كلمة عضو بلدية حيفا رجا زعاترة في أمسية "ميلاد النور" التي نظمتها كنيسة الروم الأرثوذكس في حيفا مع جوقة سراج بقيادة الفنان سامر بشارة، وبالتعاون مع مديرية المساواة في بلدية حيفا، في قاعة كريجر في الكرمل الفرنسي، مساء الأحد 7.12.2025) الحفل الكريم؛ الرئاسة الروحية، الآباء الأجلاّء، رئيس وأعضاء المجلس الملّي الوطني الأرثوذكسي حيفا؛ الحضور أجمعين مع حفظ الألقاب والأسماء، نأتي هنا هذا المساء لنرتشف جرعةً فنيةً تنعش القلب والروح، عشية الحدث الذي غيّر مجرى تاريخ البشرية قبل أكثر من ألفي عام؛ ولادة يسوع المسيح، ابن الناصرة والجليل والقدس وبيت لحم. ونحن، إذ نقف اليوم على عتبة هذه المناسبة المجيدة، لا نتذكّر فقط فرح الميلاد، بل نتذكر أيضًا مخاضَ الحمل والولادة، ونتذكّر الطفل يسوع ومريم العذراء ويوسف النجّار لاجئين إلى مصر، اتقاءً لشرّ هيرودس، سفّاح الأطفال ومجرم حرب ذلك الزمن، الذي أمر بذبح الرضّع في بيت لحم خشية "ملك اليهود". فكانت رحلةُ العائلة المقدسة، وأولى محطاتها حي الزيتون في غزة. كنيسة القديس برفيريوس، كنيسة أرثوذكسية شرقية في قلب مدينة غزة، يرجّح أنها ثالث أقدم كنيسة في العالم. تعرّضت لقصف مجرمي هذا الزمن، وكذلك كنيسة العائلة المقدّسة الكاثوليكية ومعهما عشرات وربما مئات المساجد والجوامع، ناهيك عن المستشفيات – ومنها المستشفى المعمداني - والمدارس والجامعات والبيوت السكنية والمنشآت المدنية. ولكن ما زالت الكنيسة واقفة شامخة باقية، صامدة بأهلها، ولأهلها. ونحن من هنا، من كرمل حيفا، نقول: ستظلّ أجراسُ كنائسِنا، تُقرع وتقرع وتقرع، من غزة إلى الجولان، وسيظل أذانُ مساجدِنا، يُرفع ويرفع ويرفع، في سماء بلادنا، في النقب في المثلث في الجليل... رغم أنف الغاصبين. أيها الحفل الكريم، إنه لمن الطبيعيّ، لا بل قد يقول بعضُنا - وأنا منهم - من قوانين الحتمية التاريخية، أن تلتئمَ وتلتحمَ مفردتا "الوطني" و"الأرثوذكسي" في اسم هذه المؤسسة العريقة، وهو اسمٌ على مسمّى؛ فلا حياد أمام الحقيقة التاريخية الموضوعية في الإسهام الكمي والنوعي الكبير، الذي يعزّ نظيرُه، لأبناء الرعية الأرثوذكسية بهيئاتها ومؤسساتها التربوية والثقافية، وبأفرادها، يرفعون اسم حيفا عاليًا عاليًا منذ عشرات السنين، في الجامعات، في المستشفيات، في قطاعات الهايتك والتكنولوجيا، في القانون، في الفن والثقافة، وفي السياسة والمجتمع. فإنْ كان العرب الأرثوذكس - حالةً وأفراد - قد لعبوا دورًا محوريًا في النهضة العربية في القرن التاسع عشر بين مصر والشام، كقوّة فكرية وسياسية وطنية وتقدّمية؛ فلن نجافي الحقيقة إنْ قلنا إنّ هذا المكوّن الاجتماعي العزيز في حيفا قد أبلى بلاءً حسنًا في نهضة المدينة على مدار عقود طويلة. ونحن، معكم، نتطلّع إلى صون وتكثيف هذا الدور، في قضايا الأوقاف، والتربية والتعليم، والثقافة، والكشاف الشباب، وجميع النشاطات المباركة. أحبائي، بما أنّ الليلة مخصّصة للموسيقى – فلا بدّ للسياسيين أن يترجّلوا عن منصة الفنّ. ولكن لا بدّ للسياسة من كلمة أخيرة. نحن نثمّن الشراكة مع رئيس البلدية السيّد يونا ياهف، ورغم الظروف الموضوعية الصعبة، وتقليص الميزانيات الحكومية، والظرف السياسي الحرج، نتطلّع لأن ترسي هذه الدورة البلدية والمتبقي منها ثلاث سنوات، حتى نهاية العام 2028؛ أن ترسي تغييرًا جذريًا في تعاطي البلدية مع قضايا المجتمع العربي، حيث ولأول مرة يوجد ملف اسمه ملف المجتمع العربي، نتولّاه أنا وزميلي فاخر بيادسة. نعم.. قضايانا كثيرة ومتشعّبة، من الشارع غير النظيف والحفرة في الرصيف، إلى موقف السيارة والأمن الشخصي في الحارة؛ من فرص السكن والعمل إلى ضمان حيّز حر ودعم معقول للثقافة والفنون، عسانا - في واقعنا المُحبَط والمُحبِط - نجترحُ لأنفسنا فسحةً من الأمل. ولكن بوصلتنا الاستراتيجية تبقى متموضعةً على قضيتين مركزيتين. أولًا التخطيط والسكن، حيث نقوم بدفع مخططات هيكيلة – في مراحل متفاوتة – لأحياء وادي النسناس والحليصة وعباس وغيرها. وثانيًا التربية والتعليم، حيث لدينا خطة شاملة لتطوير التعليم الرسمي، وفتح مدارس جديدة خارج الأحياء التاريخية، وتطوير العلاقة مع المدارس الأهلية ودعم مطالبها العادلة أمام الحكومة الظالمة، فضلًا عن قضايا الطفولة المبكرة والطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة والتوجيه المهني والأكاديمي وغيرها. ولأنّ خير الكلام ما قلّ ودلّ نقول: نحن أقوى معكم، وبكم، ولكم. هذا صحيح في بلدية حيفا، وصحيح على المستوى القطري. باختصار: نعم لقائمة مشتركة واحدة ووحيدة في انتخابات الكنيست القادمة. هذا هو مطلب الناس، وهذا هو واجب الساعة. المجدُ للّٰهِ في العُلىَّ وعلى الأرضِ السلام والرجاءُ الصالِح لبَنيّ البَشر. كل عام والجميع بألف خير حيفا، 7.12.2025