تلازمك صحوة الصباح.. تبكر كعادتك اليومية، ومنذ سنين.. تنطلق بشغف إلى بيتك التربوي.. إلى المدرسة، تدخل أبوابها.. المقفلة!! يباغتك صمتها، تصطدم بذاتك، بسكون يناجي المكان، بجدران تأسر أسرارها، بأبواب فقدت صريرها، غرف تستأنس فراغها، مقاعد تشتاق دفء حرارتها، سطوح غفت طيورها، ساحات تنتظر، تنادي جلبتها، أزهار ذابلة تحتبس عطر رحيقها.. تصطدم بأجواء عابسة.
تجول وحيدًا، تبحث جاهدًا عن همس الصبا، عن بقايا الصدى، صدى قهقهات الفرح، صدى نعاس طابور الصباح، وضجيج الاستراحة الهائج، تجتهد الاستمرار، تجول باحات هذا الصرح العريق، تتمهل دوس الثرى، يأسرك عبقه العتيق.. تتابع الخطى إلى طيب الذكريات وعطر صنائعه، إلى ثراء الثمر وحصد الجوائز، رقي النتائج، عِظَم العطاء ودفق الأعمال الطيِّبة وتعميق الانتماء والهوية، تذويت القيم الانسانية الإبداعات، المواهب وأوسمة التجربة التربوية، وحمل الهموم وأعباء المسؤولية...
تمتلئ اعتزازًا، تسترق فسحة خاطفة هادئة، فسحة لتخاطب بها عيونك الدامعة جفاءَ المرحلة وضبابها، لترسل موجات نور خجولة تتحسس فجرها، تشحن الهمم تحاول الدفع، تتريث أملاً وتغفو.. تخبو الطاقات ثم يتلوى الجمود حراكًا مرتبكًا، يواجه المرحلة، يلتفت إلى ذاته، يجمع قواه، يتسع حضنه، يمتد صدره، يضم الطلبة الأحبة، يعانق الأبناء، يلملم آمالهم، عشقهم للحياة، يناديهم إلى البهاء بعيدًا عن عتمة العزلة يشدهم إلى الحياة، إلى المدرسة.. يقربهم أقرب من البعد، قريبًا إلى القرب، أقرب إلى القلب ان استطاعوا لهذا سبيلاً، وسيبقى النداء يتردد صارخًا في فضاء المدرسة، ومخيلة الطلبة ووجدان المعلمين.. لا بديل للمعلم وان تبدلت البدائل فهو الإنسان، هو العطاء، في كل الأزمان والأحوال قائم..
(الناصرة)
إضافة تعقيب