news-details

"المنقذ" من الكورونا بحاجة لمنقذ

  •  تقرير مراقب الدولة، متنياهو أنغلمان كشف، الاثنين الماضي، عدم جاهزية جهاز الصحة في إسرائيل للتعامل مع انتشار الأوبئة

بفارغ الصبر تنتظر شعوب العالم تجاوز محنة تفشي وباء الكورونا والعودة الى الحياة الطبيعية، التي سبقت هذه الجائحة. فالإنسانية سبق لها ان تخطت محنًا أشد وطأة وأكثر سفكا للأرواح وفي ظروف أكثر تعقيدًا وتخلفًا. وهذا ما يعزز لدينا نزعة التفاؤل ويزيد من عزيمتنا على الصمود في مواجهة هذا الوباء اللعين من خلال الانزواء في البيت وعدم الاختلاط والتقيد بالتعليمات بشكل صارم، خاصة وان المثال الصيني ما زال ماثلا أمامنا. كذلك لايزال ماثلا امامنا الثمن الباهظ التي جنته هذه الجائحة من أرواح في عالمنا.

ففي ايطاليا بلغ عدد الوفيات 6820 أكثر من ضعف الوفيات في الصين (3281 وفاة) وفي اسبانيا تجاوزت الوفيات 3434 (أكثر من الصين) وفي إيران تخطت الوفيات الرقم ألفين، هذه الاحصائيات حتى يوم أمس الأول الاربعاء وان مجموع الوفيات حول العالم  تجاوزت أمس الخميس 22,025 وفاة. 

والمرعب في الامر ان هذه الارقام في تصاعد مستمر في ضوء عدم توفر اللقاح ضد هذا الوباء وبسبب التباين في خطط الدول وامكانياتها لمواجهة هذا الوباء وكذلك بسبب التباين في مدى التزام شعوب هذه الدول في هذه الخطط وبسب طبيعة انتشار المرض على شكل متوالية هندسية الواحد ينقل المرض لاثنين والاثنين لأربعة والأربعة لثمانية وهكذا.

هذا عدا عن الخسائر الفادحة التي لحقت بالاقتصاد العالمي بسبب توقف الحياة والحركة، بشكل شبه مطلق، في معظم الدول والذي  سنلمس أثره السلبي على مدار سنوات طويلة قادمة. فثلث سكان العالم يعيشون اليوم في حجر منزلي.

وفي إسرائيل تضاعفت الإصابات مرات عديدة خلال اقل من اسبوع ووصلت أمس الاول الى 2369 إصابة وكذلك تضاعفت الإصابات الخطيرة وارتفع عدد الوفيات، أمس، الى ثماني. وان التوقعات هي مضاعفة الإصابات كل ثلاثة أيام الأمر الذي ينذر بإصابة مئات الألوف بالوباء وهذا سيقترن بمضاعفة الإصابات الخطيرة وعدد الوفيات.

وفي ضوء النقص في القوى البشرية في الجهاز الصحي بسبب الاهمال المتواصل  وكذلك بسبب إصابات العشرات من الاطقم الطبية نتيجة النقص بمستلزمات الحماية والادوية والوسائل اللوجستية الخاصة بالوباء وكذلك بسبب نقص الاسرة في المستشفيات بـ 20 ألف سرير وخاصة الاسرة في اقسام العناية المكثفة والنقص في مخزون الأدوية  والنقص في اجهزة التنفس واجهزة إجراء الفحوصات فان المخاطر ستكون جسيمة. 

وكان تقرير مراقب الدولة، متنياهو أنغلمان كشف، الاثنين الماضي، عدم جاهزية جهاز الصحة في إسرائيل للتعامل مع انتشار الأوبئة، كما أظهر التقرير نقصا حادًا في عدد الأسرّة في المستشفيات بالإضافة إلى نقص في أجهزة التنفس الاصطناعي.

وأوصى التقرير وزارة الصحة ووزارة الأمن والجهات المعنية بوضع إستراتيجية عملية من أجل التعامل بنجاعة متناهية مع حالة تنتشر فيها الأوبئة. 

وهذا التقرير تم إعداده خلال العام الماضي على إثر تفشي مرض الحصبة والإنفلونزا والإيبولا، وتم تقديمه لوزارة الصحة في تشرين الثاني الماضي.

كما ان مراقب الدولة، الذي عينه نتنياهو الصيف الماضي، حرص على صياغة متهاونة للتقارير التي تنتقد إجراءات اتخذت بقرارات من مكتب رئيس الحكومة. كما تجنب التقرير تحديد الجهات المسؤولة عن التقصير.

ونقلت صحيفة "هآرتس" عن مصادر في مكتب مراقب الدولة أنه تم تليين وشطب مواد تنتقد أداء نتنياهو. وكان من المقرر ان يصدر التقرير في كانون الثاني الماضي لكنه تم أرجاؤه لشهر أيار وبعد تفشي الكورونا صدر الاثنين الماضي. وربما ان التسويف في إصداره جاء بأمر من نتنياهو لإعادة صياغته بما يتلاءم مع رغباته كون ان الصياغة الاولى كانت على يد المراقب السابق يوسف شبيرا.

التقرير يكشف عيوب، لكن بصعوبة يستخدم هذا المفهوم!!

 وقال يعقوب (مندي) أور، من كبار رجال مكتب المراقب في السابق، أن الحركة لنقاء الدولة، التي هو من رؤسائها، ستدعو الكنيست للعمل فورا على تشكيل لجنة تحقيق رسمية، لأن تأجيل التحقيق حتى انتهاء الازمة لن يمكن من اصلاح العيوب في موعده.

وكان رد نتنياهو، كما هو متوقع، بأن الكورونا هو حدث يحدث مرة كل مئة سنة، وفي الواقع لا يمكن الاستعداد له!! متجاهلا بذلك ان التقرير لا يتطرق الى وباء الكورونا وان النواقص التي أشار اليها التقرير لا صلة لها بالكورونا وانما بعمل الجهاز الصحي خلال السنة الماضية والذي زاد سواء خلال الاشهر الماضية من هذه السنة. 

وسبق هذا التحذير الكارثة التي حلت بالصين والاجراءات الوقائية التي اتخذتها للحد من انتشار الوباء والقضاء عليه والتي يبدو ان بعض الدول ومنها إسرائيل لم تستخلص العبر الكافية منها. وتلا ذلك المأساة الايطالية وثم الاسبانية والفرنسية والبريطانية واليوم استجداء ترامب دول اسيا والعالم لتقديم المساعدة والوسائل لمواجهة الوباء وكل ذلك كان بمثابة نواقيس خطير لما سيحصل هنا لكن لا حياة لمن تنادي!!

فنتنياهو، الغاطس حتى اذانيه في حبك المؤامرات السياسية للخروج من مأزقه، ليس لديه الوقت للتفكير بمواجهة هذا الوباء او الاستفادة من تقرير مراقب الدولة او من التجربة الصينية الرائدة والرائعة او من التخاذل الذي ابدته بعض الدول مثل ايطاليا واسبانيا وبريطانيا التي مازالت تدفع الثمن الباهظ، الى ان داهمه الوباء بغثة وكما يقول مثلنا العربي "العليق وقت الغارة خسارة"!!

ويحاول نتنياهو من خلال طلته اليومية على القنوات التلفزيونية دب الطمأنينة فينا وإيهامنا بانه القائد والمرشد الذي يهمه سلامة مواطنيه واستعداده لبدل كل الجهود لمواجهة هذا الوباء ويتباهى بانه كلف رئيس الموساد بشراء إجهزة التنفس من الولايات المتحدة ( التي تستجدي المساعدة اليوم من دول العالم) ومن بعض "الدول الصديقة" في الخليج العربي!! وانه مستعد في سبيل ذلك لتشكيل حكومة طوارئ مع كحول لفان ويوجه الدعوة تلو الدعوة لإقامة مثل هذه الحكومة رغم انه لا يكف لحظة عن التحريض العنصري على هذا التحالف لمجرد انه يحظى بقسطٍ من الدعم من القائمة المشتركة . 

هذا في حين ان كل مواطن في إسرائيل يعي حقيقة ان نتنياهو يستغل بشكل سافر هذه الجائحة لأهدافه الشخصية المحضة وفي مقدمتها تجنب ان تقوده ملفات فساده الى السجن. لذلك حظر عمل المحاكم قبل يومين من بدء محاكمته وحاول تعطيل عمل الكنيست ومنع اجراء انتخاب رئيس لها بدلا من يولي إدليشتاين، الذي تمرد على قرار المحكمة العليا في سابقة اولى في تاريخ إسرائيل. ويحاول اليوم محموما منع اتخاذ قرار في الكنيست يمنع أي عضو كنيست متهم بقضايا الفساد من تشكيل حكومة.

ولم يغب عن بال احد انه في خطابه مساء الاربعاء الماضي تجاهل بشكل مطلق موضوع انعقاد المحكمة العليا في تلك الاثناء للبحث في رفض إدليشتاين تنفيذ قرار المحكمة إجراء انتخاب رئيس للكنيست وكانه ليس هو الذي ارغم إدليشتاين على الاستخفاف بهذا القرار وعدم الانصياع اليه .

ويحاول نتنياهو تهول مصيبة الكورونا ودب الهلع بين المواطنين لأهداف سياسية بحثة فنقلت مواقع إخبارية إسرائيلية، بينها القناة الإسرائيلية (12)، عن نتنياهو قوله خلال اجتماع على الهاتف مع وزراء: حكومته: "يمكن أن نصل إلى مليون مصاب خلال شهر، في وضع صعب كهذا يمكن أن يكون هناك عشرة آلاف حالة وفاة في إسرائيل، كما تنبأت التوقعات الأكثر سوءا لوزارة الصحة". هذا في حين ان أكثر التوقعات تشاؤمًا، لمحللين اسرائيليين، اعتمادًا على احصائيات من دول مختلفة في العالم محنت بالكورونا، فان عدد الاصابات في إسرائيل لن يتجاوز 400 ألف . فلماذا كل هذا التهويل؟ قد يكون المراد من ذلك جر كحول لفان الى حكومة طوارئ تحت زعامة نتنياهو وهذا يمنع سجنه او فرض حظر تجول مطبق في البلاد تشل الحياة الاقتصادية والسياسية فيها. واذا لم يكن هذا او ذاك فعدم الوصول الى هذه الارقام المضخمة سيعكس مدى نجاح نتنياهو في قيادة الازمة وبـ"جهوده الحكيمة" قلص عدد الاصابات والوفيات. فهو "القائد" وهو "المنقذ"!!  

وربما هذا الامر ما حمل 300 طبيب، بينهم مديري أقسام في المستشفيات ومسؤولون في الجهاز الصحي، على ارسال عريضة إلى الرئيس الدولة رؤوفين ريفلين، الثلاثاء الماضي، عبروا فيها عن تخوفهم من الوضع السياسي، وخاصة تعطيل "الكنيست"، وانتقدوا أداء رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وقالوا إنه يستغل الأزمة.

وأضافت العريضة "أننا متزعزعون من رياح العنصرية التي تهب في أوساط منتخبي الجمهور ومن محاولتهم أن يخرجوا من اللعبة الديمقراطية جمهورًا كاملا".

وقالت د. ياعيل فارين، المتخصصة في الأمراض المعدية والأوبئة، والتي بادرت لهذه العريضة: "يوجد استغلال لأزمة كورونا لأغراض سياسية. وليس فقط أنني ارى العلاقة بين المرض وبين الكنيست التي لم تجتمع لانتخاب رئيس جديد للكنيست، خلفا لرئيسها الحالي يولي إدليشتاين".

ووصفت فارين منع رئيس الكنيست التصويت في الهيئة العامة بانه استغلال بشع للوضع وانقلاب سلطوي.

وهذا ما يتردد في وسائل الإعلام الدولية أيضًا. سنستيقظ بعد الأزمة على واقع مختلف.

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب