news-details

الليكود يقرع جرس الطوارئ.. ويستفزنا..

ملحق "يديعوت أحرونوت" يوم الجمعة 26.7.2019 كُرّس جله تقريبًا لتغطية مفصلة وشاملة، من الباب للمحراب، للنشاطات الحزبية والانتخابية والسياسية، فقط للأحزاب الصهيونية، بدون ذكرنا كعرب وكقائمة مشتركة ولو بتلميح، وكأنه وحسب هذا الملحق لا وجود لنا، لا في الانتخابات وتباعًا في تغطيتهم هذه، التي كُتبت فيها تقارير ووجهات نظر وآراء للعديد من الصحفيين المعروفين والمراسلين والمحللين، على طول عشرات الصفحات، ذكروا فيها آلاف التفاصيل، "ما خلوا فيها لا بورة ولا مطمورة". وعلى فكرة كلها تفاصيل من المهم معرفتها، وطولها هذا جاء بعكس ما يسمونه "ذهنية عصر السرعة" المُفتعلة، والتي تمقت المقالات والتقارير الطويلة، وهما ذهنية ومقولة مُضرّتان، وللأسف سيطرتا على سلوك ونهج وذهنية السواد الأعظم عندنا، وجيء لنا بالمقولة السخيفة وغير المُجدية: "الناس لا تقرأ المقالات الطويلة"! فالإعلام العبري بكل أنواعه وأشكاله ملآن بالمقالات الطويلة جدًا، لأن جمهوره يقرأ، وهي حالة تشجعني أن أغامر وأتحدى هذه الذهنية، لأستطيع من خلالها أن أشير وأصل الى مُعظم المناحي والزوايا والآراء حول الانتخابات القادمة علينا في 17.9.2019، لما للأمر من حاجة وأهمية وجودية.

 

باقي الأحزاب الصهيونية

كما ذكرت تم في الملحق التطرق لكل الأحزاب الصهيونية، مثلا هذا يوفال كارني يكتب تفاصيل مقابلة له أجراها مع الحليفين الجديدين – عمير بيرتس (حزب العمل) وأورلي ليفي أبو كسيس (ابنة دافيد ليفي) والتي كانت عضو كنيست في حزب ليبرمان العنصري – "يسرائيل بيتنو"، وحصلت في انتخابات نيسان الأخيرة على 70 الف صوت، عنوان المقابلة كان: "الاتحاد مع ميرتس هو خسارة مؤكدة – اخترنا الامكانية لإحداث التغيير"، فيه يطرح المراسل، ما بين السطور، السؤال الجوهري المتعلق بمصير هذا التحالف الغريب، اذ جاء في المقابلة: "لمن ستكون الغلبة والى أي اتجاه سيتوجه هذا التجمع الغريب، أنحو ابو كسيس اليمينية صرف، أم لحزب العمل المتخبط؟"، تساؤل مهم، للناخب العربي والديمقراطي اليهودي، لئلا يصيبهم نفس التخبط، ويروحوا واضعين ثقتهم وصوتهم لمن هو متخبط، لا سمح الله.

 

الليكود يحظى بتغطية خاصة

حزب الليكود حاز في هذا الملحق على تغطية واسعة واضحة، وأهمها ما كتبه يوفال أزولاي تحت العنوان المُثير للانتباه: "ليصمت الوزراء والنواب ويجنبونا تشويشاتهم"، استعرض فيه الكاتب بإسهاب وعلى 5  صفحات: مضامين، أساليب، استراتيجية وتكتيك العمل الذي سيتبعه الليكود في دعايته الانتخابية المُقبلة، والتي يتولى المسؤولية الأولى والأخيرة فيها حسب التقرير نتنياهو بنفسه. يعني "الكل بالكل". وللاطلاع على الأمور الأساسية في هذه الدعاية، اليكم بعض الاقتباسات (سيتخللها بعض التعليقات مني)، في مقدمة التقرير جاء: "لب دعاية الليكود سيركز على تمزيق المنافسين ورفع قيمة المنتوج (الفيرما) المسماة نتنياهو". وعن تركيبة الطاقم الانتخابي المسؤول عن هذه الدعاية، جاء: "هناك طاقمان يقرران فحوى الدعاية..، واحد رئيسي ومُقلّص يديره نتنياهو مع 5 أشخاص مقربين ومقره في شارع بلفور (مقر مكتب رئيس الحكومة)، وآخر موسع ومكاتبه في مركز الليكود في قلعة زئيف في تل ابيب يعمل فيه طاقم من: متنصتين (מקשיבים)، اخصائيين في الميديا الحديثة، محترفي كتابة نصوص، منظمي استطلاعات ورأي عام وغير ذلك.. مع التأكيد على طاقم من الاخصائيين في شأن الجمهور الروسي.. التنظيم دقيق وتوزيعة العمل جدًا منظمة".

يعني الجماعة عارفين أن الحالة حرجة للغاية وتتطلب أقصى درجات الانضباط والضبط. وللتأكيد على هذه الحالة الاستنفارية، جاء في التقرير: "تخضع قلعة زئيف لأقصى درجات السرية"! الجماعة يتعاملون مع الحال كحرب حقيقية. وعن الأساليب المُستهجنة والصارمة التي سيعملون بموجبها، وبعد اتخاذ الاحتياطات الأخرى، جاء في التقرير: "نتنياهو منع وزراء ونواب الليكود من التدخل، وسيكون لهم دور محدود جدًا في دعاية الليكود، وربما لن يكون لهم أي دور بالمرة"! وأضاف التقرير وبتهكم ما: "ربما أن المساعدة القصوى التي يتوقعها نتنياهو وطاقمه منهم (من وزراء ونواب الليكود) أن لا يشوشوا.. هذا التعامل معهم هو تحصيل حاصل لما كان في انتخابات عام 2013، في حينه قام نتنياهو بتوكيلهم بمجالات عمل وكانت خيبة أمله منهم مطلقة"!

هذه هي ثقة نتنياهو بمن هم أقرب مقربيه، هذه هي ثقة الذي يطمح بالبقاء في سدة الحكم.. ثقته بوزرائه ونوابه..! فما بالكم يا ترى هي ثقته فينا كعرب؟! ، ألا يعتبرنا أعداء له وليمينه الفاشي وللكيان برمته، وأننا نحن الذين وحسب تقييمات الكبير والصغير، اذا حصلت المأثرة المرتجاة، وتدفق العرب، قولًا وفعلًا، على صناديق الاقتراع (والله يهدي التايه .. والباغي)، فإنها هي الروشيتة المضمونة بالتمام والكمال، وبالتأكيد ستأتي بإسقاط هذا اليمين الذي تخطى بعنصريته وممارساته كل الحدود. لذلك على العرب بالذات تقع المهمة والمسؤولية لتحقيق هذا المطلب الوطني بامتياز والوجودي بكل المعايير، والتصويت بكل الكثافة المطلوبة، وبعكس ما يتمناه نتنياهو ويمينه. جمهورنا وشعبنا عامة مطالبون بالعمل بكل القوة والمسؤولية لتحقيق خيبة أمله، وأن يكون تصويب التصويت وبكثافة عالية الى آخر الحدود، وفقط للقائمة المشتركة، منعًا لحرق الأصوات من جهة وردًا على كل العنصريين وعلى رأسهم هذا البيبي من جهة اخرى.

 

خلطة الليكود الدعائية

بعد ضبطهم لمستوى وشكل مشاركة شخصياتهم الفاعلة أو عدمها بالمرة، في هذا البرنامج الدعائي المصيري، وبعد أخذهم لأقصى الاحتياطات السرية لمنع تسريب تفاصيل منه، ومن خلال فرض السرية والتكتم وتشديد الحراسة والضبط وغيرها من الاجراءات، واعتباراتهم معهم، يبقى المهم أكثر بالنسبة لنا معرفة "شو مستنينا منه"، وان نقوم بالتدقيق بما جاء فيه، وما هو مجهودهم الأساسي لإقناع الناخبين بالتصويت لليكود. وعن هذا جاء في التقرير: "كجزء من برنامج عملهم يقومون في الليكود في بلفور بتقييم الضرر ويستخلصون العِبر من معركة الانتخابات السابقة"، هذا متوقع وطبيعي، ولكن يبقى السؤال: ما هو استنتاجهم يا ترى؟ والجواب حسب التقرير هو: "يركزون اهتمامهم بـ 3 أمور أساسية: الأول على ما يجري في اليمين ليعرف نتنياهو الصورة في يمينه وكيف ستتبلور الصورة هناك.. الاهتمام الثاني سيتركز في عدو نتنياهو اللدود –افيغدور ليبرمان والتركيز سيكون على جمهوره بالذات.. والاهتمام الثالث ( هنا يجب الانتباه كثيرا غ. س) والأكثر أهمية هو نسبة التصويت عند اليمين، أمر يعتبره الليكود أنه الأمر الذي سيحسم المعركة برمتها".

اذًا نسبة التصويت عند اليمين، وحسب تقييم من يعتبره المحللون والخبراء والمختصون أنه الشخصية الأقوى والأقدر والأكثر براعة في مجال الدعاية والاقناع في تاريخ الكيان الصهيوني، هي التي ستحسم المعركة برمتها، ومن هنا جاء إعلانه حالة الطوارئ، إلا أنه تقييم دقيق وصائب 100%، الأمر الذي من غير الضروري أن يثير شفقتنا لا عليه ولا على ليكوده ويمينه، بل عليه ايقاظ استفزازنا وبعنفوان، وأن يفرض على كل المصوتين العرب والديمقراطيين اليهود عامة، ألا يعطوا لا آذانهم ولا أذهانهم لمن ينادون بالامتناع عن التصويت، لأنه نداء سيُسعِد نتنياهو وكل العنصريين، لا بل سيحسم المعركة المصيرية والوجودية هذه برمتها لصالحهم. ومع هذه الحقيقة أيجوز لأي كان ولأي اعتبار كان الامتناع عن التصويت، أو منع الصوت عمّن يمثل مصالح شعبنا في كل أماكن تواجده وفي كل الحالات والمجالات، بنسبة 100%، للقائمة المشتركة؟ وقبل شمل الموضوع برمته تعالوا نَطّلِع على جانب آخر ومهم لهذا الجانب الدعائي من هذه المعركة المصيرية والوجودية، اذ جاء في التقرير: "في الانتخابات السابقة كانت تكلفة دعاية الليكود الانتخابية 50 مليون شاقلا، وستزداد هذه المرة"، أي ليس فقط أنهم منضبطون ومنظمون وعندهم برنامج مُفصل وإنما عندهم الطاقات المالية وغيرها لتنفيذه، مما سيضعنا أمام تحدياتهم هذه والتي من المفروض مواجهتها، وليس نظريًا فقط.. لأن بقية الملاحظات في التقرير تعطي توضيحا إضافيا للصورة يحفزنا أكثر، اذ جاء فيه : "القسم الرئيسي في دعايتهم سيكون في شهر أيلول.. والرسالة المركزية فيها ستتمحور حول مقولة واحدة: اذا امتنعتم عن التصويت، عندها سيستولي اليسار على السلطة وستعود علينا تفجيرات الحافلات.. نتنياهو يتوقع من النشطاء أن يحرثوا المدارس الثانوية والندوات السياسية.. على الجميع التحدث بنفس اللغة".

 

الخلاصة

يا شعبي يا عود النّدِ، لا تصغِ لمن يدفعون، من وراء البحار أو الخليج أو أتراك أو غيرهم، من أجل ونحو الامتناع عن التصويت. كجمهور عربي وقوى ديمقراطية يهودية اجتزنا المرحلة الأولى الأصعب في هذه الحرب الوجودية، وتم لنا إعادة تشكيل القائمة المشتركة، بنجاح، رغم الريش والعراميش، وتعالوا نتفهم ونفهم أن معركة وجودية ومتداخلة ومتشابكة ومصيرية كهذه، لا يمكن أن تكون بدون ريش وعراميش أو بدون طنة ورنة، ولن تكون وكأنها نزهة ورحلة سياحية في منتجع في جبال الألب.. توقعوا أن نرى فيها العجب والعجائب، وممنوع أن نستغرب، خاصة أننا نعرف أن مصيرنا ووجودنا في وطنا مرتبط بنتائجها، لأن عودة نتنياهو وعنصرييه الفاشيين للسلطة، معناها تقوية الفرص لفرضهم علينا وعلى شعبنا وكل شعوب المنطقة، هم وأسيادهم وعبيدهم صفقة\صفعة\مؤامرة القرن وتطبيق قانون القومية وقانون كامينتس، عندها سيكون الثمن الذي سندفعه باهظًا جدًا.

ولكن البديل متوفر ولا يحتاج لمجهود يذكر ويوفر علينا تسديد هذه الفاتورة الوجودية، وليكن هذا الأمر واضحًا وضوح الشمس، وأولًا وقبل الجميع للذين ينوون الامتناع عن التصويت، مردود التصويت مضمون وهو سد فاتورة الماضي والحاضر والمستقبل لمن تجبّر فينا، وهو المُربح جدا جدا والأقل تكلفه على الاطلاق، وهو الذي يمنع حدوث السيناريو الرهيب من رجوع اليمين لسدة الحكم، تدفقوا نحو صناديق الاقتراع واقتحموها كاقتحام الأبطال والمغاوير الأشاوس لمهاوي الردى، وعندها صوتوا فقط.. فقط.. فقط للقائمة المشتركة، وليكن شعارنا من الآن حتى 17.9.2019 الساعة العاشرة مساءا:

شعبنا ومصالحنا ووجودنا يستأهلوا أن نصوّت.. بكثافة واقحام، وفقط للقائمة المشتركة.

 

(كاتب المقال رئيس لجنة المبادرة العربية الدرزية)

في الصورة: بهذا الوجه يجب أن ينهي نتنياهو الانتخابات القادمة.. القرار بيد الناخبين العرب (رويترز)

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب