجود كي لا تقع في فخّ – ما أرانا نقول إلّا مُعادا – وتنجح بالنَّتيجة الى تحقيق فتوحات إبداعيّة وابتكار المغازي الرّمزيّة الجديدة لتدخل قصيدة تنتمي الى وطن الشّعر الباقي الذي يستمدّ بقاءَهُ من جمال وحركة الحياة...

 

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب