news-details

 الدين السياسي والثورة| د. فؤاد خطيب

وضعنا السياسي العربي في الحضيض وها هي كلاب الأرض الضالة تنهش في الجسد العربي في كل مكان. من صنين الى وادي النيل ومن دمشق الى بغداد ومن ليبيا الى اليمن الذي لم يتركه أعداءه سعيدا بكل يكابد ويكافح في صراع البقاء.

تاريخنا المعاصر أثبت أن الاسلام السياسي كان وما زال ضد كل ثورة عربية حقيقية تعيد للعرب عزتهم القومية، منذ ثورة عبد الناصر 1952الى اليوم .

الثورة الانسانية الحقيقية القابلة للتحقق والتجسد من أجل خلق العدالة الاجتماعية تعني ببساطة خلق الجنة هنا على الأرض وشتان ما بين حلم السماء وواقع الأرض.

في أوروبا وقعت الكتب الدينية المقدسة في يد نقاد التاريخ في بداية القرن السابع عشر الميلادي مع بداية عصر التنوير والثورة الصناعية العلمية وكانت النتيجة الحتمية التي نفضت عن الكتابات المقدسة قداستها الغيبية ونفضت غبار التاريخ المتخلف عنها الذي دام الف عام في متاهات القرون الوسطى وعراها بعد أن كانت بالاضافة الى قداستها الاسطورية تحسب وكأنها كتابات تاريخية واقعية.

بدأ نقد ونقض النصوص اللاهوتية التي فسرت وجود العالم أسطوريا بدأ الاهتمام بالتاريخ المادي الحقيقي للشعوب بعيدا عن القدسية العمياء التي أعمت البشر هناك أكثر من 1500عام .

نعم حدث هذا في الغرب وأدى الأمر الى الثورة الفرنسية البرجوازية عام 1789 التي أنهت دور الدين في السياسة والفكر ووضعته بعيدا عن أعين وحياة الجماهير في الأديرة والكنائس والعقول المتحجرة الفردية.

نعم صارعت الثورة الدين السياسي الدنيوي بأساسه وانهت معه الحكم الأرستقراطي في كل أوروبا التي تحولت كلها الى جمهوريات عام 1848 الذي سمى هناك وبحق الربيع الأوروبي وشتان ما بينه وبين الربيع العربي الرسمي الذي يعود بالعرب الى أسفل درجة بتاريخ وجودهم من كل النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى العسكرية.

ما حدث في الغرب لم يحدث في الشرق الذي يعاني قرون ظلام وسطى عربية منذ 1500عام أيضا.

تخلفت الثورة العربية الحقيقية حتى يومنا هذا، فالناصرية أمل العرب في العصر الحديث لم تضع حدا للتدين السياسي بل العكس اذ أن التدين السياسي هو الذي قضى على كل منجزاتها القومية التحررية الواعدة خلال بضعة سنين بعد موت عبد الناصر.

النتيجة أن بلداننا العربية كلها ما زالت متخلفة وفريسة سهلة لكل من هب ودب في هذا العالم وخصوصا الامبريالية الغربية التي تمتص منذ حملة نابليون على مصر دماء العرب وتسرق خيرات العرب وتفعل بالبلاد العربية ما تشاء ومتى تشاء. اي انها تدمر بلاد العرب وحضارتهم وتجويع شعوبهم وربما محي آثارهم من الوجود كله.

تكفي أحيانا اشارة أو كلمة من سفير امريكي معادي للعرب أو حتى من سكرتير في السفارة الامريكية لتسبب فتنة دينية او حربا أهلية مثال ما يحدث الآن في لبنان أو ما حدث مثل حرب صدام مع ايران او غزو الكويت أو حرب اليمن.

الامبريالية الأمريكية بمساعدة أعوانها الطائفيين أي صور مختلفة من الدين السياسي، ما زالت تسيطر على الحدث العربي السياسي والاجتماعي. تسيطر قبل كل شيء على العقل العربي وعلى الفكر العربي وحتى على الروح العربية. أنظروا مثلا ما يجري الآن في ليبيا على يد الاخوان وبين مصر واثيوبيا المدعومة من الغرب حول سد النهضة وما يحصل في الشارع اللبناني من مفارقات عجيبة غريبة وهو رغم صغرة صورة حقيقية مؤلمة للواقع العربي الرسمي كله حيث تتطابق صور الحكم العربي الرسمي المعاصر المشلول من الارادة الوطنية فما بالك في تلك القومية.

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب