news-details

إعلام متواطئ يغطي على تقاعس الشرطة في محاربة الجريمة

صمت وسائل الإعلام وخاصة العبرية عن تفشي الجريمة وإنتشار السلاح غير المرخص في المجتمع العربي، والاكتفاء بالطنطنة لما يصدر عن الشرطة من بيانات لا تخلو من المبالغة، حول العثور على كميات من الأسلحة في هذا البلد او ذاك او عن تقديم لائحة اتهام ضد مشتبهٍ به في اقتراف جريمة قتل او إطلاق نار، هو أمر مريب وخطير ويندرج في سياق المخطط السلطوي العنصري اللئيم لضرب وحدة الجماهير العربية، التي كانت ولا تزال مستهدفة منذ نكبة شعبنا وحتى يومنا هذا.

فوسائل الاعلام هذه، لا يفوتها أي خبر حول اعتداء على كنيس او مقبرة يهودية او محاولة اعتداء على اي يهودي في أي مكان في العالم وحتى انها تكرس، في كثير من الأحيان، برامج إستثنائية لمثل هكذا أحداث وتستمر لساعات طويلة على مدار اليوم، وتحمل العالم بأجمعه المسؤولية عن تفشي اللاسامية - لكن عندما يدور الحديث عن جريمة قتل او إطلاق نار في المجتمع العربي تملأ فمها ماءً وتحاول تبرئة ساحة الشرطة والأجهزة الأمنية وحصر المسؤولية عن مثل هذه الجرائم في المجتمع العربي وكأنه مجتمع عنيف متخلف ولا ينصاع للقوانين!!

وهنا لا بد من تأكيد حقيقة ان الجماهير العربية في إسرائيل هي جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني وان نسبة العنف والجريمة بين الجماهير العربية ثلاثة أضعاف ما هي عليه في الضفة الغربية، ليس لان الجماهير العربية "أكثر تخلفًا" من أبناء شعبنا في الضفة الغربية بل لان هناك سلطة وطنية يهمها أمن المواطن وتتصدى للجريمة بقوة ومثابرة. في حين ان الجريمة والعنف وانتشار السلاح غير المرخص في المجتمع العربي في إسرائيل في تصاعد مستمر وكذلك ضحاياه، وهذا يعني ان الظروف لاتساع تفشي هذه الظاهرة متاحة ومن أبرزها التقاعس المقيت للأجهزة الأمنة في التصدي لها ومجابهتها بحزم وإصرار. فعندما نتحدث عن ان أكثر من 85% من السلاح غير المرخص في البلاد بحوزة قلة قليلة من المجتمع العربي،الذي يشكل بمجموعه 20% من نسبة السكان، ندرك مدى تقاعس وربما أكثر من مجرد تقاعس الأجهزة الأمنية في مقدمتها الشرطة والشاباك عن محاربة هذه الظاهرة التي تعصف بوحدة هذه المجتمع ومن غير المستبعد ان يتهدد تمددها المجتمع اليهودي في المستقبل غير البعيد.

ويظهر الشاباك والأجهزة الأمنية الأخرى، التي تتباهى بقدراتها عن كشف اية جريمة مهما كانت مستعصية اذا كانت الضحية يهوديًا وحتى لو كانت على مجرد خلفية جنائية، العجز المريب عندما تكون الضحية من المجتمع العربي وهذا ما تؤكده حقيقة ان نسبة تقديم لوائح اتهام في جرائم القتل وإطلاق النار وحيازة السلاح بدون ترخيص لا تتعدى 3,7% في أحسن الحالات وان أكثر من 70% من ملفات القتل التي راح ضحيتها مواطنين عرب لم يتم حلّها او تقديم لوائح اتهام فيها حتى اليوم!!

وعلى الرغم من توفر كل الإمكانيات لدى الأجهزة الامنة لكشف عن هذه الجرائم وبضمن ذلك التجربة الغنية والمتراكمة على مدار عشرات السنوات من الاحتلال وقمع الجماهير العربية إضافة الى إتساع شبكة المخبرين المحليين في كل بلد وبلد، وأيضا اتساع انتشار كاميرات المراقبة في جميع إحياء المدن والقرى العربية. وان ما تدعيه الأجهزة الأمنية بانها عاجزة عن الدخول الى قرانا ومدننا لوضع حد لفوضى السلاح والحد من الجريمة لا مبرر له ومهزلة على ضوء ما تنفذه هذه الأجهزة من اقتحامات وبشكل متصاعد لمدننا وقرانا عند تنفيذ أوامر هدم المنازل العربية او اعتقال مواطنيين!!

وما الطنطنة للأخبارعن ضبط بضع عشرات من قطع السلاح هنا وهناك او لمجرد تقديم لائحة اتهام ضد مشتبه ما في تنفيذ جريمة قتل او إطلاق نار ما هو الا تغطية خسيسة على تقاعس الجهات التي من واجبها السهر على أمن المواطنين. فما ضبطته الشرطة من سلاح غير مرخص هو نقطة في بحر من السلاح المنتشر في بلداتنا وهو لم يؤثر على الحد من الجريمة المتزايدة باضطراد. كما ان تقديم لوائح اتهام ضد نفر من المجرمين وترك عشرات المجرمين الآخرين طلقاء يتجولون بكامل الحرية في المجتمع ويقتنصون الفرص لتنفيذ المزيد من الجرائم، لم يقلص جرائم القتل في مدننا وقرانا لذلك لا يحق للشرطة وكذلك لوسائل الاعلام المتواطئة معها التباهي بمثل هذه "الإنجازات"!

والمريب في الامر ان الأجهزة الأمنية تعرف تمام المعرفة اين ينتشر السلاح غير المرخص وتعرف أيضًا عصابات الاجرام بالأسماء والالقاب وفي كثير من الأحيان تعمد هذه الاجهزة الى رعاية هذه العصابات، وتتسامح معهم، شريطة التعاون معها كمخبرين أوفياء.

وقد نجحت الأجهزة الأمنية خلال العقدين الاخرين في تنظيم جيش من المتعاونين يضم من كانوا عملاء للاحتلال في غزة وتم نقلهم الى قرانا ومدننا ومنهم أيضًا من كانوا عملاء للاحتلال في جنوب لبنان ومنهم من كانوا عملاء للاحتلال في مدن الضفة المحتلة وانكشف أمرهم بالإضافة الى مئات العملاء المحليين في كل بلد وبلد.

قد يرى البعض اننا نبالغ بعض الشيء في تحميل السلطة المسؤولية عن تفشي العنف والجريمة ونهمل بعضا من مسؤوليتنا كمجتمع عن هذه الظاهرة الخطيرة التي لها خلفية موضوعية ترتبط بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية كالفقر والبطالة والسياسة العنصرية في مجال التشغيل والتعليم والصحة وغيرها. وكذلك هناك عوامل ذاتية عديدة فعدا تقاعس الجهات الأمنية عن مواجهة هذه الظاهرة ووضع حد لها أيضًا، دور البيت والمدرسة ومؤسساتنا الثقافية والتربوية وسلطاتنا المحلية وهيئاتنا القيادية مثل لجنة المتابعة ولجنة رؤساء السلطات المحلية واحزابنا وحركاتنا السياسية ومنظماتنا التي ينبغي عليها جميعا العمل والتثقيف على نبد العنف والحد من الجريمة وفوضى السلاح. وكذلك تشديد النضال الموحد والمنظم ضد هذه الظاهرة التي تتهدد مصيرنا وصمودنا في هذا الوطن ومواصلة الضغط محليًا وعلى مستوى دولي على السلطة لمواجهة هذه الظاهرية بكل جدية ومسؤولية وبدون أية مراوغة.وما حققته جماهيرنا من مكاسب وانتصارات هو نتيجة نضال مثابر وعنيد لهذه الجماهير. ولم يأت لحسن نوايا المؤسسة العنصرية الحاكمة.

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب