news-details

ترامب سيء لاسرائيل  

هآرتس- 21/10/2020

*قرارات ترامب التي ظهرت وكأنها مفيدة لاسرائيل، مثل الانسحاب من الاتفاق النووي مع ايران ونقل السفارة الأميركية الى القدس والاعتراف بالسيادة على هضبة الجولان وتشجيعه على التعامل الفظ مع الفلسطينيين، كل ذلك أضر باسرائيل أكثر مما أفادها*

دونالد ترامب هو جيد لاسرائيل، ليس مجرد جيد، بل الافضل – الذي كان وسيكون أو يمكن أن يكون. هذا ما قاله بنيامين نتنياهو وهذا ما يؤمن به معظم الجمهور اليهودي في اسرائيل، وهذا ما يقتنع به العالم، اصدقاء واعداء على حد سواء. الرئيس الـ 45 ربما تسبب بضرر كبير للمكانة الدولية للولايات المتحدة وهز نظامها وأضر بمكافحتها لفيروس الكورونا وزرع فيها الخوف والكراهية، لكن معنا نحن هو مئة في المئة، بل حتى ألف.

التطبيع مع الدول العربية، الذي في مركزه قصة الغرام الساخنة والمفاجئة بين اسرائيل واتحاد الامارات، هو ملخص خالص لكل الخير الذي يغدقه ترامب على اسرائيل منذ انتخابه. برعاية الجبهة الموحدة ضد ايران وبعد أن تمت اهانة الفلسطينيين وتم دفعهم الى الهامش، وبفضل المؤامرات من وراء الكواليس التي ربما من الافضل أن لا نعرف عنها الى الأبد، حصلت اسرائيل على ثروة اقتصادية وسياسية بسعر زهيد مقابل التنازل عن الضم الخطير والضار أصلا.

وخلافا لمبادرات حسن نية اخرى مسجلة لصالح ترامب، يصعب العثور على شخص يخالف فائدة التحالف الخليجي الجديد، باستثناء اليسار الذي يخشى من رد الفلسطينيين، واقصى اليمين الذي يخشى من التنازلات.

إن نقل السفارة الأميركية الى القدس والاعتراف بسيادة اسرائيل في هضبة الجولان، وصفت في الواقع مثل اجراس المسيح، ولكن مع مرور الوقت صوتها توقف ولم يبق لها أي ذكر. قرار ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي مع ايران، الذي اعتبر ذروة انجازات نتنياهو، منح هذا الثنائي اللذة الاكبر في سحق تراث براك اوباما المثير للاشمئزاز.

مسألة اخرى ما زالت مفتوحة وهي هل ايران المزدهرة والمقبولة في ظل قيود الاتفاق أكثر خطرا على اسرائيل من ايران المخنوقة والغاضبة والمتحررة من قيودها؟ ايضا تنصل ترامب من اتفاق دولي موقع عليه والشرخ بين الولايات المتحدة وكتلة الدول الديمقراطية التي تستند اسرائيل على دعمها القيمي، رغم الانتقاد الموجه لها منذ تأسيسها. الخطوة احادية الجانب اضرت بمصداقية وقيادة أميركا المرتبطة بها اسرائيل جدا.

اذا كانت اسرائيل تصاب بالتهاب رئوي عندما تعطس أميركا، مثلما قال ليفي أشكول، فما هو مصيرها عندما تكون أميركا مقسمة داخليا وتواجه تحديا من الخارج ومؤسساتها مشلولة نظامها الديمقراطي في خطر ومهزومة على يد فيروس ورئيسها الجاهل والمتعالي اصبح مضربا للامثال؟ مطلوب عمى متعمد، الموجود لدينا بغزارة، من اجل تجاهل أن الضرر على اسرائيل هو مباشر وخطير.

ترامب معجب بالاشخاص الديكتاتوريين وهو يشمئز من الزعماء المنتخبين، ونتنياهو يسير في اعقابه برغبته الذاتية وليس بسبب العمى. الرئيس الأميركي عزز توجهات عدائية في كل العالم، وبدونه من المشكوك فيه أن نصل الى ما وصلنا اليه. خلافا لكل اسلافه، ترامب لا يهتم ولا ينتقد، وبالتأكيد لا يضغط على اسرائيل من اجل تحسين معاملتها للفلسطينيين أو من اجل الحفاظ على حرية الاسرائيليين. ولو أنه لم يكن رئيس، مثلا، لكان من المشكوك فيه أن يكون قد سن قانون القومية، الذي غرس إسفينا بين الدولة اليهودية والاقليات فيها.

فعليا، لولا ترامب، ربما كان نتنياهو لن يصبح رئيسا للحكومة، الصداقة المدهشة بينهما بدون شك عززته في اوقاته الصعبة. ترامب تدخل مرتين من اجل انقاذ حليفه – المرة الاولى اعترف بالسيادة على هضبة الجولان قبل لحظة من انتخابات نيسان 2019.

والمرة الثانية كشف عن "صفقة القرن" قبل دقيقة من فتح صناديق الاقتراع في آذار 2020 – وربما أنه اعطى لنتنياهو الدفعة الاخرى التي ابقته في الحكم من اجل أن يواصل تخريبه الى أن يتملص من محاكمته. اذا مع اصدقاء مثل هؤلاء من يحتاج الى اعداء؟

 

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب