news-details

عمل متفجر

التصعيد الاخير كان سببه المباشر هو اهانة الكرامة الوطنية الفلسطينية بسحل الجثة وليس كل تبرير آخر تطرحه القيادات

 

لا ايران، لا سورية، لا التسوية ولا حتى الانتخابات. جولة اطلاق النار في اليومين الاخيرين، والذي كان يمكن لها ان تجرنا الى مواجهة عسكرية شاملة هي موضوع المس بالكرامة الوطنية الفلسطينية، فالمحفل في قيادة الجنوب الذي أصدر الامر بالدخول في الصباح الى القطاع وجر جثة المخرب وهي معلقة على كفة الجرافة، هو كذاك "العريف الاستراتيجي" الذي يخاف الجميع من أن يفجر ذات يوم الشرق الاوسط، بسبب الجهل وانعدام الحساسية.

عندما أمر وزير الأمن بينيت جمع جثث المخربين من أجل استخدامها في مفاوضات مستقبلية مع حماس، فانه لا بد لم يقصد تعريض حياة الجنود الذين يدخلون الى الارض الفلسطينية لغرض جمع الجثث. يمكن الافتراض انه لم يقصد اهانة كرامة الميت، امام عيون الكاميرات، فيعصف بالخواطر في القطاع. ولكن هذا ما حصل. 

بعد بضع دقائق من نشر شريط جر الجثة تفجرت الشبكات في غزة من الغضب. في المخابرات الاسرائيلية كان واضحا بان القصة لن تمر بهدوء: حاول الجيش الشرح بان النار اندلعت بسبب تصفية المخربين الذين حاولوا زرع عبوة ناسفة على الجدار، ولكن هذا ليس له اساس في الواقع. فهؤلاء ليسوا المخربين الاوائل الذين يقتلون على الجدار: فقبل شهر فقط قتل ثلاثة فلسطينيين في حدث مشابه وصف في الطرف الفلسطيني كـ "اعدام". 

لم تطلق الصواريخ، وانتهى هذا بالمظاهرات. اما الحالة التي امامنا فلم تكن حادثا أمنيا آخر – كان هذا مسا بالكرامة الوطنية الفلسطينية. ان اهانة الجثة، في كل الثقافات، يخلق غضبا شديدا. وهذه هي القصة الحقيقية. لقد أخذ الجهاد على عاتقه تنفيذ الانتقام، وما كان يمكن لحماس أن تمنعه لان الجمهور الفلسطيني ما كان ليقف الى جانبها. 

لقد هاجمت اسرائيل في غزة وفي دمشق، وبدأت، مرة اخرى، في ما يعتبر كـ "تدهور متحكم به". لشدة الحظ، فإن اصابة الصاروخ في روضة الاطفال في سديروت انتهت بلا شيء. فلا سمح الله لو كان مصابون من الاطفال، لاشتعلت غزة ولما كانت الانتخابات ستجري. 

يروي جهاز الامن لنفسه روايات عن تأثير ايراني على منظمات مارقة، وعن ان حماس لا تتحكم بهم وعن التوقيت السياسي. كله صحيح باستثناء ان ليس لهذا صلة بالحدث الحالي: اذا كان الدرس الحقيقي من هذا الحدث لن يستوعب، فسنجد أنفسنا في المرة القادمة في قصة مشابهة: فعندها ايضا ستجمع اسرائيل الجثث إذ يبدو انه ستكون احتكاكات اخرى على الجدار طالما لا توجد تسوية.

التسوية، كما نفهمها في اسرائيل، لا تشبه التسوية التي تقصدها حماس. فهذا الاسبوع فقط قال زعماء حماس ان التسوية من ناحيتهم هي موضوع اقتصادي، ولا صلة لها بالكفاح الوطني. حماس غير ملزمة بلجم الجهاد، بإعادة الاسرى والمفقودين او بوقف الارهاب في الضفة. ولكنها "ملزمة" بالحصول على امتيازات اقتصادية تسمح لها بتثبيت حكمها. 

في هذه الاثناء، فإن المال الذي وصل هذا الشهر الى حماس، والذي عمل عليه في قطر كثيرا رئيس الموساد وقائد المنطقة الجنوبية، استخدام ضمن امور اخرى لتمويل مئات الاعراس للأزواج الذين تهتم حماس بمصلحتهم. مبروك يا قائد المنطقة.

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب