news-details

الخراف الضالة|  كايد سلامة 

عندما يطمئن قلب الخروف للذئب، ويقيم معه "علاقات" وتتطور مع الوقت، لا شك أنّ هذا الخروف إمّا حديث العهد لم يسمع عن أنياب الذّئب بعد، أو تاجر يتاجر بمصالح أبناء جلدته. الذّئب يرسم كيف يدخل القطيع إلى معدته، أمّا الخروف فيرسم كيف يقود القطيع بمساعدة الذّئب، هكذا يكون قد حدد مصيره ومصير إخوانه على المدى القريب والبعيد، دهاء الذّئب لأنيابه، هكذا تعلمنا في الصّغر القصص على هذا في شتى اللغات، وقصص الشّعوب تحذّر من تلك الأنياب! فهو يستدرج الضّعاف من الخراف ويقنعهم بحسن نيّته، ليقع الخلاف بين الأهل، وبعدها تُقَدِّم له الخرفان بعضها البعض!

حين يقصر "الزعيم" الذي أوكل بمهمة تقديم المزيد من القرابين من إخوانه، يقوم بعزله تاركا الثأر منه لأهله! ويقوم بتبديله بآخر.

 مصيبتنا العربيّة عامّة والدرزية خاصّةً  هي في كثرة "القيادات" التي تتسابق لتلعب دور الخراف مع الذّئب مع العلم بقوّة أنيابه، فماذا حصل للخراف الذين سبقوهم في المهمّة، بينما نحن نُنْهَشُ على محراب تلك الاحلام؟

الوزير السّابق ماذا لم يفعل مع الذئب! ماذا لم يقدّم له؟ قدم نفسه، وما استطاع من طائفته، تخلّى عن مصالح عشيرته وَأَهله من أجله، ساهم في جلب الويلات عليهم... كلّ هذا لم يَشفع له ويحميه من التهم التي قدّمت ضدّه حين لم يبق ما يعطيه ويقدّمه. كان عونا لهم علينا متحجِّجا بحجج معيبة وسخيفة، وها هو يعود وأكثر إصرارا إلى الخدمة، لكن الذئب لا يرغب فيه، هناك صيد أكبر وأدسم.

  هذه العلاقة غير المتكافئة بين الضّعيف والقويّ، السّاذج والداهية، الفقير والغني، ما هي إلّا مجازفة، والتماهي مع هذه الشريحة العنصريّة المتعصّبة، رغم ما نعانيه من إجحاف، وبالأخص الضّائقة السكنيّة المتفاقمة حدّ الاختناق، أدت إلى الاستهتار بنا من قبل غالبية المؤسّسات والجمعيّات في الدولة، منها جمعيّة "رغفيم" العنصرية التي دخلت إلى قرانا في وضح النّهار وبحماية القانون (حليفة بعض القيادات الدرزيّة)، صنعت من مآسينا خبزا لها واستغلّت هذا التشرذم "وطمع الخراف" حتى تغلغلوا في ثيابنا وتمكّنوا من جمع المعلومات عن أحوالنا، طبعا ليس من أجل المساهمة في حلّ أكبر أزماتنا بل من أجل تعقيدها أكثر وأكثر. هذا التضييق أدّى إلى ترك البعض لقراهم والنّزوح إلى المدن القريبة أو حتى ترك البلاد! هذا الوضع كان مبرمجا ومخططا له، وأدّى إلى انصهار البعض وابتعادهم عن الانتماء، ضربوا عصفورين بحجر.

ساهمت هذه الجمعيّة مع أزلامها في إدخال تعديلات على قانون البناء (كامنتس)، مما أدّى إلى خنق القرى العربيّة، وزيادة عدد "المخالفين" الذين لوحقوا من قبل القضاء والتنظيم، منهم من دفع الغرامات الباهظة، ومنهم من سُجن، وآخرون هُدمت بيوتهم أو هددت بالهدم.

هذه بعض النتائج المأساوية لسياسة الخراف، كما هو معلوم، أحدهم كان من المبادرين إلى قانون القومية! ليعزّز مكانه في حزبه، وآخر أصبح وزيرا وأحدهم أيّد وعلّل، وآخر بارك، ومنهم من لم ينطق ببنت شفة ضدّ المضايقات، ومنهم في أوج الهجمة الهمجيّة ضدّنا وافق أن يوقد شعلة الاستقلال! هكذا تقلّدت الخراف المناصب، بينما مناطقنا أصبحت مباحة للذّئاب!

 مع هذه النتائج، تتفاخر بعض الخراف بِأنّها نجحت في سنّ قانون "يوم امتنان وعرفان"، يحتفل الذّئب فيه مع الضحيّة، معترفا بتاريخه وظلمه. هل يعارض الذّئب التأسف والقطيع برمته بين فكيه؟! إن كنّا عاجزين أو خائفين أو غير قادرين على محاكمة الخراف الضّالة، التاريخ لن يرحمنا ولن يسامحكم على ما جلبتم من الويلات والمحن، وما اقترفت أياديكم من خراب وتطاول على المجتمع، ونحن على سكوتنا المعيب.

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب