news-details

أما لهذا الليل أن ينجلي | سهيل عطاالله

خلافا لما يتوقعه الناس، أستعرض تجارب الماضي المؤلمة والمجبولة أحيانا بمسحة من الرضا، أستعرضها لأؤكد واقعا أن كل شيء تعلمته كان قد تعزز من خلال حزن وليس من خلال اغتباط!
لو كان ممكنا أن نمحو الألم من وجودنا الأرضي لما كانت النتيجة نيل حياة مكللة ببهجة واستمتاع بل حياة مجردة من الابتذال!
كم أحب الرقة وأنشدها في هذا العالم الموحش المسكون بالقسوة والبشائع! أعلم وتعلمون ان شريعة الغاب من شرائع الماضي لكن حاضرنا ممهور بها! هنالك أغنية أجنبية سمعتها عندما كنت زائرا أقاربي في استراليا.. تقول لازمتها: "إننا لا نملك غدا، لكننا نملك البارحة". في كلام هذه الاغنية تمجيد للماضي، وأتساءل بدوري: أين نحن من الحاضر؟! الحاضر الجميل هو الذي ينقلنا الى عوالم تصنع من الخيال ربيعا لا يعرف الذبول.. ربيعا للحب وحرية الانسان!
لا يكون التاريخ تاريخا إلا إذا انقطع تأثيره المباشر على واقعنا اليومي.. إن لم ينقطع يمسي واقعا حياتيا يؤثر ويتأثر، يتشكل ويتكامل! هذا التاريخ اللامنقطع يميز حياتنا العربية على نحو ماضٍ لا يريد أن يمضي وحاضر لا يريد أن يحضر!
مشكلتنا نحن العرب أننا مصابون بالشلل.. نكتفي بما مضى! عندما يرمينا غريم أرضا نستطيع النهوض أما عندما نمتثل للأعراف والتقاليد نبقى منبطحين على الأرض الى الأبد!
لا قيمة ليرموكنا في كتب التاريخ الغابر طالما حاضرنا حاضر هزائم.. حاضر يتعذر فيه تصميم يرموك جديدة!
عندما نتسفع بشمس الشيخوخة بعيد هجرة الكهولة نغوص في ذكريات الشباب! شيخوختنا تستعيد نبضها وبهاءَها بارتداء جلباب الماضي يوم كان نسغ الشباب يتدفق حيوية ونشاطا في العروق!
ذكريات الشباب على شفاه المسنين هي العزاء وهي الدواء لكل الدانين من النهاية.. في حالات اليأس ينتصب الماضي أمامنا.. نلوكه.. نجتره.. نرى في مضغه وصفة طبية لمسح تجاعيد وجوهنا وجلودنا! في حالات اليأس هذه نسترجع الماضي ليرى الشيب في هياكلهم الهشة شبابا أخضر.
قمع الناس يولد ثورة وانفجارا.. لكننا كأمة مهيضة الجناح نؤثر الانتحار على الانفجار ونبدد في محضر الهزائم مهزومين حتى النخاع! في هذه الأمة التي تنهشها الهزائم تتحول بطولات حطين واليرموك الى لازمة أغنية مملة ينشدها قادتنا وساستنا لتمجيد قبح أخفاقاتِنا. ما أقبح القبيح!

 

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب