news-details

الخطة الحكومية لمكافحة العنف والجريمة في المجتمع العربي وملاحظات حول القرار الحكومي الأخير في هذا الشأن

على ضوء ارتفاع نسبة العنف والجريمة في السنوات الأخيرة، وتكرار جرائم القتل وحالات إطلاق النار المستمرة دون رادع في مجتمعنا العربي؛ أقامت لجنة المتابعة واللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية في مطلع عام 2018 طاقما مهنيا خاصا، من أجل وضع رؤية استراتيجية وبلورة برنامج شامل للحد من انتشار العنف والجريمة، وانشغل المختصون على مدى أشهر طويلة، في مسببات تفشي العنف والجريمة في المجتمع العربي، من كافة النواحي، بدءا من سياسات التمييز العنصري والإهمال الاقتصادي الاجتماعي، ووصولا إلى جوانب مجتمعية متعددة. وتطرقوا إلى مهمات أساسية للجم العنف واجتثاث الجريمة، بدءا من المهمة الأساسية الواقعة على جهات تطبيق القانون، وأولها الشرطة، ثم جهاز القضاء، دون إغفال دور السلطات المحلية وأقسام الرفاه الاجتماعي وجهاز التعليم، واللجان والهيئات الشعبية، والمؤسسات السياسية والوطنية الشعبية، ورجال الدين والأئمة، والجمعيات والمؤسسات النسوية، والمراكز الجماهيرية، ومؤسسات الفن والثقافة الوطنية، ولجان الصلح، ولجان إفشاء السلام، والأهل، وأيضا مهمات تقع على وسائل الإعلام. ومع نهاية العام 2019، تم الإعلان عن كتاب المشروع الاستراتيجي لمواجهة العنف والجريمة في المجتمع العربي، والذي هو بمثابة تصور لإطار عام لبرنامج شامل يتطلع إلى مكافحة العنف في مجتمعنا.

كما أن اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية تولي اهتماما كبيرا لموضوع مواجهة العنف والجريمة قي المجتمع العربي، وتقوم بجهود مكثفة من أجل بناء مقترح لخطة تنفيذية تشمل المطالب والبرامج التي تضمن تقليصا في ظاهرة العنف والجريمة التي تعصف بمجتمعنا، وتشمل أيضا التغيير المطلوب في السياسات والتدابير الحكومية التي من شأنها معالجة هذه الظاهرة المقلقة، وكل ذلك من خلال عمل لجنة العنف والجريمة المنبثقة عنها، وبالتعاون والتنسيق مع مؤسسات المجتمع المدني التي تعمل في مجال مكافحة العنف. الهدف الأساس لبلورة خطة العمل التنفيذية هو: الحصول على نتائج مرجوة ومرغوبة، وتحقيق التغيير المطلوب الذي نطمح إليه، وهو: توفير جودة حياة أفضل في قرانا وبلداتنا ومدننا العربية، من منطلق أن الأمن والأمان الشخصي (الذي يفتقده مجتمعنا حاليا)، هو مركّب أساسي ومقياس مُتفق عليه علميا لجودة الحياة المرجوة.

عام 2019 كان عاما داميا، وقد وصل عدد ضحايا العنف وجرائم القتل من المجتمع العربي إلى 93 ضحية، على ضوء ذلك، بدأ التحرك والضغط الجماهيري، وكانت ذروته الإعلان عن الإضراب العام والشامل، بقرار من لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، وتنظيم المظاهرة القطرية الغاضبة التي شارك بها الآلاف احتجاجا على أعمال العنف والجرائم في المجتمع العربي، وإغلاق شارع 85 المقابل لمجد الكروم.  وفي أعقاب هذا التحرك الجماهيري، قرر رئيس الحكومة نتنياهو في أواخر سنة 2019 تشكيل لجنة خاصة مكونة من مديرين عامين للوزارات الحكومية، تهدف وضع خطة حكومية شاملة لمواجهة العنف والجريمة في المجتمع العربي. باشرت لجنة المديرين العامين في عملها وعقدت جلسات مهنية عديدة لبحث قضية العنف والجريمة في المجتمع العربي، وقد شارك مندوبون عن اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية وبعض المهنيين العرب في عدد من جلسات عمل هذه اللجنة الحكومية، وتم طرح مواقف اللجنة القطرية والمطالب العينية في كل مجال ومجال. وفي أواخر شهر حزيران 2020، لخصت اللجنة الحكومية عملها من خلال مستند سياسات وتدابير يمتد على 76 ولكن لم يتم لخطط وبرامج تفصيلية، ولم يتم تحديد حجم الميزانيات والموارد المخصصة لها من الوزارات المختلفة، ومن الجدير بالذكر أن ممثلي اللجنة القطرية ليسوا شركاء في كتابة وصياغة المستند الحكومي، وعليه فقد قامت اللجنة القطرية بإعداد وثيقة خطية تشمل العديد من التحفظات والملاحظات على مضمون المستند، وطالبت اللجنة الحكومية بتعديل وتغيير عدد من التوصيات التي وردت في المستند الحكومي. ومن أبرز الأمور الخطيرة في الخطة المقترحة، تنصل الحكومة من مسؤولية المشهد الدموي الذي يعيشه المجتمع العربي، وتحميل الضحية كامل المسؤولية عن الأسباب والمسببات والواقع العنيف، ودون أن تُحمّل الشرطة المسؤولية. أقر المستند الحكومي بأن تفاقم العنف والجريمة يعود بالأساس إلى انتشار الأسلحة غير المرخصة وفوضى السلاح في البلدات العربية، وهذا أحد العوامل الرئيسة لتغذية أعمال العنف والإجرام، إذ تستخدم الأسلحة لارتكاب جرائم قتل، وأخرى كالسرقة، والابتزاز، والخاوة، ويستخدم السلاح في سياق الصراعات بين العصابات الإجرامية والنزاعات بين العائلات المختلفة.

بعد صدور المستند الحكومي، كان من المفروض أن تقوم الحكومة بالمصادقة على المستند، والإعلان عن خطتها التفصيلية، بما في ذلك تخصيص الميزانيات لتنفيذ التوصيات، وتقدر الميزانية بثلاثة مليارات شيكل لخمس سنوات، إلا أن الحكومة وبحجج واهية ماطلت على مدار عدة أشهر، ولم تقم بطرح الموضوع على جدول أعمالها، وقد تم لاحقا حل الكنيست وتوقف بحث الموضوع لفترة طويلة.

ومع بداية العام الحالي، وبتدخل من مركز السلطات المحلية، تم عقد جلسة عمل يوم 17.1.21 مع رئيس الحكومة نتنياهو، شارك فيها طاقم من الرؤساء والمهنيين كممثلين عن اللجنة القطرية، وفيها تم عرض تصور اللجنة القطرية لمواجهة العنف والجريمة في مجتمعنا العربي، وطرح موقفها من مستند المديرين العامين، وتم عرض مطالب المجتمع العربي في كافة المجالات، وأيضا المطالبة في تخصيص الميزانيات اللازمة من أجل مواجهة العنف والجريمة. استعرض المشاركون، باسمهم وباسم اللجنة القطرية، مواقفهم ومطالبهم من ظاهرة انتشار العنف والجريمة في المجتمع العربي وطرائق مواجهتها الشاملة، مُؤكدين على أولوية مواجهة هذه الظاهرة، وأن على الشرطة تحمُّل كامل مَسؤولياتها في هذا الخُصوص، لا سيّما على مستوى جمع السلاح وتفكيك مصادر الجرائم والعنف ومُعاقبة المجرمين، وعلى مُستوى الرّدع والتحرُّك الجاد والفاعل للشرطة في هذا الاتجاه، على أساس أن هذا هو دور ومسؤولية الشرطة وليس دور السلطات المحلية العربية، وأن السلطات المحلية العربية لها دور فاعل وبكل مسؤولية في المسارات الأخرى في هذه المواجهة ضد العنف والجريمة.

بعد سلسلة المراسلات الخطية والموثَّقة مع رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ومع العديد من المسؤولين الحكوميين والهيئات واللجان التخصُّصية الرسمية، وبعد عِدة لقاءات عمل مُطَوَّلة وشاملة خلال الأسابيع الأخيرة، خرج علينا رئيس الحكومة، ووزير الأمن الداخلي ومُفتش عام الشرطة، يوم الاربعاء (2021/02/03)، وعبر مؤتمر صحفي مُصَوَّر، وبيان إعلاميّ نصيّ، للإعلان عن "قراراته" وبرنامجه الخاص والرسمي لمواجهة ظواهر ومظاهر العنف والجريمة في المجتمع العربي في البلاد، والتي تتمحور في تعيين الضابط السابق في الشرطة ورئيس مصلحة السجون السابق، أهرون فرانكو، مديرا ومسؤولا خاصا لهذا المشروع والملف، في "جميع مناحي حياة المواطنين العرب في البلاد".

اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية رأت في "إعلان" رئيس الحكومة وقراراته، بالشكل والجوهر، بمثابة تراجع بل نكوص لتعهّداته ووعوده الأخيرة في هذا الشأن، وأكدت رفضها لتعيين "حاكم عسكري"، بصورة "والي"، كوصيّ على المجتمع العربي في البلاد، بحجة مواجهة العنف والجريمة، ونظرت بخطورة بالغة إلى هذا الإجراء، خاصة أنه يُدَلِّل على التعامل بذهنية أمنية مع قضايا وحقوق ومطالب الجماهير العربية، بل وأكدت اللجنة في بيان أصدرته في هذا الخصوص أن "قرارات وإجراءات نتنياهو المذكورة، بفحواها وطريقة إخراجها، تؤكد صِحَّة موقفنا الجماعي والوحدوي في تحميل المُؤسسة الحكومية والبوليسية جُلّ المسؤولية عن سقوط مئات القتلى وآلاف الجرحى من أبناء الجماهير العربية خلال السنوات الأخيرة، ضحايا أحداث العُنف والجريمة، كسياسة مَنْهجية مُباشِرة وغير مُباشرة في هذا الاتجاه، ما لم تُثْبت الحكومة عكس ذلك، بعيدا عن فرض "الأوصياء"!

ملخص ما جاء في قرار الحكومة يوم 1.3.21 بخصوص الخطة الحكومية لمواجهة العنف والجريمة في المجتمع العربي:

الآن،  وبعد مقتل الشاب أحمد حجازي في طمرة برصاص الشرطة، وبعد التصعيد في الوقفات الاحتجاجية في البلدات العربية، وبعد نهاية أسبوع دام في أم الفحم، وبعد سقوط العشرات من القتلى في المجتمع العربي منذ بداية العام الحالي، صادقت الحكومة يوم 1.3.21 على المستند الحكومي لطاقم المديرين العامين، وأعلنت عن قرارها بشأن الخطة الحكومية المقترحة لمواجهة العنف والجريمة في المجتمع العربي، وقد تبين أن قرار الحكومة الذي تمت المصادقة عليه بالإجماع يطرح خطواتا تعتبر موضع خلاف في المجتمع العربي، وذات فاعلية محدودة، و يكاد لا يخصص الميزانيّة للخطوات العميقة التي أوصى بها مستند المديرين العامين، وهكذا يصبح القرار واهنا وعاجزا عن إحداث التأثير والتغيير المطلوب.

إليكم ما جاء في قرار الحكومة المذكور:

قرارات عامة:

1. الشراكة مع المجتمع العربي- استمرار الشراكة مع المجتمع العربي، ومع رؤساء السلطات المحلية العربية في صياغة الخطة التفصيلية وعملية التنفيذ.

2. تعزيز المجتمع العربي- تعزيز المجتمع العربي وتعزيز الآليات المجتمعية للتعامل مع ظواهر الجريمة والعنف، جنبا إلى جنب مع الإجراءات الحكومية. وفي الوقت نفسه، التعاون مع المجتمع العربي ورجال الدين والقيادات المحلية في المجتمع العربي، للعمل ضمن مجالات مسؤوليتهم لمواجهة ومنع العنف والجريمة.

3. مشاركة الجمهور والشفافية- ضمان مشاركة الجمهور والشفافية الكاملة من جانب الوزارات الحكومية فيما يتعلق بتنفيذ السياسة وتحقيق الأهداف والمخرجات والبيانات ذات الصلة بالمجتمع العربي، سواء في مرحلة التخطيط أو في مرحلة التنفيذ.

4. خطة خمسية مفصلة- تكليف مدير عام مكتب رئيس الحكومة بالتنسيق مع دائرة الموازنة في وزارة المالية ووحدة التطوير الاقتصادي والوزارات الحكومية ذات الصلة، بتقديم خطة خمسية مفصلة، خلال 120 يومًا، تشمل تنفيذ التوصيات والبرامج المفصلة، بما في ذلك توفير مصادر الميزانية والجوانب التنظيمية، بهدف إحداث انخفاض كبير في الجريمة والعنف، مع استمرار الشراكة مع المجتمع العربي.

إجراءات إضافية فورية بخصوص الحاجة للتعامل مع آثار الجريمة والعنف:

1. التعامل مع قضية الأسلحة في المجتمع العربي: تقوم وزارة الأمن الداخلي والشرطة بحملتين لجمع الأسلحة خلال عام 2021، بموجب موافقة المدعي العام فيما يتعلق بمنح حصانة من الملاحقة القضائية لحيازة أسلحة، لشخص يقوم بتسليم الأسلحة. ستعمل الشرطة على تعزيز نشاط عملياتي واستخباراتي مكثف فيما يتعلق بمصادرة الأسلحة من أجل زيادة حجم الأسلحة والذخيرة المضبوطة بنسبة 10٪ في عام 2021.

2. مسألة تسرب الأسلحة من الجيش والتصنيع غير المشروع للأسلحة: تشكيل طاقم برئاسة رئيس أركان الأمن القومي وبمشاركة ممثلين رفيعي المستوى من جميع الوزارات المعنية، من أجل التعامل مع مسألة تسرب الأسلحة من الجيش والتصنيع غير المشروع للأسلحة، وتهريب الأسلحة غير المشروعة إلى إسرائيل. سيرفع الطاقم توصياته إلى الحكومة في غضون 180 يومًا.

3. مركز دائم لتبادل المعلومات: تعميق التعاون الاستخباراتي والعملياتي بين كافة الجهات ذات العلاقة من أجل التعامل مع قضية إنتاج وتهريب الأسلحة إلى المجتمع العربي، بما في ذلك إنشاء مركز دائم لتبادل المعلومات.

4. بناء وتوسيع محطات شرطة: بناء مركز للشرطة في طوبا، توسيع مبنى شرطة كفر كنا، توسعة شرطة الطيرة، مبنى لشرطة كفر قاسم، بناء محطة إطفاء في عرابة، بناء محطة إطفاء في عيلوط.

5. وحدة "سيف": تكليف وزارة الأمن الداخلي والشرطة بالعمل على إنشاء وحدة "سيف" لمكافحة الجريمة وإنفاذ القانون خاصة في المجال الاقتصادي، من أجل توفير استجابة فورية وأولية لمكافحة الجريمة في المجتمع العربي. ستخصص الشرطة لهذا الغرض 50 ملاكا من مصادرها. بالإضافة إلى ذلك، سيتم تخصيص 24 ملاكا إضافيا للقوى العاملة، و50 مليون شيكل لمرة واحدة لعام 2021 من مصادر مختلفة.

6. موضوع الأحداث القاصرين والشباب (18-25): فيما يتعلق بالقاصرين من المجتمع العربي المدانين والمتورطين في جرائم: نظرا للنسبة العالية من القاصرين من المجتمع العربي المدانين والمتورطين في جرائم عامة، تقرر إنشاء طاقم متخصص لدراسة انخراط الشباب في المجتمع العربي واحتياجات الشباب، وتقديم توصيات حول هذا الموضوع، بما في ذلك دراسة الحاجة إلى بناء برنامج مشترك بين الوزارات للحد من الظاهرة ومنعها، وصياغة البرامج للأحداث في المجتمع العربي. الطاقم سيضم ممثلين عن مكتب المدعي العام، ووزارة الرفاه والتعليم والأمن الداخلي ووزارة المساواة الاجتماعية، وسيتم أيضًا تنسيق توصياته مع قسم من الميزانية في وزارة المالية. سيرفع الفريق توصياته إلى الحكومة في غضون 120 يوما.

7. الشباب (18-25) غير المتعلمين وغير المنخرطين في العمل: في ظل ارتفاع عدد الشباب في المجتمع العربي الذين ليسوا منخرطين في بيئة مهنية أو تعليمية أو غير ذلك، وفي ظل تداعيات وباء كورونا الذي أدى إلى تفاقم الوضع، ستقوم وزارة العمل والرفاه والخدمات الاجتماعية ببناء وتطوير برامج خاصة للشباب، للتدريب ولتعزيز المهارات الشخصية والأدوات المهنية، ولتحسين قدرتهم المهنية والاجتماعية، بما في ذلك المساعدة في التوجيه خلال الفترة الانتقالية بعد التخرج من المدرسة، نحو الاندماج في المجتمع والأوساط الأكاديمية والعمل.

8. العنف الأسري: بناء على قرار وزير العمل والرفاه والخدمات الاجتماعية، وفي إطار خطة العمل الموضوعة للتصدي لظاهرة العنف الأسري، سيتم تنفيذ الخطط في المجتمع العربي، وسيكون ممثلو المجتمع العربي ووحدة التطوير الاقتصادي شركاء في تنفيذ وتطبيق البرامج. بموجب قرار وزارة الرفاه، سيتم تخصيص ما لا يقل عن ثلث الأطر المخصصة بموجب القرار 4439 للمجتمع العربي، ووفقًا للقرار رقم 513 من 8.11.2020.

9. موضوع الاعتماد المالي: وزيرو القضاء والمساواة الاجتماعية ومحافظ بنك إسرائيل شكلوا طاقما سيعمل على صياغة خطة شاملة لزيادة إمكانيات الاعتماد المالي، وسيصوغ توصيات للتدابير السياسة التنفيذية.

10.حملة إعلامية: حملة إعلامية ضد العنف في المجتمع العربي بمبلغ مليون شيكل من موازنة ديوان رئيس الوزراء.

ملاحظات حول قرار الحكومة بخصوص خطة الحكومة لمواجهة العنف والجريمة في المجتمع العربي:

1. الخطة التي تم عرضها في القرار الحكومي، يوم 1.3.21، هي خطة الحكومة نفسها وليست خطة اللجنة القطرية و/أو المجتمع العربي، على الرغم من محاولات الحكومة إظهار أنها صيغت بالشراكة الكاملة مع مندوبي المجتمع العربي، والحقيقة أن الأمر ليس كذلك.

2. يركز قرار الحكومة على خطوة مثيرة للجدل والنقاش، وهي إقامة مراكز للشرطة في بعض البلدات العربية. إن الحل لقضية العنف والجريمة في المجتمع العربي لا يكمن فقط باتخاذ مثل هذا القرار، خاصة أنه لا يمكن إثبات فعاليته ونجاعته على أرض الواقع، وفي المقابل، لم تقم الحكومة باتخاذ قرار عملي وملموس فيما يتعلق بتخصيص الموارد والميزانيات المطلوبة لمعالجة الأسباب الحقيقية العميقة لمظاهر العنف والجريمة، والتي أوصى بها تقرير لجنة المديرين العامين.

3. مؤشرات النجاح الوحيدة التي وردت في القرار الحكومي غير كافية، وتتحدث عن عدد من مراكز الشرطة التي سيتم إنشاؤها، وزيادة بنسبة 10٪ فقط في معدل جمع الأسلحة غير المشروعة، وهذا هدف لا يرتقي إلى حجم المشكلة، مع العلم أن هنالك كمية هائلة من الأسلحة.

4. إن تأجيل المعالجة الشاملة للمشكلات الأساسية العميقة المتعلقة في مجال التعليم، والفقر والبطالة، والمجال الاقتصادي – المالي، وخاصة موضوع الائتمان، هو تأجيل لا يتناسب مع حالة الطوارئ السائدة في المجتمع العربي، واستمرار النزيف وتكرار حالات القتل وتفاقم العنف.

5. من المهم أن نؤكد أنه في نوفمبر 2019، أعلن رئيس الحكومة أنه خلال 90 يومًا سيعرض خطة شمولية لمحاربة الجريمة والعنف في المجتمع العربي، والآن بعد أكثر من عام، وأيام قبل يوم الانتخابات، اختار رئيس الحكومة أن يضعها على جدول أعمال الحكومة، والمصادقة على قرار حكومي لا يرتقي إلى حجم الحالة التي يعاني منها مجتمعنا العربي منذ سنوات.

6. لم يتطرق القرار الحكومي بشكل جدي وفوري إلى قضية سيطرة المنظمات الإجرامية على المجتمع العربي. إن قرار استثمار 50 مليون شيكل لإنشاء وحدة جديدة (سيف) لا يكفي ولا يفي بالغرض، لمعالجة شاملة وضرورية للجريمة المنظمة والاقتصادية.

7. على الرغم من أن الحكومة قد اعترفت بأهمية وضرورة معالجة العوامل العميقة للجريمة والعنف، إلا أنها لا تقوم بما يكفي لمعالجة هذه القضايا، والأهم أنها لا تريد معالجة هذه العوامل بالتنسيق والمشاركة الحقيقة مع اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية، ومع المجتمع العربي من أجل ضمان إيجاد الحلول المناسبة.

8. ومع ذلك، فإن الحكومة ذاتها هي الملزمة بإثبات حقيقة نواياها تجاه القضاء على العنف والجريمة في المجتمع العربي، و"اختبار النتيجة" هو الاختبار الحاسم، وعبء الإثبات يقع على عاتق الحكومة والوزارات المختلفة لتنفيذ وتحقيق خطط العمل التفصيلية في كل مجال ومجال، بالتعاون مع قيادات المجتمع العربي، مع إشراك خبراء ومهنيين عرب.

9. وفي الختام، يفتقر القرار الحكومي إلى الموارد والميزانيات اللازمة، وإلى لهجة الصدق والحزم والإصرار لمواجهة العنف والجريمة، وخاصة الجريمة المنظمة. إن مراكز الشرطة وحدها ليست الحل لقضية العنف والجريمة المؤلمة والمروعة في المجتمع العربي، ودون توجيه الموارد والميزانيات لمعالجة شاملة للعوامل العميقة سيستمر المجتمع العربي في المعاناة من هذه القضية المؤلمة.

*كاتب المقال هو مركز مواجهة العنف والجريمة في المجتمع العربي اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية

 

 

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب