news-details

في القصص عبرة| أسمهان خلايلة

يعتبر الغذاء العنصر الرئيسي لبقاء الكائن الحي من النبات والحيوان والإنسان وقد أولاه الإنسان جل اهتمامه منذ وجد على هذه الأرض.

الأرض تزدحم والكثافة السكانية تزداد والميزان الذي لا يحسنون ضبطه. ففي الوقت الذي تُرمى فيه أطنان بقايا الأكل في المطاعم والفنادق والمنتجعات وحفلات الأثرياء وأيضا بيوتنا العادية أو ذوي الدخل المتوسط فهم شركاء في هذا التبذير نرى ونسمع ونقرأ عن ملايين الجياع الفقراء والآلاف الذين يموتون جوعا.

الغذاء العالمي في أزمة كما أشار الخبراء وقد بادرت النرويج عام 2008 إلى إنشاء قبو تحت الأرض بالقرب من القطب الشمالي إلى حفظ البذور لمواجهة حالة الكوارث الطبيعية ليستطيع الناس زرع البذور. والبذور المحفوظة تشمل المحاصيل الزراعية الرئيسية كالقمح والفول وغيرهما.

قبل أيام قررتُ أن أزرع قطعة أرض نملكها وقد تجرأت على اتخاذ القرار لسببين الأول: العمل الوظيفي خفيف، وثانيا: حين أخبرتني أختي انها عثرت في مخزن حماها والد زوجها على قناني بلاستيكية تحتوي على عدّة أنواع من البذور التي قام بتخزينها. فلٌاح مرتب غرس فأكل أولاده واحتفظ بالبذار للسنوات القادمة، نعم هكذا فعل أجدادنا وأمهاتنا حين احتفظوا بالبذور من حول إلى حول. والكورونا اليوم تفرض واقعا اقتصاديا لا يُطمئن والمحاصيل الزراعية لن توفر الكثير لأن الكثير من أصحاب الأراضي لم يزرعوا وهنالك محاصيل تضررت، والنتيجة كانت غلاء الأسعار، فالكرة الأرضية ترزح تحت حمل البشرية. ناهيك عن الأسمدة والكيماويات التي تدخل أجسامنا.

أذكر أنني شاهدت فيلما عن بحّار خرج في رحلة استكشاف ومن المؤن التي اعتمد عليها أنه وضع حوضا فيه تراب وزرع فيه عدة أنواع من الخضار ومن كل نوع نبتة أو اثنتين لتساعده في تناول طعامه، ولم ينس اقتناء دجاجة.

أما قصة النبي يوسف عليه السلام فهي إحدى العبر العظيمة وليست مجرد قصة نبي فضّله والده على اخوته ومنحه الله نعمة تأويل الأحلام وما هي بقصة رجل فقير تربى في كنف الفرعون وراودته زوجة ولي نعمته فصدّ الإغراء وتعفف، إنّها قصة تشير إلى تدبير اقتصادي وحكمة في إنشاء ميزان متوازن في توزيع المؤن فلا تنقطع أو يتم فقدانها، وحين كان المحل وفدت الدول المجاورة إلى مصر لشراء الحبوب، قبل أن تفطن النرويج إلى تخزين الحبوب في ذلك القبو الذي تحدثنا عنه، وأشار يوسف عليه السلام على عزيز مصر مفسرا له حلمه عن البقرات السمان والسنابل السمان بأن يزرع في سنوات الخير والمحاصيل الوفيرة ك ومنها يخزّنون للآتي الصعب ولسنوات المحل "قال تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلا مما تأكلون" ق. ك سورة يوسف. وما أكثر الدروس البسيطة التي تحمل العبر لكل منا حين كانت أمهاتنا يقضين الصيف في تجفيف الخضار من بامية ولوبية وعمل دبس البندورة والفلفل فيمتلئ المخزن وتعج الرفوف والسدّة بمؤونة الشتاء، وكم علّمونا حينها ان نحتفظ بالقرش الأبيض للأيام السوداء.

هل نحن بحاجة إلى تفسير ما يحدث من حولنا؟ كلا فالأمور واضحة ويمكننا المحاولة بالاعتماد على زرع ولو عشرة أمتار بجانب المنزل ويمكننا غرس الأشتال العطرية بدلًا من النباتات التي لا تثمر. فقصص التاريخ والتجارب الحياتية لا تحتاج الكثير من التفسير والنصيحة.

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب