news-details

احتفالات التخرج مباركة، ولكن...

ما اجمل أن يصل المرء في مرحلة معينة الى احتفال ما، قد يشعر بقضاء فترة أو مرحلة معينة في حياته، ولا يهم من يكون هذا المرء طبعًا من الجنسين، إلا انه يترتب عليه أن يقيّم هذه الفترة أو المرحلة لدى وصوله الى الاحتفال المناسب الذي انتظره كثيرًا، وقد وصل اليه بفرحه عارمة لحصوله على ما كان يصبو اليه كاملًا أو شبه متكامل وربما يكون بحاجة الى المزيد.

و إذا كان الاحتفال تخرّجًا ما من مؤسسة تعليمية أو مدرسة عادية بشتى مراحلها، فبدون ريب تكون فرحته كبيرة، وغبطته عميقة، وتزداد اكثر وأكثر اذا كانت تحمل في ثناياها انجازات ونجاحات تدعو الى الارتياح لديه هو اولًا، ولدى ذويه من الاهل طبعًا ثانيًا ولدى المجتمع ثالثًا، وهذا الامر قد ينطبق على مناسبات واحتفالات عديدة ربما عُمل من أجلها الكثير لتحقيقها.

وما نحن بصدده في هذه السطور حفلات واحتفالات التخرج في المؤسسات التعليمية والمعاهد العليا وبعدد من المرافق الثقافية، التربوية، التعليمة بشتى السبل والمستويات والمواضيع.

في الآونة الأخيرة قرأنا الكثير عن احتفالات التخرج وخاصة في المدارس، الابتدائية، الاعدادية، والثانوية، وأعجبنا بالكثير منها ومن مضمونها وخاصة اذا شملت هذه الاحتفالات جمهورًا غفيرًا كما شاهدناه على المواقع الالكترونية ومن على صفحات الجرائد على اختلافها، وكذلك يزينها أو يعطيها مصداقية، حضور غفير من ممثلين للسلطات المحلية أو جهاز التفتيش وممثلي الهيئات الثقافية ولجان أولياء امور، وربما شارك فيها نفر من الفنانين أو المغنين من الناشئة مثلًا،فهنيئًا للخريجين والخريجات من الطلاب وهنيئًا لذويهم وللمجتمع ايضًا.

وفي هذا السياق أوّد أن ابدي بعض الملاحظات وربما بعض التوجيهات اذا صح التعبير، فإن نوعية كل احتفال تختلف عن غيره، كلما كان الاحتفال معبرًا وصادقًا عاريًا عن اهداف عابثة كان انجح للجميع وينطوي على ابعاد ايجابية وبناءة نحو المستقبل.

وفيما يخص احتفالات التخرج في المدارس أوّد هنا أن اتساءَل هل هذا الاحتفال او ذاك من الواجب ان يكون عبئًا على الأهل؟ وهل يترتب بذل اموال طائلة لا بأس بها في هذا اليوم؟ وهل يقاس نجاح الاحتفال ومصداقيته بالملابس الفاخرة؟ وهل مثل هذه الامور لا تثقل على الاهل ماديًا وربما تكون بشكل متواضع لتمكن جميع الخريجين من المشاركة فيها؟

ودور المدرسة لا يقل اهمية عن دور الاهل مطلقًا، فلماذا لا تأخذ الادارات بعين الاعتبار التكاليف الباهظة التي يقع الاهل تحت وطأتها، ولماذا لا تكون احتفالات صفيّة دون التهليل والتكبير؟ وهنا للجان الاهل دور فعّال ايضًا في دراسة كل احتفال تخرج مع الادارات والمسؤولين.

بدون ادنى شك الكل يفرح والكل ينتظر يوم التخرج، إلا انه في نظري ومن منطلق المسؤولية تجاه الطلاب الخريجين وذويهم ومؤسساتهم والمدارس بشكل عام بعد تقديم التهاني القلبية للخريجين والخريجات اينما كانوا والمباركة بهذا الانجاز لكل فرد وفرد، وكذلك للأهل وللمربين الذين يؤدون واجبهم في تنشئة هذه الاجيال ويبذلون جهودًا مباركة، أود بكل صدق وبدون هدف للمس بأحد لا سمح الله ان أسأل بكل تواضع : هل تفحص الاهل والإدارة والمسؤولية حقيقة انجازات الخريجين؟ وهل تمكنوا قبل الوصول الى حفل التخرج من اتخاذ قرار معين في سبيل التحسين وهل اتوا موحدين في هذا الرأي الى حفل التخرج ترافقهم افكار هدفها الأول والأخير مصلحة الطلاب؟

وبعد الاحتفال ايضًا هل استخلصت بعض العِبر؟ وهل استنتج البعض ما يترتب فعله في مطلع السنة الدراسية الجديدة؟ وهل رسمت خطط بداغوغية عميقة وفق الانظمة والأنماط الحديثة؟ وهل راودت جميع الشركاء امور تؤدي الى الاحسن مستقبلًا؟ وهل يمكن رسم خطة لنظام الاحتفال تأخذ بالحسبان امكانية الطلاب وأهلهم من نواح ٍعدة؟ كثيرة هي الامور والملاحظات التي تطرح نفسها في هذا المضمار، إلا انني اكتفي بما ورد منوهًا الى انه اذ تم دراسة قسم من هذه التساؤلات والمساءلات فيدعو الامر الى الارتياح بدون شك وأن الامور عندها تسير في الطريق الصحيح، وإلا فعلينا جميعًا بكل صراحة وبكل مسؤولية ان نفعل ما يمكن فعله من اجل الابناء ومستقبلهم بغية إعدادهم الاعداد الصحيح لمواجهة وخوض تحديات هذا العصر وبالطبع كما يعلم الكثيرون ليست سهلة وتتطلب مسؤولية صادقة وكبيرة، ويدًا بيد يمكن ان نوصل الابناء الى احتفالات تخرّج ترتكز على انجازات علمية وحقيقية كما يستحقها الابناء لتكون عونًا لهم مستقبلًا، يتباهى بها الأهل والمدارس والمسؤولون ليس في الاحتفال فحسب، وإنما يترتب ان يكون مرتكزًا على الحد الاقصى من الانجاز والنجاح لأنّ الضمير يرتاح والعمل يثمر أكثر، ويستند الطلاب على تحصيل حقيقي لا تشوبه شائبة والله من وراء القصد.

(أبو سنان)

 

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب