news-details

المسؤولية الوطنية والسياسية الاخلاقية، بين المقاطعة والمشاركة

مع بدء العد التنازلي لموعد الانتخابات البرلمانية غدًا التاسع من نيسان 2019 وكما في كل معركة انتخابية برلمانية تشتد الموجة التحريضية لمقاطعة الانتخابات العامة من دعاة رفع الشعار والحماس وكأنهم موجودون في الحلبة السياسية الانتخابية ولهم وزن وشأن كبيران في التأثير الجماهيري! وهو توجه سياسي يجري بالمقلوب، لا يخدم الجماهير الشعبية بل يبعدها كثيرا عن المشاركة والتأثير في الحسم في القضايا المفصلية لصالح حكومة اليمين ونتنياهو بالذات والذي يواجهه في هذه المرحلة السياسية والحساسة احتمال الادانة والاقصاء والسجن معا بشبهة الفساد والافساد المتعدد الاهداف والجوانب.

معنى ان تقاطع وتدعو للمقاطعة الانتخابية، هو ان تدعو الناخبين العرب الى التجرد من سلاح المشاركة والتأثير السياسي والبرلماني في ممارسة حقهم المشروع في الانتخاب والترشح وترك القاعدة الشعبية دون تمثيل وعنوان سياسي وحزبي.

  • مقاطعة الانتخابات البرلمانية تعني ان تقوم بتهميش نفسك وتهميش غيرك والآخرين وتضع نفسك ومن معك في دائرة الغربة والانغلاق والانعزالية القومية.

  • مقاطعة الانتخابات تعني الانسلاخ السياسي والبرلماني البرلماني والحزبي لتصبح في خانة المجرور والتابع للحيلولة دون الوصول الى بوصلة المستقبل.

  • مقاطعة الانتخابات في الظروف الحالية معناها انتحار سياسي وتخل عن النضال البرلماني لتحقيق المطالب والحقوق اليومية والقومية ما يعني افراغ الساحة البرلمانية من اصحب الحق الاساسيين وتسليمها لدعاة التطرف والترانسفير والفاشية التي تزداد يوميا في الشارع الشعبي والحكومي في اسرائيل.

  • المقاطعة الطوعية تعني الهروب من ساحة المعركة السياسة والبرلمانية والتسليم برفع الايدي وراية بيضاء علامة الاستسلام امام قوى اليمين العنصري والتخلي عن منبر مهم من منابر الكفاح المشروعة من اجل الوصول الى الاهداف المرجوة.

  • مقاطعة الانتخابات البرلمانية معناها اعطاء صك مشروع للسياسية العنصرية للحكومة دون الاعتراض على أي شكل من اشكال التمييز والاضطهاد في ظل غياب وتهميش الصوت الكفاحي الحر للاقلية العربية الفلسطينية التي تعيش في وطنها والتي تناضل على امتداد الـ 70 عاما المنصرمة من اجل حقوقها اليومية.

  • ان مقاطعة الانتخابات في ظروف الحسم الصعبة في مرحلة ما بعد اقرار قانون القومية العنصري والمكروه هي كمن يعاقب نفسه ويجلد ذاته ويفشل كفاحه لنيل المطالب التي لا تؤخذ بالمقاطعة ودون المشاركة الفعلية وتجنيد الآخرين في التأثير داخل الاكثرية لتغيير هذا الواقع المر.

هل بالمقاطعة وعدم المشاركة يكون وضعنا افضل، وضعنا كجماهير عربية اقلية قومية تمسكت بكل قوة وبكل حفنة تراب من ارضها ووطنها الذي ليس لنا سواه، وهي تعيش حالة صراع وترقب دائم مع المؤسسة الصهيونية الحاكمة على ما تبقى من ارض وتاريخ ينسب للشعب الفلسطيني الحي، وكمواطنين نعيش على تراب ارضنا في الجليل والمثلث والنقب وما زلنا نعيش ونخوض معركة البقاء والتطور والتشبث في الحفاظ على الهوية والارض وعلى ما تبقى لنا من هواء وفضاء و"حرية" وهي مهددة على مدار الوقت والساعة.

وبما اننا جزء حي ونشيط وفعال من الشعب الفلسطيني لنا ظروفنا وحياتنا الخاصة فان مشاركتنا السياسية تأتي من صميم الحفاظ وصيانة مكتسباتنا في الانتماء للوطن والارض وفي التطور والحفاظ على ارثنا كأقلية قومية لها جذور تاريخية على هذه الارض الطيبة. اما ان يكون وضعنا بافضل بعدم المشاركة فهذا امر غير صحيح بتاتا لأننا نكون قد عاقبنا انفسنا بأنفسا، وان تأثيرنا بهذا القرار او ذاك يكون قد اختفى وتلاشى كليا، لاننا قمنا بعملية ترانسفير لارادتنا وصادرنا حقنا السياسي والانتخابي الذي هو حق لك ولنا.

تأتي فئة قليلة العدد والخبرة والتجربة من ذوي البصلة المحروقة لتطلق شعارات وطنية رنانة ومزاودة قومجية لا رصيد لها في ارض الواقع تطلب بضرورة مقاطعة الانتخابات البرلمانية بان لا جدوى من النضال البرلماني الذي يشرع القوانين التي تسلبنا حقوقنا اليومية والقومية، ومن جهة اخرى تتعامل هذه المجموعات وتشرعن التعامل والمشاركة اللااخلاقية حتى مع الاحزاب التي تسوق وتصادر حقنا المشروع في ارضنا ووطننا.

ان المطلوب من الناخبين العرب ان يساهموا بكل ثقلهم ووزنهم الكمي والنوعي ليس في المشاركة في الانتخابات العامة فحسب، وانما دورهم الاساسي والحاسم والمؤثر في اسقاط نهج اليمين والعمل للحيلولة دون عودة بنيامين نتنياهو لسدة الحكم واخراج اليمين الفاشي الاستيطاني العنصري من دائرة الحكم ومنصة القرار من اجل دفع البلاد نحو مستقبل افضل ووحدة وطنية كبيرة للادلاء بأصواتهم في صناديق الاقتراع من اجل ايصال اكبر عدد ممكن من النواب العرب الى البرلمان ورفع شأن الصوت والتأثير الكمي والنوعي للناخبين العرب، في ان يكون في دائرة الصدارة للتغيير وفي لعب الدور الحاسم على الساحة السياسية والحزبية والبرلمانية لاعلاء شأن الاقلية العربية الفلسطينية داخل مؤسساتنا وفي الضغط لاحداث المنعطف الجديد لما فيه مصلحة شعبنا وجماهيرنا العربية وكافة شعوب المنطقة.

(كويكات/ابو سنان)

 

كلام الصورة: هؤلاء الكهانيّون هم المستفيدون من مقاطعة العرب وعدم تصويتهم في الانتخابات (تصوير: رويترز)

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب