news-details

إذا كان لا بد من الاعتذار

معاريف- 25/7/2019

*مع أن دولة اسرائيل مذنبة في اهمال مشاكل الوسط العربي، ولكن في اضطرابات تشرين 2000 لم تكن هي المعتدي بل الضحية. لدى العرب قوة سياسية ولكنهم لا يستغلونها لتحقيق الانجازات التي لا يمكن لاي لجنة كلجنة أور ان تحققها لهم*

بعد قليل ستمر عشرون سنة على الايام المريرة والمتهورة لتشرين الاول 2000. من مسافة الزمن، تتشوش الذاكرة، وتقل الحساسية، من فعل، ماذا فعل، لماذا فعل. يريدون اعتذارا؟ خذوا اعتذارا. فأنتم ونحن ايضا نفهم بان هذا ليس اكثر من مجرد مناورة سياسية لاهداف البقاء.

نقاط خلل كثيرة انكشفت في احداث تشرين الاول 2000. شرطة غير جاهزة، قادة تلقوا تعليمات غير واضحة، تهور وعدم اكتراث (من واجب الشرطة هي استنفاد كل سبيل ممكن، مع مراعاة الظروف، لمنع الضحايا في الارواح)، هكذا قررت لجنة القاضي ثيودور أور، بصفتها حكيمة بنظرة الى الوراء للتحقيق في الاحداث. اذا كان لا بد من الاعتذار، فليعتذر رئيس الوزراء الاسبق عن تعيين هذه اللجنة الزائدة. هذا هو الاخر كان فعلا سياسيا لزعيم يائس، في الطريق الى انهاء ولايته.

تجدر العودة الى تقرير اللجنة، والتساؤل لماذا ايهود باراك بالذات يعتذر. فقد اعفت لجنة اور باراك من التوصيات الشخصية، مثلما اعفت ايضا سلسلة طويلة من الشخصيات العربية. "ينبغي التوقع لمعايير سلوك مختلفة، سليمة، من زعماء الجمهور العرب... ينبغي توقع ايضا انه عند الخروج الى احداث الاحتجاج أن تتم، مسبقا، الترتيبات اللازمة للحفاظ على النظام"، قالت اللجنة. فهل صادفتم في اي مرة ايضا من زعماء الجمهور العربي اعتذر عن انه نسي القيام بـ "الترتيبات اللازمة" او عن أنه حرض الجمهور، او عن انه نشر دعاية كاذبة او انه اطلق "المديح للعنف كوسيلة لتحقيق الاهداف"، على حد صياغة اللجنة؟

لم تسمعوا ولن تسمعوا. لقد خلفت لجنة اور انطباعا بان الجمهور العربي هو ضحية لتنكيل رسمي متواصل. من المذنب في اعمال الشغب، في العنف، في سفك الدماء، يبدو هذا يهودا فيلك او شلومو بن عامي، او الضباط الذين أرسلوا في الحر للتصدي لجمهور محرض، اطارات مشتعلة، واحساس متعاظم بالفوضى. "افراد الشرطة المتفانون الذين يجدوا أنفسهم في يوم الامر" هكذا وصفتهم لجنة اور.

ولكن من يذكر. ما خط في الذاكرة هو قرار الحكم النهائي. اسرائيل قدمت الى المحاكمة وادينت. هي التي تميز بالميزانيات، هي الفاشلة في ضبط النظام في المدن العربية، هي التي لم تحقق بعد "المساواة الحقيقية لمواطني الدولة العرب".

لا شك أن اسرائيل مذنبة بقصورات عديدة. اهمال متواصل في معالجة مشاكل الوسط العربي هو قصور واحد. الفشل في توظيف شرطة جديرة بالثقة هو قصور آخر. على هذا واجب الاعتذار ليس فقط من باراك، بل وايضا من اسلافه وخلفائه. ولكن في اضطرابات تشرين لم تكن اسرائيل هي المعتدي بل الضحية. لقد طمست لجنة اور هذا الواقع. في محاولاتها المنمقة للعثور على "العوامل العميقة" التي "خلقت وضعا متفجرا"، في الوقت الذي شخص فيه كل ذي عقل السبب الحقيقي للاضطرابات: ارتباط عرب اسرائيل بخطوة عنيفة اندلعت في مناطق السلطة الفلسطينية.

هذا الارتباط هو ثمرة قرار سياسي واع ومتواصل من القيادة العربية. قرار مؤسف حتى وان لم يكن مفهوما. الميزانيات توزعها الحكومة. والحكومة يشكلها الكنيست. والكنيست ينتخبها الاسرائيليون. من يريد توزيعا عادلا للمقدرات، معاملة نزيهة، معالجة حثيثة للمشاكل – مطالب بان يشارك في الساحة السياسية. غير أن الزعماء العرب يرفضون المشاركة. قوتهم السياسية الكثيرة – 10، 12، 15 مقعد، يختارون تبذيرها على الاستفزازات. لو كانوا يتصرفون مثل ليبرمان، مثل ليتسمان، مثل بينيت، لكان ناخبوهم ربحوا.

لو كانوا ينضمون الى الائتلافات، يتاجرون بالتصويتات، يلعبون في الساحة السياسية العاصفة لجنوا انجازات لا يمكن لاي لجنة برئاسة قاض ان تحققها لهم. كل هذا شوش في تقرير لجنة أور. شوشت حقيقة أنه بخلاف المقعدين، او الاثيوبيين الذين يخرجون لاغلاق الطرقات لانهم عديمو القوة السياسية، فان للعرب قوة سياسية. هم خُمس السكان.

امكانية كامنة لاكثر من 20 مقعد في الكنيست. لا يوجد للعرب سبب يدعوهم لإحراق اطارات السيارات، لاغلاق الطرقات، لرشق الحجارة من الجسور، لالقاء الزجاجات الحارقة، لاحراق الغابات – اذا كان كل هدفهم الحصول على الميزانيات ونيل الفرص. يجدر بنا أن نذكر بان تشرين 2000 لم يكن الهدف. تشرين 2000 لم يكن النداء.

 

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب