news-details

ثلوج الليلة الأخيرة..

قلبي عليكِ؛ فما بعد لغتي! أسميتكِ دون خلق الله سيّدتي... حتى حين تسافرين خلف النجوم، أرنو للقياكِ... ترتدين كسوات مختلفة وأصواتا في الكلام تتقمّص دور جوقة العصافير...

حقيقة وموقف إبداعي آمن به وذوّته طيّب الذِّكْر الرّوائي الرّافعة والرّفيع جمال ناجي...

وهذا نلمَسُهُ في آخر روايته قبل رحيله: "ثلوج اللّيلة الأخيرة" حيث تُشَكّل ليلة المعطف الارتكاز الزّماني والحدث المحوري...

أمّا محور الرّواية الثّاني يدور في فَلَك من قبل ليلة المعطف...

إذا محورا الرّواية يرتكزان زمانيا الى فَلَك ما قبل ليلة المعطف وفَلك ما بَعْد ليلة المعطف، وكان قَصْد المؤلف من وراء ذلك إثارة فضول المتلقّي حول ما حَدَث. ولا يخفى على القارئ المتَمَعّن أنّ الحكاية هي ثلاثيّة الأبعاد...

ويأتي التأكيد على كلمة المعطف، لأنّ في تلكَ الليلة يتبادل الصديقان عثمان وكايد المعاطف ويرى الواحد منهما بالآخر ملجأ له رغم البرودة الخفيّة التي سادت وهيمنت على مشاعر الواحد تجاه الثّاني...

ولكي يعطي لكل زمَنَهُ استعمل تقنية إعطاء المساحات السَّرديّة المتعدّدة لكلّ صديق منهما... لكنَّهُ تحاشى إبراز الإسقاطات السّياسيّة التي تُحاكي الواقع المعيش حاليا في عثمان حيث كان يقيم مؤلفنا...

ولاعتمادهِ في الرّواية عنصر المغايرة لم يأتِ بنهاية تقليديّة تُفضّل عادة إرضاء القٌرّاء، فرغم إلقاء القبض على كايد مثلا أبقى مصائر الشّخصيّات مُعَلّقة. وككاتب متمرّس ذي تجربة برع في رسم شخوصه، حيث في تَخيّل ماهيّة كلّ شخصيّة جعل ماهيّة كُلّ منهم، كأنّهم شاخصون بصورة ملموسة أمامهُ، فجعل الرواية منذ البّدءْ تسير في أكثر من اتجاه، خاصّة لأَنّهُ حَبّاك في قطع القِماش المُتناثر في كسوة الرواية وغير المتناثر فاستعمل هذه التقنيّة ببراعة واضحة...

وبالنّسبة للغة الرّواية فقد جاءت لغة غلبت عليها عناصر الرَّزانة المُحْكمة فابتعد ولم يعتمد على مصطلحات من الاستعراض الذي يضفي على الرواية عنصر التقريريّة المَقيتة غير المرغوب بها فنيّا...

وهكذا ترك الرّواية تتحدّث عن نفسها ومن العنوان لوحة مرسومة بالكلمات...

ستظل يا مبدعنا المتميّز ناجي اسما محفورا في الذاكرة...

 

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب