أمام فعنونو تصمت كل الكلمات السامية للمحكمة العليا عن حقوق المواطن في الخروج من دولته. وأمام الغزيين الذين يريدون الخروج من بلادهم، سجنهم يتم استنساخ الكلمات الجميلة عن التداعيات النفسية
منارة العدالة في اسرائيل اضاءت مرة اخرى: قضاة محكمة العدل العليا قاموا بفتح سماء الدولة، وشعب اسرائيل خرج من العبودية الى الحرية عشية عيد الفصح. الاهالي اجتمع شملهم مع اولادهم، الاحفاد اجتمع شملهم مع اجدادهم، وكل ذلك بفضل المحكمة العليا. ما الذي كنا سنفعله من غيرها؟ قضاة العدالة قاموا بغناء أغنية حقوق الانسان وأنشدوا قصيدة الحرية: "لا توجد حاجة الى قول المزيد من الكلمات عن اهمية الحق المعطى للمواطن للخروج من دولته.
ولا يقل عن ذلك اهمية الحق في العودة اليها"، كتبت بشكل احتفالي المحاربة من اجل الحرية، الرئيسة استر حيوت. القلب اتسع من الفخر، ما هذه الاستنارة وما هذه المشاعر العادلة وهذه الشجاعة. المحكمة وقفت امام السلطة التنفيذية وتغلبت عليها.
لنترك جانبا التاريخ المجنون حول اغلاق سماء الدولة لشهرين. عندما كانت سماء الدولة مفتوحة صرخوا هنا: هذا تنازل عنا. وعندما تم اغلاق السماء صرخوا: هذا استبداد. "مفتوح، مغلق، مفتوح"، مثلما كان اسم كتاب يهودا عميحاي، معسكر "فقط ليس بيبي" سيصرخ بشجاعة دائما. الآن المحكمة العليا اوقفت الاستبداد.
ولكن لحظة، لحظة، هل هكذا هي تتصرف دائما؟ هل حقا هي دائما تقدس حق خروجك من بلادك والعودة اليها؟ معالي حناجر القضاة محجوزة فقط للحالات التي يشعرون فيها بالثقة في عدم تعرضهم للأذى. مقابل جهاز الصحة الضعيف هم ابطال كبار. فجأة قيمة الحرية تفوق الحق في الحياة، فجأة الجميع يجب عليهم حني الرؤوس امام حقوق الانسان.
أمام جهاز الأمن هم يتصرفون بشكل مختلف. نفس الامور ولكن بالعكس. فجأة حقوق الانسان والحرية تخضع للمسؤول عن الامن، الذي يركع القضاة دائما امامه. كيف ارتجفت يد القاضي اسحق عميت عندما كتب عن "الضربات الدستورية العشرة" التي احدثتها الكورونا، بمعرفته أنها جميعها تلحقها اسرائيل بالفلسطينيين.
كيف لم يرف أي جفن للرئيسة حيوت عندما كتبت عن المس بمواطني اسرائيل، الذين لم يسمح لهم بالسفر. "مع كل التداعيات النفسية والعائلية والصحية والاقتصادية التي اكتنفت ذلك"، في الوقت الذي يعتبر فيه هذا الامر روتين حياة ملايين الفلسطينيين. في نهاية المطاف هذه هي نفس المحكمة التي تصادق على أي نزوة لجهاز الامن وعلى أي حكم وحشي تصدره اسرائيل.
غزة موجودة تحت الحصار منذ 15 سنة. ايضا هناك، أيتها القاضية حيوت، "توجد تداعيات نفسية واقتصادية"؛ آباء تم فصلهم عن اولادهم؛ مرضى تم منعهم من تلقي العلاج؛ عمال تم منعهم من كسب الرزق؛ طلاب تم منعهم من التعليم – هؤلاء جميعا هم ضحايا اجهزة الاحتلال، التي لا تتجرأ المحكمة على الوقوف في وجهها. وهي تصادق بسهولة على اعتقالات بدون محاكمة وهدم بيوت وإطلاق نار القناصة على متظاهرين غير مسلحين.
هي لا تحرك ساكنا من اجل السماح للطلاب بالذهاب للتعلم، وتمنع مرة تلو الاخرى المواطن مردخاي فعنونو من الخروج من البلاد. امام فعنونو تصمت جميع الكلمات السامية للمحكمة العليا. عن حقوق المواطن في الخروج من دولته. امام الغزيين الذين يريدون الخروج من بلادهم – سجنهم يتم استنساخ الكلمات الجميلة عن "التداعيات النفسية"، وأمام فلسطينيين في الشتات، الذين يريدون زيارة بلادهم أو العيش فيها يتم محو الكلمات السامية التي تتعلق بمن "وضعته الدولة في ضائقة في الدول المطلة على البحر". هناك خبراء يحذرون من تداعيات فتح الاجواء، لكن المحكمة العليا تتجاهلهم. فقط هي تذعر من تحذيرات مندوبي الشباك.
امام جهاز الصحة يسهل جدا رفع روح الحرية. القضاة يفهمون في الامن بالضبط مثلما يفهمون في الأوبئة، لكن اعتبارات الخبراء في الطب يسهل عليهم رفضها خلافا لاعتبارات رجال الامن. امامهم يجب دائما حني الرؤوس بخنوع. المحكمة التي تتراجع امام جهاز الامن هي محكمة غير متنورة.
هي جزء من الاستبداد، حتى لو اهتمت بأجواء مفتوحة للإسرائيليين. ماذا بشأن اجواء مفتوحة وحرية وحقوق الانسان وحفاظ على القانون الدولي لمن يوجدون تحت الاحتلال؟ من اجل ذلك القضاة بحاجة الى درجة أكبر من الشجاعة التي لا تتوفر لدى أي واحد منهم. تريدون فعالية قضائية؟ هذا جيد، لكن لتكن في كل مكان وليس فقط في المناطق السهلة على المحكمة الجبانة.
هآرتس- 21/3/2021
إضافة تعقيب