news-details

العنصرية مرض عضال

*التعليم على التسامح، المساواة وحقوق الانسان واستمراره في التفضيل التعديلي للمهاجرين، العرب والاقليات الاخرى في الوظائف العامة الكبرى. وحده خليط من هاتين الخطوتين كفيل بان يقضي على وباء العنصرية ويشفي المجتمع الإسرائيلي*

في محاولة لان يشرح الكاتب الفرنسي طاهر بن جلون لابنته ما هي العنصرية، قال ان العنصرية ليست شيئا عادلا او منطقيا. هي منتشرة ولكن هذا لا يجعلها طبيعية. وعلى حد قوله، الطفل لا يولد عنصريا. ولكن، يحذر ابنته فيقول انه اذا دفعها احد ما لان تؤمن بأن الناس ذوي الجلدة البيضاء هم اعلى من الناس ذوي الجلدة السوداء، واذا ما أخذت بهذا القول بجدية، يحتمل أن في نهاية المطاف ستتصرف بشكل عنصري تجاه السود. فسألته الابنة هل تعتقد أنه يمكنني ان اصبح عنصرية؟ فأجابها الاب: هذا يمكن ان يحصل، كل شيء منوط بالتعليم الذي ستتقلينه.

وبخلاف بن جالون، ثمة في اسرائيل من يفكرون بشكل مختلف. فهاكم مثلا اقوال المفتش العام السابق للشرطة روني ألشيخ الذي ادعى في مؤتمر رابطة المحامين قبل ثلاث سنوات ان الابحاث تشهد على أن المهاجرين يشاركون في الجريمة اكثر من غيرهم وعليه فمن الطبيعي ان يكونوا مشبوهين اكثر. وتناول ألشيخ فئتين سكانيتين بالاساس: سليلي اثيوبيا والعرب وشرح بانه عندما يلتقي شرطي ما شخصا كهذا، فان عقله يشتبه به اكثر. "هذا طبيعي"، اوجز المفتش العام لائحة الشبهات التلقائية والجماعية.

بخلاف اقوال الشيخ، وبالذات لان دولة اسرائيل هي دولة مهاجرين، وبالذات لان اليهود عانوا من اللاسامية ومن الاضطهاد على خلفية عنصرية، كان من المتوقع بان تكون الحساسية والتسامح المؤسساتي تجاه المهاجرين، الساكنين، الاجانب والاقليات اكبر وأهم مما في اماكن اخرى في العالم، مثابة نور للاغيار. هذا لم يحصل.

بل العكس، المجتمع الاسرائيلي مصاب بالعنصرية وبالتعالي. وأحد اسباب ذلك يكمن في حملة وطنية قديمة تتبنى مبدأين: الاول يقول: "نحن شعب مختار" والثاني يقول "نحن شعب مميز". وكنتيجة لذلك، فان غير قليل من الاسرائيليين يعتقدون بان لليهود يوجد عنصر مميز وعلى هذا الاساس ينمو ويتطور فكر عنصري.

هكذا مثلا سمعنا من الوزير بتسلئيل سموتريتش الذي كتب في الماضي في حسابه على التويتر ان زوجته ليست عنصرية على الاطلاق، ولكن من الطبيعي الا ترغب في أن تنام قرب ولادة عربية، قد يرغب رضيعها في أن يقتل ابنها بعد عشرين سنة. رئيس الكلية لخريجي الجيش في عاليه، الحاخام اليعيزر كشتيئيل، تباهى حتى في انه عنصري وشرح لتلاميذه بان للعرب توجد مشاكل جينية، وانهم غير قادرين على أن يديروا دولة وانهم يرغبون على الاطلاق في أن يكونوا عبيدا، وعليه فان على اليهود واجب مساعدتهم.

تعكس هذه الاقوال احساسا بتفوق عنصري خطير جوهره لخصه جورج اورويل في "مزرعة الحيوانات" بكلمة واحدة: "كل الاحياء متساوون، ولكن بعض الاحياء متساوون اكثر من الاخرين".

قضية سولمون تاكا الذي مات بعد أن اطلق شرطي النار عليه، رفعت هذا الاسبوع الى جدول الاعمال المهانة العميقة لسليلي اثيوبيا الذين يشعرون بانهم مواطنون من الدرجة الثانية ويعتبرون كـ "مشبوهين طبيعيين" فقط بسبب لون جلدتهم. لقد تفجر احباط ابناء الطائفة بغضب في سلسلة مظاهرات قاسية وفي اغلاق محاور حركة السير. والعنف الذي اتخذه المتظاهرون يجب أن يندد به بشدة، لكن، يجب أن نتذكر بان هؤلاء هم فئة سكانية تتعرض منذ سنين للعنف، العنصرية والتعالي، والحفظ الزائد للنظام وللتصنيف. هذه ليست الحالة الاولى التي يترافق فيه لقاء بين شرطي وشاب من اصل اثيوبي بالعنف أو ينتهي بالموت الذي يخلف وراءه علامات استفهام كبيرة. ففي كانون الثاني الماضي قتل يهودا بيادجا في بات يام بنار شرطي ادعى بانه شعر بخطر على الحياة.

عائلة يوسف سلمسا تدعي بان موته يرتبط باعتقال عنيف تعرض له قبل نحو خمس سنوات. ومذكورة ايضا الصور القاسية للجندي المتميز دماس فيكدا وهو يتعرض للضرب من افراد الشرطة. على سلسلة المظاهر العنصرية يمكن ان يضاف ايضا قضية الاعتقال الطويل لمحمد قطوسة للاشتباه باغتصاب طفلة ابنة السابعة من منطقة بنيامين. ويثير الغاء لائحة الاتهام ضده الاشتباه في أن يكون قطوسة اعتبر "مشبوها طبيعيا" فقط لان عربي.

وفقا لجدول العنصرية الذي نشره مركز "حملة" (المركز العربي لتطوير وسائل التواصل الاجتماعي) يتبين أنه في السنة الماضي في كل 66 ثانية بالمتوسط، كتب في اسرائيل بوست عنصري، عنيف أو تحريضي ضد السكان الفلسطينيين في اسرائيل او في المناطق. هذه بالطبع صورة واقع قاسية تجعل السواد في العيون وتستوجب كفاحا جماهيريا عنيدا ولا هوادة فيه. بدايته في التعليم على التسامح، المساواة وحقوق الانسان واستمراره في التفضيل التعديلي للمهاجرين، العرب والاقليات الاخرى في الوظائف العامة الكبرى. وحده خليط من هاتين الخطوتين كفيل بان يقضي على وباء العنصرية ويشفي المجتمع الاسرائيلي.

 

 

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب