news-details

جنود قدامى

من الصعب أن افترض بأن إيهود باراك، يائير غولان ويفعت بيتون سيزيحون حتى ولا صوت واحد من معسكر اليمين الى معسكر الوسط – اليسار. نتنياهو سيجمع أغراضه بمساعدة أفيحاي مندلبليت أو افيغدور ليبرمان

 

1. غداة اعلان ايهود باراك عن عودة إلى الساحة السياسية، تجولت في سوق الفلاحين في ميناء تل ابيب. الملاحظات في هذا الموضوع من اصحاب البسطات والمشترين، إذا ما استخدمنا اللغة النظيفة، لم تكن لطيفة. "مضى زمنه"، قالوا، "فليدعنا وليواصل العمل لمصلحة بيته". لا حاجة لأن نسارع لتحديد رأي وفقا لجولة في السوق ولا حتى بعد احاديث مع سائقي السيارات العمومية أو مشاهدة الاستطلاعات التي نشرت بعد لحظة من الإعلان عن التنافس. ومع ذلك يجدر بنا أن نتناول فرص باراك في تغيير اتجاه تاريخنا السياسي. 

باراك، الجندي الحاصل على أكثر الاوسمة في الجيش الاسرائيلي والذي يتمتع برباطة جأش ثابتة وقدرة تحليل للأوضاع المركبة، هو رئيس الوزراء الذي تولى المنصب لاقصر فترة – سنة ونصف ونيف. فضلا عن القرار الذي اتخذه للخروج من لبنان بخلاف موقف الجيش، لا يمكن الاشارة الى خطوة واحدة اكملها: فقد كاد يصل الى اتفاق سلام مع الاسد، وكاد يوقع على تسوية دائمة مع عرفات. هو رجل الكاد.

2. محظور أن ننسى لباراك ايضا الحدث الذي فكك فيه حزب العمل، أقام حزب الاستقلال وانضم مع أربعة من اعضائه الى الحكومة كي يمدد فترة سكن نتنياهو في بلفور. بعض من شركاء باراك في هذه الخطوة رووا لي قبل اسبوع من ذلك فقط امورا تقشعر لها الابدان عن سلوكه، بل وحثوني على التوجه الى سلطات انفاذ القانون كي تفتح تحقيقا ضده. كان هذا درسا جيدا، وليس لاول مرة عن التزام منتخبي الجمهور عندنا؛ اولا لانفسهم، وبعد ذلك للدولة وقوانينها.

3. كان شيء فارق، على حدود السخرية، في قسم من ظهور باراك في المؤتمر الصحفي الذي اعلن فيه عن اقامة حزب برئاسته. ولا سيما حين توجه الى "اخوتي في السلاح"، رؤساء الاركان غانتس، يعلون واشكنازي، وذكرهم بانهم كانوا مرؤوسيه ودعاهم للانضمام الى خطوة اسقاط نتنياهو. 

ذكرني هذا، رغم الفوارق الشاسعة، بخطاب قائد اللواء 7 شموئيل غوروديش التاريخي في سيناء بعد الانتصار في حرب الايام الستة، التي توجه فيه الى "اخوتي ابطال المجد". الجنود وقادة اللواء، الذين قتل الكثير من رفاقهم، سمعوا من غوروديش الجملة الخالدة: "وجهنا النظر الى الموت، فأنزل عينيه". اما باراك فوجه نظرته، ووعد مرؤوسيه الا يهاجم حزب الجنرالات الذي اتحد مع يوجد مستقبل. 

السؤال الحقيقي هو هل خطوة باراك كفيلة بان تغير خريطة المقاعد في الكنيست؟ 

لا استند الى استطلاعات عمق يتغذى بها السياسيون ولكن من الصعب أن افترض بأن باراك، يائير غولان ويفعت بيتون سيزيحون حتى ولا صوت واحد من معسكر اليمين الى معسكر الوسط – اليسار. نتنياهو سيجمع أغراضه بمساعدة أفيحاي مندلبليت أو افيغدور ليبرمان.

4. ان تهجمات باراك على نتنياهو تستهدف تذكير بني غانتس وشركائه في أزرق أبيض بان هذه الانتخابات الثانية لهم. ليس فيها مكان للمجاملات واللطف مثلما يدعي باراك. ان اعود واقترح ان نصدق بين الحين والاخر الشخصيات العامة. واؤمن بان ايهود باراك يعيش في خوف حقيقي من أن نتنياهو دهور الساحة السياسية الى قوات عميقة تفترض من كل من يحب الدولة وقيمها الديمقراطية أن يتجند لانقاذ اسرائيل.

ان مصدر لغة باراك الفظة هو في احساس الطوارئ.

5. يمكن الافتراض بأن باراك على علم بامكانية انه مع عودته الى الساحة السياسية سيهتم الناس بمسألة امواله، ويحتمل أن يتعرض الى فحوصات من محافل تحقيق خاصة. يجدر بنا أن نقدر انه توصل الى الاستنتاج بأن عليه أن يتجند حتى لو ذكر في نهاية المطاف كمكبر للصوت زاد بحضوره الانتقاد لنتنياهو وسلوكه الشاذ على دفة الحكم.

احد ابطال الحرب العالمية الثانية كان الجنرال دوغلاس ماك آرثر الذي قاتل في اليابان وفي حرب كوريا. اسقطه الرئيس الامريكي هاري ترومن بعد أن طلب القاء قنبلة نووية على اهداف في الصين. عاد ماك آثر الى امريكا محاطا بالمجد. والجملة التي خلفها وراءه في التراث الامريكي كانت: "الجنود القدامى لا يموتون ابدا، بل يذوون فقط". هذا الاسبوع مع عودة باراك الى الخريطة السياسية في سن 77، تذكرت هذه القصة.

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب