news-details

الإبداع – رسالة لطلابنا|  سهيل عطاالله

الكتابة الإبداعية ابتكار وليست تقليدًا متوارثًا أو مساقًا نتعلّم من خلاله كيف نصبح مبدعين.

هذه الكتابة نتعلّمها في مدرسة الذات.. في هكذا مدرسة يكون التلميذ معلّمًا وتلميذًا على مقعد الدراسة. بالمثابرة الذاتية نتخرّج طلابًا مميزين نتقن الابداع الكتابي.

القراءة حافز قوي للشروع في الكتابة الابداعية.. في أجواء القراءة الذاتية نستلهم الأفكار والقدرات التعبيرية.. للمثال: عندما كنت طالبًا في الثانوية انتسبتُ إلى مدرسة المطالعة وكنت أختار كتابًا اُسجل عنوانه واسم مؤلفه واقتبس من على صفحاته جملاً جميلة لأنسخها في دفتر الملاحظات، وفي نهاية كل عام مدرسي كان هذا الدفتر يمتلئ بعشرات التعابير المأخوذة من أكثر من كتاب.. وبشكل تلقائي كنت أراجع هذه الاقتباسات لتصبح جزءًا لا يتجزأ من معجمي اللغوي.

في كتاباتي للمواضيع الانشائية كانت هذه التعابير تتحول إلى منصات وحي واثراء تمكنني من ابتكار الجميل والمماثل لاقتباساتي في مدرسة الذات.. في هذه المدرسة يتعلّم الطالب التخطيط الابداعي وهذا نشاط ذهني ينجزه واحدنا بعيدًا عن الروتين الذي ينضوي تحت ألويته الكتّاب التقليديون.

عندما نبدع نتخطى استعمال الرواسم او الكليشيهات – والكليشيه بالفرنسية هي العبارة أو الصيغة المبتذلة! ان تجربتي التي عشتها في مساق المطالعة مكنتني من تجاوز عبارات الابتذال.

إضافة إلى اكتساب القدرات التعبيرية من شتّى الكتب كنت اتكئ على مشاعري الذاتية لأقدم ما أكتبه بشكل يتّسم بالصدق والابتكار. في هذا السياق استحضر العلّامة عالم اللغة والتعبير الشعري (خلَف الأحمر) والذي على يديه تتلمذ شاعرنا الحسن بن هاني.. طلب الأستاذ خلف من تلميذه أبي نواس أن يرثيه بقصيدة وهو حي يرزق.. وقدم التلميذ الرثاء ونال استحسان المرثي فنظر أبو نواس إلى أستاذه قائلاً: مُتّ وسآتيك بأفضل منها.. قال الأحمر: وكيف؟ فأجابه المبدع النواسي سائلاً: أين عامل الحزن؟! هكذا نرى ان عبقرية المبدعين تتفجر اذا ما التحفت بالمشاعر.. النائحة الثكلى ليست كالنائحة المستأجرة!!

نأيًا عن الرواسم.. اسمعوا هذين البيتين من الشعر لأمير الشعراء: ناول الخديوي عباس أمير الشعراء مظلّته ليستظل بها من أذى الشمس أي من حرارتها فقال أحمد شوقي:

عباس مولاي أهداني مظلته

  يُظلل الله عبّاسا ويرعاه

مالي وللشمس أخشاها وأرهبها

  مَن كان في ظله فالشمس تخشاه

هكذا شكر الشاعر صديقه الخديوي بعيدًا عن الابتذال.

جمال هذين البيتين جعل المبدع اللبناني المعروف ميخائيل نعيمة يقول:

إن هذين البيتين كافيان لتقليد شوقي وسام أمارة الشعر.

 

 

 

 

 

 

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب