news-details

 الصديق يوسف سعدة، لماذا لم تصبر حتى تنجز مشروعك الثقافي؟| مفيد صيداوي

الشاعر الشعبي والصديق يوسف سعدة:  لماذا لم تصبر حتى تنجز مشروعك الثقافي؟

هكذا ودون سابق إنذار تغادرنا أيها الصديق الوفي!! هكذا تتركنا يا تربي!! هكذا تتركنا وقد اخترتك لتقود حفل إبني عروة على ربى الروحة في متنزه "تل المرح" تغرد بالأهازيج الوطنية وحاديا لوحدة شعبنا.

              وأنا أسمعك  تقول لي: انا فرح أكثر لأنه عرس ابنك \إبني، قبل أيام من وفاتك هاتفتني بأنك أرسلت قصيدتين لنشرهما في مجلتك الإصلاح التي بقيتَ ومازِلتَ مشتركا مخلصها لها ولدربك الوطني، وأنت تقول: يا مفيد أغبطك ولا أحسدك  على ما تقوم به من عمل مضنٍ في إخراج مجلة الإصلاح، وأخبرتني أنك بصدد  إصدار ثلاثة كتب في مواضع الشعر الشعبي المختلفة وتابعت  أن المجلس المحلي تبنى إخراجها للنور، وكم فرحت وأنت تقول لي: أنك أرسلت لي الكتاب الأول، الذي لم يصل حتى كتابة هذه السطور فبريد بلادنا رغم أن رمزه الغزال إلاّ أنّ الرسائل تحملها سُلحفاة!! ولكنه وصل للعزيز شاكر فريد حسن وكتب عنه واتفقنا أن ننشر مقالته في عدد كانون الثاني 2021م من الاصلاح، تقديرا لك، يامن نشرنا لك في عددين متتاليين قصائد عن شاكر تقديرا لجهوده وقصيدة عني أيضا يا من تقدر الصديق وعمله.

             أنت الشهم الذي ما أن عرف عن مرض تربنا وصديقنا الأستاذ يحيى اللبدي ابن بلدي حتى جئت حالا وأنت تلهجُ: أريد أن أراه يا أخي مفيد، فلم أره منذ افتراقنا من الثانوية في النّاصرة. وزرناه في بيته وتذاكرتما حول أيام التعليم في النّاصرة العربية، عاصمة الجماهير العربية، تحدثتما عن الصف العاشر والحادي عشر والثاني عشر ثم الفراق، حتى التقيتما في ذلك اللقاء الأخير بينك وبين يحيى!!

       عندما نعيته لك لم تترد فجئت لتودعه الوداع الأخير ولتقول كلمتك في وداعه، أمام جمهور المشيعين. حينها اعتقدت أنك ستودعني بقصيدة عند وفاتي ولكنك استقدمت الذهاب إلى العالم الأخر ربما اشتقت ليحيى وربما أردت التحضير للقائنا هناك في العالم الآخر، حتى الوداع لم تودعني أيها الشهم أيها الصديق، أيها الأخ أيها الحادي والمنادي حيَّ على الكفاح، حيَّ على الصلاح، حيَّ على الإصلاح، حيَّ على التعاون. لقد أغضبك العنف في مجتمعها، أغضبتك العائلية، وسررت لكل نجاح لطالب، ولكل نشاط ثقافي، ولذا منذ معرفتك لمجلتك الإصلاح ارتبطت بها وارتبطت بك، نشرت جميل قصائدك، وهاتفتني تثني على هذا المقال أو ذاك، وهذا الكاتب الجديد الذي لم تعرفه من قبل.

             كان بيتك المكان الأول الذي تطأه قدماي عندما آتي إلى شعب لغرض ما للمشاركة في بيت عزاء أو فرح، كنت أصيلا ونبيلا رافقتني في كل خطوة، تحدثنا عن أبنائنا، وبناتنا ونجاحاتهم وآمالنا بهم، تحدثنا عن التعليم والمعلمين، والعنف المجتمعي وما آل إليه أبناء شعبنا تناقشنا وبحثنا عن الأسباب والقصورات بما فيها قصوراتنا نحن جمهور المعلمين، والسلطة ومسؤولياتها.

             يوسف سعدة الذي استرسلت في الحديث الشخصي عنه أيها القراء الكرام من مواليد العام 1950م، وهو تربي من أجيالي، وأنا ولدت في عرعرة ولم أرحل عنها، ولكنه ولد خارج ميعار بلده الأصلي التي أصبحت مهجرة بفعل المؤامرة البريطانية الصهيونية وظلم ذوي القربي وجهلهم، ولكنه بسبب كل هذا هجِّر والداه لسخنين وأنجبته أمه في سخنين، بسبب هدم مسقط رأسه ميعار، وانتقل مع عائلته صغيرا  إلى قرية شعب، حيث تعلم في مدرستها الابتدائية وأنهى دراسته الثانوية في مدرسة الناصرة الثانوية البلدية( الجليل اليوم)، وأنهى دراسته في دار المعلمين العربية في حيفا عام 1970م.وعمل مدرسا في مدرسة شعب الابتدائية حتى تقاعده المبكر.

أحب اللغة العربية وخاصة اللهجة الفلسطينية وبدأ يغني الأغاني الشعبية والتراثية في الأعراس، والحفلات الوطنية، وينشر قصائده في الصحف والمجلات العربية في البلاد وبينها مجلة الإصلاح، أحب "ميعار" وتغنى بها وغنّى لها وأصدر باكورة أعماله الأدبية مجموعة ودراسة عن الأدب الشعبي بعنوان "الشعر في العرس الفلسطيني" جعله في أبواب الحداء منها: باب المعنّى، والمثمن والميجنا والعتابا والقصيد وغيرها. وقدم لذلك مقدمة هامة لمن يرغب في دراسة هذا الفن الفلسطيني، وبسبب الأوضاع الصحية التي تمر بها البلاد انتدبت المجلة "الإصلاح" المربي والأديب علي أحمد هيبي (أبو حسين)، عضو هيئة التحرير ليقدم التعازي والمشاركة بالألم باسم رئيس وأعضاء هيئة تحرير المجلة فقام بذلك خير قيام، وقد نشرنا في عدد يناير 2021م صورته على صفحة الغلاف الأول تقديرا له ولنشاطه الأدبي ونشرنا ما وصلنا  من مواد عن فقيدنا  وسنتابع، ما يصلنا ، ونشرت الإصلاح نعيا له على صفحتها في الفيس بوك.

الإصلاح تتقدم بأحر التعازي لأسرته الكريمة ولأهالي شعب و"ميعار" بأحر التعازي القلبية، وللأدب والأدب الشعبي ومحبيه في هذا الوطن متمنية للجميع الصبر وحسن العزاء، متمنية أن يقوم مجلس شعب بإصدار مواده وكتبه الأربعة، وان يخلد ذكراه كما يرى أهالي البلدة وأعضاء المجلس المحلي المحترمين.

 

(عرعرة – المثلث).

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب