news-details

ميرون بنفنستي "نبي الحقيقة"

هآرتس- 24/9/2020

 

*ميرون بنفنستي المتوفي كان أحد الأنبياء الحقيقيين الذين تحقق جزء من نبوءاتهم، والذي لم يحظ بالتقدير الكافي لنبوءاته*

 

موت ميرون بنفنستي حظي في اسرائيل باهتمام قليل: موت روت بايدر غينسبورغ وموت نوريت هراري حظيا في وسائل الاعلام بتغطية اوسع بكثير. هذا هو نصيب أنبياء الحقيقة. عندما يموتون يتم نسيانهم. ولكن هناك القليل جدا من الاشخاص الذين يستحقون اسم "انبياء الحقيقة". بنفنستي كان بدون شك أحدهم، حتى لو أنه لم يحظ بالتقدير المناسب عن صدق تنبؤاته.

في المكان الثاني بعد اوائل الشجعان الذين وقفوا ضد الاحتلال في العام 1967، وقف ضد احلام اليمين التي لم يكن في أي يوم من الايام شريكا فيها، وايضا ضد احلام اليسار التي كان شريكا فيها الى أن استيقظ.

من شارك رئيسه تيدي كوليك في الهدم المجرم لحارة المغاربة في القدس بعد الحرب، ومن عمل في حقول الموز في رأس الناقورة وادرك بشكل متأخر بأنها غرست في كروم فلسطينية تم اقتلاعها، ومن عمل في "السلام الآن" في مراقبة مستوطنين الى أن فهم بأنه لا توجد لذلك أي قيمة، عرض على اسرائيل الحقيقة، التي رفضتها وترفضها حتى الآن.

عندما تتبدد كل نبوءات الكذب وينتهي حلم حل الدولتين الزائف وتنتهي خدعة امكانية اقامة دولة ابرتهايد كدولة يهودية وديمقراطية، ستشرق نبوءة كاتب المقالات المنسي بضوء خافت.

لقد كان أول من شخص، منذ اكثر من اربعين سنة، بأن الاحتلال هو أمر لا رجعة عنه. وفي الوقت الذي تشاجروا فيه هنا حول "مستقبل المناطق"، ادرك ما اصبح الكثيرون يدركونه الآن: لا يوجد خيار حقيقي للتقسيم. هذا ضحك القدر: مقاله الاخير في "هآرتس" بتاريخ 17/3/2017، حمل في الطبعة الورقية عنوان "ليس وضعا لا رجعة عنه".

كان هذا مقال للاعتذار عن الخطأ وبث الأمل ممن اعتبر اكبر المتشائمين وتبين أنه الاكثر واقعية من بين الجميع: "كم من الطاقات بددنا على مراقبة الحواجز، كشف المظالم، عد المستوطنين، تسجيل سرقة الاراضي، مظاهرات احتجاج ودعاوى للمحكمة العليا.

الجميع حاولوا محاربة مأسسة نظام الابرتهايد. ولكنهم فعليا ساهموا في ترسيخه. والنقاشات العبثية في قضية مزايا وعيوب دولة واحدة مقابل دولتين تعتم بشكل متعمد على حقيقة أن الامر لا يتعلق بالايديولوجيا، بل بتعريف الواقع".

بالكاد تعرف عليه. ولكن عند قراءة اقواله لا يمكن عدم حني الرأس تقديرا وثناء على النبوءات التي سبق وتحققت، وعلى النبوءات التي في طريق التحقق. الشخص الذي صمم على تعريف نفسه بأنه صهيوني وأحد السكان الاصليين وعارض مقارنة اسرائيل بجنوب افريقيا، قال في مقابلة أجراها معه آري شبيط في "هآرتس" في العام 2012، قال بأن دولة الأمة اليهودية لا مجال لها. عاصفة تهتز من الداخل.

وهو لم يعتقد بأن حل الدولة الواحدة هو حل جيد، وأنه الحل الوحيد. لذلك، دعا الى "المساواة في الاحترام" بين الطائفتين. "لقد حان الوقت كي تفهم أنت واصدقاءك في تل ابيب"، قال لشبيط، "بأنه لا يمكن تقسيم البلاد، لا يمكن. أنت لا يمكنك القول للعرب بأن ينسوا يافا وعكا، هم لن ينسوا. وأنت لا تستطيع أن تجعل أي فلسطيني يوقع على نهاية الصراع. هم لن يوقعوا.

الخط الاخضر الذي كان الذريعة الكبرى لليسار لم يعد قائم. في تل ابيب لا يريدون فهم ذلك. ولكن ارض اسرائيل هي كاملة. لذلك، تقسيم البلاد غير ممكن، سواء جغرافيا أو طبيعيا أو نفسيا".

في العام 2050 لن تكون "يروشاليم" بعد، تنبأ المقدسي الغيور، بل ستكون "يريمودين"، وهو دمج بين يريحو- موديعين، مدينة واحدة من السهل الساحلي وحتى غور الاردن مع حوض مقدس كمتحف في البلدة القديمة. "أنا لا أعرف اذا كان في هذه النبوءة أي أمل. الامر المؤكد هو أنني لن أكون هناك".

كلماته الاخيرة في "هآرتس" كانت كلمات أمل: "كل شيء يبدو معدوم في نظر الليبراليين اليساريين. ولكن عمليات التطرف تخلق بشكل بطيء ردود مضادة. الصراعات هي طويلة المدى، وخطورتها هي في نفاد الصير. ولكن انتصارها أمر محتم". بنفنستي آمن بأن اسرائيل لن تستطيع السيطرة بالقوة على الفلسطينيين الى الأبد. في نهاية المطاف ستكون هنا ديمقراطية. وماذا نريد بعد كارث من نبي حقيقي.

 

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب