قررت الحكومة الاسرائيلية (10/9/2023) تأجيل النظر في زيارات العائلات وظروف الحركة الفلسطينية الاسيرة في سجون الاحتلال، وذلك بالتعارض مع أوامر الوزير بن غفير الى مصلحة السجون، وتجاوبا مع قرار نتنياهو بادراج هذا الموضوع على جدول اعمال الحكومة.
1. قرار التأجيل هو نتاج التقديرات الأمنية الصادرة عن الشاباك (الاستخبارات الداخلية) وسلطة السجون والتخوف من التهديد الحقيقي الذي يمكن ان يشكله الاضراب الجماعي والمتواصل الذي هددت الحركة الاسيرة الموحدة بتنفيذه يوم 14/9/23 وهو ايضا من حيث التوقيت عشية الاعياد اليهودية.
2. تدرك المؤسسة الامنية ان اضرابا جماعيا للأسرى لا يمكن حصر تداعياته داخل السجون، بل قد يشكل فتيل اشتعال متعدد الجبهات سياسيا وشعبيا وحتى عسكريا، لا تملك إسرائيل القدرة على ضبط ايقاعه وأنهائه دون ثمن سياسي باهظ يعمق ازمتها الشاملة بما فيه أزمة تآكل الردع.
3. في حين تسعى إسرائيل الى اعتماد عقيدة الحرب الهجينة القائمة على فكرة "انهيار العدو من تلقاء ذاته قبل بدء الحرب"، فقد ارتدّت عليها هذه الحرب عليها مع اكثر مجموعة فلسطينية مكشوفة للاحتلال ولا تملك اية ادوات باستثناء الارادة والأمعاء الخاوية، لتتراجع اسرائيل ولو مؤقتا سعيا لتجنب الاضراب الشامل المقرر.
4. يشكل قرار الحكومة بتأجيل البت في التضييقات على الاسرى الى ما بعد الاعياد اليهودية اي اواسط تشرين اول مسعى لاستبعاد قرار يرتبط بالاعتبارات النفسية والشخصية الشعبوية لوزير الامن القومي ايتمار بن غفير.
5. تشكل عائلات الأسرى وذووهم الاقارب من الدرجة الاولى المتاح لهم زيارة احبائهم مرة في الاسبوعين سابقا، وحاليا مرة في الشهر، الفسحة الأكثر أهمية في حياة الاسير، كما تدرك مصلحة السجون وجهاز الشاباك جيدا، ان اي مسّ بعائلات الاسرى وكرامتهم سوف يستدرج ردا صداميا من الاسرى، وهذا بمثابة تقليد وثقافة اعتقالية.
6. يعتبر بن غفير بأن الاسرى هم الساحة الخلفية للقمع والقهر دون ان يشعر العالم ولا حتى الفلسطينيين بذلك ، وأنه ممكن امام جمهور مؤيدي الوزير التنكيل بهم من اجل ارضاء غرائزهم وفي المقابل من اجل التغطية على إخفاق هذا الوزير وحكومته في كل ما يتعلق بـ"الأمن" .
7. بن غفير كما الصهيونية الدينية بقيادة سموتريتش معنيون بالتصعيد واشتعال المنطقة، وذلك من منطلق ان التوتر الامني والصدام هما الحالة الافضل لتنفيذ مخططات الترويع والطرد والضم سواء بواسطة جيش الاحتلال ام الميليشيات الارهابية الاستيطانية.
8. في حال أخفق بن غفير في ثني الحكومة عن تأجيل البت بموضوع زيارات الاسرى، فهذا لا يعني ان المعركة قد انتهت فمن مواصفات نتنياهو وحكومته السعي الى مقايضة حق فلسطيني بحق فلسطيني اخر، وبمقايضة تصعيد عدواني بتصعيد في موقع اخر، وهو ما قد يجد تعبيرا عنه في التضييق اكثر على حياة الاسرى من دون المس بالزيارات، وقد يكون في منح الوزير ومجمل التيار الفاشي صلاحيات اضافية في قمع الفلسطينيين سواء في الداخل في فلسطين48 ام في الضفة الغربية والقدس.
9. تأجيل البت الحكومي في السياسة تجاه الاسرى، والصدام بين رئيس الحكومة ووزيره بشأن الصلاحيات والاعتبارات الأمنية (وليس بشأن الموقف الجوهري من الاسرى)، هو مؤشر هام للحركة الاسيرة، بأن الشعب الفلسطيني هو عامل مؤثر في تعميق الازمة الاسرائيلية الداخلية مما ينسف العقيدة القائمة على ان قمع الفلسطينيين هو المخرج من الازمة او تصدير لها.
10. لا مكان للركون على موقف نتنياهو وحكومته بشأن اي حق فلسطيني، بل يتطلب الامر مواصلة حالة الجهوزية القصوى لدى الحركة الاسيرة كي لا تتفاجأ من تنفيذ قرار بن غفير تحت مسميات وذرائع اجرائية او بذريعة الاعياد اليهودية وحصريا هذا العام. فالتجربة المريرة مع مصلحة السجون تشير الى ان كل حق اساس وكل انجاز حققه الاسرى هو قابل للمصادرة، وعليه فإن النضال من اجل لحفاظ على الانجازات بات امرا جوهريا.
11. تستطيع الحركة الاسيرة الركون الى نفسها ولمستوى جهوزيتها والى بيئتها الحاضنة شعب فلسطين، وهي قادرة على تحويل نوايا التصعيد ضدها وبالذات في مسألة زيارات الأهل الى انجاز. لا يمكنه ان يتحقق دون تماسك الحركة الاسيرة الموحدة.
إضافة تعقيب