زارني أحفادي يوم الجمعة (26-6-2020م)، وقام أحدهم (في 30 حزيران ينهي صف البستان)، بتفتيش زاوية الأطفال في مكتبتي والتي في متناول جميع الأحفاد ومن يزورنا من الأطفال، من منطلق تحبيب الكتاب للطفل وجعله في متناول يده، وتوفيره له، وعادة لا أتدخل بما يفعلوه وما يقرأون إلا إذا طلبوا هم أن أقرأ لهم قصة أو أرد على تساؤلهم.
لاحظت أن حفيدي قد تناول كتابا بعنوان" قوافي مسلية، قوالية" من تأليف د. رونيت نيتسن- سيلع ومعاني أحمد كريم، رسومات: ميخائيل حلاق، وعبدكم الفقير قام بالتدقيق اللغوي وأصدرت الكتاب كلية أورنيم ودار الهدى كريم في كفرقرع. عام 2009م.
وخلال قراءته فجأة طلب مني الانتباه لهذا الكتاب الجميل، وبدأ يقرأ بفرح ويسمعني الجمل القصيرة المسجوعة والمقفاة وكأنه اكتشف جديدا، قرأ الكتاب أحيانا مع أخطاء لغوية قليلة وأحيانا هو وضع القافية وبدأ حسب قدرته ودون أن أطلب منه صياغة جمل مماثلة.
تناولت الكتاب وقرأته مرة أخرى بعد هذه السنوات، ورأيت أنه من الجدير الكتابة عنه في هذه الزاوية، خاصة بعد أن لاحظت الاندفاع المباشر للطفل دون أن يطلب منه أحد ودون أن يرغمه أحد، الكتاب الجيد يغري القارئ يناديه للقراءة والتجريب في أساليب جديدة لتحبيب القراءة مهم جدا لأدبائنا ولأطفالنا، خاصة ونحن نعاني من قلة القراءة في مجتمعنا.
وبودي هنا أن أشير إلى أن السجع والقافية، موجودين في القران الكريم مثل" قل هو الله أحد، الله الصمد... (سورة الإخلاص)، أو " قل أعوذ برب الناس، ملك النّاس ... (سورة الناس....)، وغيرها.
وهو موجود في البلاغة العربية في الأدب العربي، وحتى في الخطابة العربية، فالخطباء في المساجد يستعملون السجع بكثرة في خطب الجُمُعه لما له من وقع وتأثير على السامع، وموجود في الشعر والنثر العربيين باعتبار السجع من البلاغة.
ومن أمثلته: "الحقدُ صدأ القلوب، واللجاج (تعني التمادي في الخصومة) سبب الحروب"، وقال بعض البلغاء "الانسانُ بآدابهِ، لا بزيِّهِ وثيابهِ".. الخ.
وهكذا نرى من جهة أن السجع والقافية ليسا غريبين عن أدبنا، وكذلك أدب الأطفال والشعر للأطفال، والقضية هي كيف نقدم الموضوع للطفل وكيف نجذبه للمادة، وهذا هو الفرق بين من يستعمل السجع والقافية بابتذال وبين من يقدمه بشكل فني جذّاب.
مقدمة الكتاب تنم عن مشروع مبني على العلم والمعرفة من قبل الكاتبتين حيث تبينان للأهل لماذا الكتاب وماهي النظرة العلمية لهذا الأسلوب، فتكتبانِ: "إن الأبحاث الأخيرة أثبتت أنَّ عملية اكتساب مهارة القراءة تعتمد في الأساس على الوعي النغمي الذي يحول انتباه الطفل إلى نغمات اللغة قبل التعرض المباشر لشكل الاحرف، ويمكن الطفل من إدراك أنَّ اللغة تتكون من أصوات، وأن اتصال هذه النغمات ببعضها البعض يشكل الكلمات في اللغة"(1).
ثم تشير المؤلفتان إلى أن "الكتاب قد رتب بحسب ترتيب تصاعدي في الصعوبة، حيث إنه عرض في البداية جُملا سهلة وتحوي كلمات قريبة من حياة الطفل واللغة العامية (مفضل استعمال اللهجة العامية لأن اللغة هي العربية ولكن هناك لهجات مثل اللهجة المصرية والفلسطينية والمغربية ... الخ ولا توجد لغة جديدة م. ص) مثال بطاطا شوكولاطه.. الخ."(2)
وانتبهت المؤلفتان للاختلاف في لهجتنا المحلية بين المدينة والقرية وبين المناطق المختلفه وأشارتا للظاهرة بين "الأطفال الذين يسكنون منطقة في الناصرة والذين يلفظون حرف "ق" بصورة "أ" أن الجملة "مرة قَلَم شَعَرَ بِألم" ممكن أن تشكل لديهم بلبلة ..."(3)
وأقترح قراءة المقدمة التي تعطي للوالدية والمربية لمحة نظرية عن موضوع الكتاب وبذلك يسهل استعماله.
ومن جمل الكتاب التي ألهبت روح حفيدي وجذبته لقراءة الكتاب من الجلاد للجلاد في جلسة واحدة دون أن يطلب منه ذلك أحد أو يجبره أحد وهنا اعتقد نجاح الكاتبتين والكتاب:
مرة يوم الخميس قفز بالكيس (4)، مرة بطريق مشى بالطريق، مرة قرد سافر إلى الهند (6) مرَّة فرس رَنَّتِ الجرس (7)، ومرة خروف حُرِمَ منَ المصروف"(8).
بقي أن أشير إلى أن رسومات ميخائيل حلاّق في كل صفحة جاءت ملائمة وناجحة لجيل الطفولة.
مرة أخرى تحية للكاتبتين، وتحية لكتّابنا في أدب الأطفال.
إشارات:
(عرعرة – المثلث).
إضافة تعقيب