news-details

حالة مسافر أبدي| د. فؤاد خطيب

لا تسأليني كما عهدتك منذ أن وجدتك مرة حائرة. أنا مسافر في الزمكان من شذرات ثقب أسود انقضى وتفتت وتصور وكون نهاية عالم فيه كواكب ومجرات إلى آخر لا أحد يعرف كنهه بعد ولا غاية وجوده ولا مصيره ولا لعبته مع شعاع النور ومع القضاء والقدر. حالتي تشابه حالة لاعب النرد وأنا أرمي رميتي الأخيرة اما أن أبدا ثانية من محال أو انتهي إلى عدم وزوال.

الجسد والروح لعبة واحدة وضربة نرد واحدة لن تتكرر ولكنها لن تزول وإنّما تعود بصورة أخرى ووجود آخر. لا عدم في هذا الكون بل ما نعيشه ونراه هي بدع تكرر وتبدل الظواهر وتحولها من وجود إلى آخر. الوجود كله مادة وهذه المادة هي الطاقة وهذه الطاقة دائما تصبو إلى حالة أنقى وأصفى. كنت وما زلت غارقًا في ذاتي وفي سماواتي أبحث عن شيء لم أدرك كنهه بعد ولكني أشعر به وأحس وجوده وأحيانًا أكاد أن ألمسه.

أقول لها أي لنفسي وها أنا لأول مرة أبوح وأقولها لك أنت وحدك وأقولها لمن يقرأني ويفهمني. لن يبقى لي إلا إزالة تلك الغلالة الرقيقة القريبة البعيدة اللامتناهية التي حجبت ذاك الشيء الغريب حتى شعرتني اليوم أقف ملتاعًا أمام الحقيقة الكبرى التي هي سر هذا الوجود وجودي ووجودك، وجود الوردة ووجود المجرة، وهبة النسيم ورياح العاصفة وحنان الحب أو عدمه.

هكذا خلقت إلى هذا العالم وهكذا أرسم حقيقتي وشأني معك أنت ومع الناس بالحروف والكلمات. ربما أذهب من هذا العالم وأنا أهذي وأقول بصوت عال هل هذه هي حقيقة عالمك وعالمي وعالم كل البشر؟ لا أخف عنك يا رفيقة فكري وجسدي ولا عن أحد غيرك أنني شممت زهورًا فواحة تأخذ بالنفس وتشمها حتى الثمالة أو حتى الموت والنهاية. أجمل من كان عطرك ورحيق شفتيك وبدع هدبك التي وجدت بها ما لم تجده نفسي الحائرة طوال سفري وحتى كتابة سطوري الوجودية هذه. أنا حقيقة مازلت حتى لحظتي هذه في حالة مسافر أبدي، أعددت متاعي وزادي وحروفي وكلماتي ومتاع سفري منذ خلقت.

ما زلت منتظرًا قطاري الأخير ورحلتي الأخيرة لست أدري من أين؟ ومتى؟ وإلى أين؟ أتمنى أن تكون عودتي دومًا إليك، عندها ربما تكتمل دائرة وجودي وأعود على بدء إلى موعدي وغايتي معك. أتمنى أن نعود معا شذرات متناهية الصغر متقاربة من عالم لا أعرفه ولا يعرفه أحد غيري، هل نعيش في مرحلة تطور وانبساط أو حالة انكماش تصل إلى عدم أم نراه يكون هو ذلك العدم.

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب