news-details

اللغة العربية في ظل قانون القومية (المقال الأوّل)

يعجّ المشهد الجماهيري هذه الأيام بالمظاهرات والاحتجاجات وذلك في أعقاب سن قانون القومية في الكنيست. هذا القانون الذي كشف وبشكل واضح وفاضح سياسة التمييز العنصري الذي كان قائمًا أصلاً منذ قيام الدولة ضد الأقلية العربية الفلسطينية الأصلانية في إسرائيل. لقد أرسى هذا القانون وبشكل واضح قواعد سياسة الأبرتهايد في إسرائيل. ومن بين البنود التي نصّ عليها هذا القانون البند المتعلّق باللغة العربية، ذلك انه أبطل مكانة اللغة العربية لغة رسميّة في الدولة، وإعطاها ما سَمّاه مكانة خاصة لها، وحسب النص الذي ورد في القانون حول اللغتين العبرية والعربية فإن:

أ) العبرية هي لغة الدولة.

ب) للغة العربية مكانة خاصة في الدولة، وللناطقين بها الحق في التواصل اللغوي مع خدمات الدولة، تفاصيل بهذا الشأن تتحَدّد في القانون.

ج) ليس في هذا ما يمسّ بمكانة اللغة العربية التي كانت عليها حتى عشيّة دخول هذا القانون حيّز التنفيذ.

ومن ضمن الفعاليات التي يقوم بها الجمهور العربي ضدّ هذا القانون ما كتبه الدكتور يوسف جبارين في مقال له تحت عنوان "نحو رؤية جماعية دمقراطية للأقلية القومية العربية والقوى الدمقراطية" وفي هذا المقال عرض د. جبارين بديلاً للقانون وقدّم له بأسئلة لا بدّ من طرحها والإجابة عليها.

يقول د. جبارين "مقابل خطاب التمييز والإقصاء وشطب الآخر نطرح خطابًا دمقراطيًا بامتياز، يعتمد على المساواة الكاملة مدنيًا وقوميًا مقابل خطاب الاستعلاء القومي، نطرح خطابًا يقوم على النِدّية والتكافؤ والمكانة المتساوية للمجموعتين القوميتين في إسرائيل. ومقابل دولة القومية اليهودية نطرح دولة القوميتين العربية الفلسطينية واليهودية أمّا الأسئلة فهي:

* السؤال الأول: ما هي اسقاطات قانون القومية عن اللغة العربية؟

كنا قبل هذا القانون وعندما كانت اللغة العربية لغة رسمية ثانية معترفا بها في الدولة نستطيع أن:

- أولاً: تتواصل مع المؤسسة الرسمية باللغة العربية.

- ثانيًا: باستطاعة أعضاء الكنيست العرب إلقاء خطاباتهم في الكنيست باللغة العربية.

- ثالثًا: وجوب ظهور اللغة العربية على جميع اللافتات في الشوارع والمحلات العامة والمواصلات ووسائل الإعلام والمطارات والطائرات إلخ...

- رابعًا: القيام بإجبار المؤسسة استعمال اللغة العربية في المرافق أعلاه واستطاعتنا التوجه للمحاكم من أجل إصدار أحكام في حال تقصير المؤسسة باستعمال العربية. أما اليوم وبعد أن أسقط القانون اللغة العربية كلغة رسمية فستكون اسقاطات ذلك على كل الأمور أعلاه ووجوب استعمال اللغة العبرية فقط للتخاطب مع جميع المؤسسات كونها أصبحت لغة الدولة.

ان إعطاء اللغة العربية مكانة خاصة في القانون يعني:

1) عدم التعامل بها والحكومة غير ملزمة قانونيًا بذلك.

2) اختفاء تدريجي للغة من على اللافتات والشوارع.

3) عدم التعامل مع العربية في الكنيست.

4) عدم اجبار المؤسسات باستعمال العربية في التخاطب مع العرب.

 

* السؤال الثاني: كيف سيتأثر واقعنا من القانون؟

لن يكون أي تأثير عملي على الواقع الذي عشنا فيه حتى اليوم وسيظل إلى 1.5 مليون عربي وأكثر يتكلمون بالعربية.

ويا جبل ما يهزّك ريح.

العربية صمدت في الماضي أمام الإعصار الأكبر تاريخيًّا عندما حاول الأتراك القيام بتتريك العرب.

 

* السؤال الثالث: كيف يجب أن ننهض بلغتنا أمام هذا القانون؟

نحن نعرف ان ما أصاب اللغة العربية منذ قيام الدولة كان يكمن في استحقاقنا بالعربية، واتاحة مدّ العبرية يسيطر على كلامنا في كل معاملاتنا وإيجاد قاموس لغوي اخضعنا فيه الكلمات العبرية للعربية واستعمالها بأفعال ومبان لغوية مثل" أرسّس، أتيّك (من רסוס و תיק). وكما سمعت احد الموظفين في بلدية الناصرة يخاطب آخر تلفونيا ويقول له في الحرف الواحد: هذا נמצא على סעיף الـ התראות: هذا هو الواقع المؤلم الذي نعيشه من حيث تسلط اللغة العبرية على كلامنا.

لقد أتحنا المجال للغة العبرية  بالتعدي على لغتنا ومكانتها. ومثال ذلك ما حدث لساعات التعليم للغة العربية وتنزيلها إلى 8 ساعات بدل 10 ساعات وإعطاء العبرية ساعتين على حسابها لقد أصبح معلمونا وطلابنا اليوم يتكلمون العبرية أكثر من العربية ويستعملون قاموسًا مختلطًا فيه رائحة العربية لكن بكلمات عبرية.



 

* أما السؤال الرابع فهو: ما البديل الذي نقترحه لهذا القانون؟

فيما يلي المقترح الذي قدّمه د. يوسف جبارين مقابل قانون الأساس الذي سنّته الكنيست، وقد نشره في مقال في جريدة "الاتحاد" وفي الملحق الثقافي يوم الجمعة 3/8/2018. أدناه البديل:

1. مقترح قانون أساس: دولة دمقراطية، متعددة الثقافات ومتساوية.

الهدف: هدف قانون الأساس هذا يسعى لإرساء مبادئ الدولة، بحيث تكون دولة دمقراطية متعددة الثقافات، تحقق المساواة التامة بين كل مواطنيها على المستوى المدني، والثقافي، والقومي.

 

دولة تشاركية: تكون دولة إسرائيل دولة مشتركة لكل مواطنيها، اليهود والعرب، وكل مؤسساتها ومواردها تخدم جميع المواطنين في الدولة بشكل كامل ومتساوٍ.

 

دولة المساواة: توفر الدولة الحماية القانونية المتساوية لجميع مواطنيها، وتضمن بشكل كامل الخصوصية، الثقافية، اللغوية، والدينية للمجموعتين القوميتين في داخلها، اليهودية والعربية.

 

النشيد، العلم والرمز: يتم تحديد نشيد وعلم ورموز الدولة بالقانون، بحيث تعبر عن العلاقة المتساوية للدولة تجاه مواطنيها العرب واليهود.

 

2. اللغة:

أ) العبرية والعربية هما اللغتان الرسميتان في الدولة، وللغتين مكانة متساوية في كل وظائف وعمل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية.

ب) كل الإعلانات الرسمية، القوانين، المراسيم والقرارات تُطبع وتنشر باللغتين الرسميتين للدولة.

ج) يحدّد القانون آلية تطبيق تمنح مكانة ملائمة للّغتين الرّسميتين في الحيز العام، بما يشمل المداولات القضائية، مؤسسات التعليم العالي، الحكم المحلي ووسائل الإعلام العامة.

 

3. مؤسسات خاصة:

أ) للأقلية العربية في الدولة الحق بإقامة مؤسساتها في مجالات التعليم، الثقافة والدين وهي مخوّلة بإدارة هذه المؤسسات عبر أجسام تمثيلية يختارها المواطنون العرب.

ب) يحدد القانون آليات لتحويل ميزانيات منصفة من قبل الدولة للأجسام التمثيلية من أجل ضمان عملها واستمراريتها، وضمان إدارتها بشكل نوعي ومساو لتلك المؤسسات التي يتم إدارتها عن طريق مجموعة الأغلبية في الدولة.

ج) لا يُمسّ كل مواطن عربي في كرامته، مساواته، وحريته يعمل بالتوازي لقرارات الأجسام الخاصة التمثيليّة.

 

* أما السؤال الخامس فهو: ماذا علينا أن نعمل من أجل مواجهة هذا القانون؟

"ان ما نحن بصدده حول اللغة العربية في إسرائيل لا يقل أهمية وقدسية عن الأرض وعلى سلطاتنا المحلية أن تقترح قانونًا لتثبيت استخدام العربية على لافتات المحلات والمؤسسات، وعلى سلطاتنا أيضًا العمل على:

1) تسمية الشوارع والأحياء والمؤسسات بأسماء عربية.

2) كتابة الإعلانات واليافطات باللغة العربية في المؤسسات والمحلات التجارية وغيرها.

3) استعمال اللغة العربية في المُكاتبات والمراسلات الداخلية والخارجية للسلطة المحلية وإقسامها ومؤسساتها.

4) وضع برنامج محلي لفعاليات ونشاطات في المدارس والمراكز الثقافية والتربوية وتشجيع الإبداع والمبدعين، وإقامة منتديات اللغة العربية ووضع اللغة العربية في المركز في مدارسنا.

5) القيام بحملة تشجيع القراءة من خلال برنامج "أسبوع اللغة العربية" في المدارس ومن خلال الإعلان عن السنة الدراسية القادمة "سنة اللغة العربية" بمشاركة وتبني اللجنة القطرية للسلطات المحلية العربية ولجنة متابعة قضايا التعليم العربي واتحاد الكتاب والشعراء العرب في إسرائيل، ووضع برنامج تفصيلي، وكذلك عقد أيام دراسية وندوات أدبية وورشات في الكتابة الإبداعية.

6) استضافة اتحاد الكتّاب والأدباء العرب ودعوة مثقفين وأدباء وكتاب وشعراء فلسطينيين لزيارة المدارس والمراكز الجماهيرية وعقد فعاليات في الصفوف وامسيات أدبية وشعرية ومهرجانات يتخللها حفلات موسيقية حول الغناء والفولكلور الفلسطيني.

7) العمل على تعزيز الانتماء للغة العربية والتعرف على الأدب الفلسطيني من خلال تدريس المنهاج المقترح في "كتاب الهوية" (من إصدار لجنة متابعة قضايا التعليم العربي 2011).

وهذا الكتاب يحتوي على منهج مقترح مكون من ثلاثة أبواب:

الأول: أحداث تاريخية: النكبة (1948) ودير ياسين (1948) ومجزرة كفر قاسم (1956) والحكم العسكري حتى (1967) ويوم الأرض الخالد (1975) ويوم القدس والأقصى اكتوبر (2000).

الثاني: تدريس أعلام ثقافية في المدارس مثل: محمود درويش، سميح القاسم، توفيق زياد، إبراهيم طوقان، فدوي طوقان، خليل السكاكيني، راشد حسين، عبد الرحيم محمود وغيرهم...

الثالث: القيام بمسارات تعليمية للمواقع الفلسطينية والقرى المهجرة صفحات (63 – 85) في الكتاب، ومسارات موضوعية مقترحة أيضًا صفحة (85).

وأخيرًا يجب علينا أن نتصدى لسياسة إقصاء المسميّات العربية على اللافتات في الشوارع والأماكن العامة وكذلك الأماكن الجغرافية والتاريخية وعدم حذف الأسماء العربية الفلسطينية في اللافتات ومحاولة طمسها من المشهد الجغرافي. وكتابة المسمّيات العربية بالعربية وليس كما نشهد اليوم. مثال ذلك: روش هنكرا بدل رأس الناقورة، وعكو بدل عكا وهكذا.....

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب