news-details

اسرائيل والخليج: تفاؤل حذر

*اسرائيل لم تعد العدو الصهيوني الذي يهدد بابادة العالم العربي بل جزيرة استقرار في الشرق الاوسط. والاعتراف بدولة اسرائيل كشريك في مصير امني واقتصادي هو مثابة حدث تأسيسي*

يخيل أن المؤتمر الاقتصادي في البحرين، والذي شارك فيه علنا وفد اسرائيلي، لم يكن مثيرا للانطباع منذ البداية. فالمقاطعة الفلسطينية وغياب كبار المسؤولين من الخليج قلل التوقعات بإحداث اختراق. ورغم ذلك، فليس المؤتمر كل شيء. شيء ما طيب يحصل في الشرق الاوسط: منذ عقدين، لم تعد اسرائيل مرة اخرى تعتبر منبوذة في العالم العربي.

وقد بدأ هذا بتنقيط رجال اعمال ذوي جنسية اخرى في بداية الالفين في دبي وابو ظبي، تعليم دورات اكاديمية في قطر من خبراء اسرائيليين واقامة فرع لجامعة نيويورك في ابو ظبي من قبل البروفيسور رون روبين؛ وتواصل هذا بزيارة وزير الطاقة الاسرائيلي عوزي لنداو في العام 2010.

مشاركة وفود رياضية مختلفة تحت جوازات سفر اسرائيلية من تحت رادار وسائل الاعلام في دبي، ممثلية اقتصادية اسرائيلية نجت من قضية المبحوح، واقامة لوبي تجاري اسرائيلي مبارك في السعودية. والان، بعد شوط طويل مثير للانطباع مع طلعات ونزلات، وصلت العلاقات الرسمية بين اسرائيل ودول الخليج الى نقطة ذروة جديدة، حين اعلن رئيس الموساد يوسي كوهن عن اقامة ممثلية دبلوماسية في عُمان.

تسير اسرائيل اليوم في مسار علني لاقامة علاقات بينها وبين دول الخليج، والسؤال المركزي هو: هل ستتمكن هذه الخطوات من الحفاظ على العلاقات حتى في ظل النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني؟

تشهد دول الخليج حتى الان هزة الربيع العربي كل واحدة بطريقتها. فالسعودية لا تزال غارقة حتى الرقبة في نزاعات داخلية وفي قتال في اليمن، ولاول مرة تشعر بتهديدات امنية حقيقية تبدو مؤشراتها واضحة في باقي دول الائتلاف، ولا سيما على خلفية عدم التقدم حيال قطر وايران. الشارقة ودبي تجدان نفسيهما ضائعتي الحيلة امام احداث محرجة (على التوالي): موت ولي العهد خالد القاسمي في حفلة مخدرات في لندن، وهرب الاميرة هيا زوجة آل مكتوم في تموز من هذا العام وابنته لطيفة في السنة الماضية.

اما السلطنة الهادئة عُمان فتجد نفسها في مركز قضية قصف ناقلتي نفط. لقد رفعت ثورات العقد الاخير الى الوعي السلطوي في العديد من الدول الاسلامية والعربية بان اسرائيل لم تعد العدو الصهيوني الذي يهدد بابادة العالم العربي بل جزيرة استقرار في الشرق الاوسط. والاعتراف بدولة اسرائيل كشريك في مصير امني واقتصادي هو مثابة حدث تأسيسي.

انكشف مؤخرا قسم من المبادرات المشتركة بين اسرائيل وعدد من دول الخليج، ولا سيما مع الاختراق السياسي الهام: زيارة النائبين ميري ريغيف وآفي غباي الى ابو ظبي، بنيامين نتنياهو ويوسي كوهن الى عُمان، والنائبة السابقة تسيبي لفني الى البحرين. هذه الزيارات هي مجرد مقدمة للزيارات التالية، تحققها يوجد في مرحلة متقدمة.

بنظر عدد غير قليل من المسؤولين في الخليج يعدّ رئيس الوزراء نتنياهو كسياسي محبوب حتى وان كان موضع خلاف، بينما مكانة الفلسطينيين في افول، ولا سيما بسبب الانقسام في السلطة الفلسطينية وحقيقة أن الكثير من الاموال التي خصصت للسكان من دول الخليج تبذر على امتيازات شخصية للمسؤولين وعلى الارهاب.

على اسرائيل أن تواصل الخطوات المصممة ولكن المحسوبة باتجاه دول الخليج، ولا سيما تجاه الكتلة الائتلافية برئاسة السعودية. ويبدو الوضع الحالي وعدا ولكنه حساس، ولا سيما لان العلاقات بين الطرفين تعتمد في معظمها على مصالح امنية. وحقيقة أنه لا توجد في هذه اللحظة خطوات مشتركة مع العامل الفلسطيني هي حقيقة اليمة. توجد دول الخليج بموقف اقل راحة من هذه الناحية، ورغم الرضى والتفاؤل- يجب الحفاظ على الحذر.

 

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب