news-details

الضرر الإسرائيلي في محاربة اللاسامية

هآرتس- 18/1/2021

*يجب على اسرائيل اعادة التفكير مرة اخرى في تدخلها في محاربة اللاسامية، لأن تدخلها فيها يضر أكثر مما يفيد*

وراء كواليس العالم اليهودي يجري نضال عاصف بين معسكرين، أحسن وصفه البروفيسور يهودا الكنا: هؤلاء الذين منذ الكارثة يقولون "هذا لن يتكرر مرة اخرى الى الأبد"، واولئك الذين يقولون "لن يحدث لنا ذلك مرة اخرى الى الأبد". مؤخرا يوجد هذا الموضوع في مركز الحرب العلنية الاولى في الجالية اليهودية في الولايات المتحدة قبل أداء ادارة بايدن لليمين.

"آي.اتش.آر.إيه"، الحلف العالمي لذكرى الكارثة، هو مشروع دولي يسعى الى صياغة ماذا تعني اللاسامية لدول ومؤسسات في العالم، من اجل مساعدتها على محاربة اللاسامية من ناحية تعليمية وقانونية. للوهلة الاولى هذا هدف جدير، لكن التعريف الذي تبنته هذه المنظمة في 2016 تحول فعليا الى تعريف اشكالي جدا من ناحية سياسية، في الوقت الذي فيه اسرائيل تقود الدراما وتقوم بتعميقها.

سبب ذلك هو التركيز على مظاهر "لاسامية جديدة" تجاه دولة اسرائيل كتجمع يهودي. أو بكلمات اخرى: هل انتقاد سياسة اسرائيل، الى درجة أنه انتقاد للصهيونية، هو بالضرورة لاسامية؟ على سبيل المثال، "نفي حق الشعب اليهودي في تقرير المصير"، ضمن امور اخرى، بواسطة الادعاء بأن وجود دولة اسرائيل "هو مبادرة عنصرية"، و"المقارنة بين سياسة اسرائيل الحالية وبين سياسة النازيين" وما اشبه، كل ذلك يتم اعتباره لاسامية.

بصورة خاصة هذا التعريف يصطدم بموضوع "تطبيق معايير مزدوجة تجاه اسرائيل، مطالبتها بالتصرف بصورة غير متوقعة أو مطلوبة من أي شعب ديمقراطي آخر". في نهاية المطاف الحالة الاسرائيلية – الفلسطينية هي حالة محددة. وربما ايضا الانتقاد الموجه اليها.

هذه البنود تثير في اوساط كثيرة، منها ايضا منظمات يهودية ليبرالية، القلق من المس بحرية التعبير السياسية بصورة تسمح بتصنيف انتقاد سياسة اسرائيل كلاسامية. حكومة نتنياهو اوضحت طوال سنوات بأن هذا القلق في مكانه.

نتنياهو، وزارة الشؤون الاستراتيجية تحت مسؤولية الوزير السابق جلعاد اردان، وزارة الخارجية (التي وضع هذا التعريف اصبح بالنسبة لها هدف دبلوماسي رفيع)، منظمات يهودية بتمويل من اسرائيل ادعت مرة تلو الاخرى عن طريق "آي.اتش.آر.إيه" بأن حركة المقاطعة بي.دي.اس، مثلا، هي لاسامية. بهذا اثبتت اسرائيل أن هناك جانب سياسي في تعريف اللاسامية.

اضافة الى ذلك، حكومة نتنياهو قامت بصورة متعمدة بطمس الخط الاخضر الواقع بين انتقاد اسرائيل وانتقاد المستوطنات، وبهذا اشعلت الخلاف أكثر فأكثر. ادارة دونالد ترامب اضافت الزيت على النار عندما اعلنت بأنها تنوي اعتبار منظمات حقوق انسان هامة مثل امنستي بأنها منظمات لاسامية.

منذ صياغة تعريف "آي.اتش.آر.إيه"، تبنته بمساعدة اللوبي الاسرائيلي نحو 28 دولة ومؤسسات كثيرة مثل جامعات ومنظمات رياضية. في الاسبوع الماضي نشرت الممثلية الاوروبية توصية غير ملزمة في هذا الشأن. اسرائيل تريد جدا أن يتبنى الفيس بوك وتويتر هذا التعريف.

في الاسبوع الماضي، من تحت رادار الخطاب الاسرائيلي، نشرت عشر منظمات يهودية ليبرالية، منها "جي ستريت" و"الصندوق الجديد"، نداء استثنائي مشترك موجه لادارة بايدن بأن لا تطبق وعد ادارة ترامب بدمج هذا التعريف في القانون. كل ذلك ازاء منظمات من المؤسسة اليهودية، التي تطلب من بايدن تبني هذا التعريف.

أداء الرئيس الديمقراطي لليمين هو فرصة لاسرائيل من اجل اعادة التفكير مرة اخرى في أن تدخلها يضر بالحرب ضد اللاسامية أكثر مما يفيدها. وتسييس هذا المجال هو مثال واضح على عملية غير مبررة وغير حكيمة، التي هي ايضا تحقق نتائج عكسية، مثل تقوية حركة "بي.دي.اس" بفضل محاربتها.

 

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب