news-details

خطابنا يتحدى الهيمنة العنصرية

لأول مرة في تاريخ اسرائيل، تقرر لجنة الانتخابات المركزية شطب ترشيح يهودي يساري، الرفيق عوفر كسيف، المرشح الخامس في قائمة الجبهة والعربية للتغيير،  فيما تقوم قبلها بساعات قليلة بتثبيت ترشيح أوباش كهانا وأتباعه من الفاشيين، بن غفير وبن أري.

إن هذين القرارين المتزامنين يكشفان الوجه الحقيقي ليس فقط للمنظومة المدّعى ديمقراطيتها في هذه البلاد، حيث تقوم لجنة الانتخابات المركزية بدور محاكم التفتيش وشرطة الأفكار على الرفيق عوفر وما يطرحه من أفكار ومبادئ انسانية، ولكنها توضح الواقع السياسي الجديد الذي نجح حكم اليمين برئاسة نتنياهو في تثبيته وتعميقه، بحيث يصبح ما سمي مرة هوامش المجتمع الاسرائيلي، العنصريون، جزءا شرعيا ومقبولا ضمن التوافق الصهيوني العام، ويصبح هذا التوافق العام قادرا على التعايش مع الفاشية بارتياح أكبر وأكثر من التعايش مع الصوت العقلاني اليساري المناهض للاحتلال والعنصرية، والساعي للسلام والمساواة.

قرار الشطب يشكل إعلانًا واضحًا بأن القوى اليهودية التقدمية الشريكة بالنضال تقض مضاجع العنصريين بالمستوى ذاته، وقد يكون أكثر مما يشكله أي طرح أخر يأتي من ناحية عربية. لأن هذا الصوت المختلف يثبت أن المعركة ليست بين اليهود وبين العرب وانما بين توجهين سياسيين مختلفين تمامًا، بين اليمين العنصري الاستيطاني الاحتلالي والإحلالي والقامع، وبين اليسار الأممي الإنساني الرافض للاحتلال والمناهض للعنصرية والفاضح لهما؛ وبين منظومتي قيم متنافرتين ومتناقضتين، ولهذا كان الإصرار على شطب المرشح اليهودي في قائمة الجبهة.

لجنة الانتخابات المركزية هي تشكيلة سياسية وليست قضائية بأي شكل من الأشكال، وقد يكون للمنظومة القضائية موقف آخر، وهذا ما سنعرفه خلال الأيام القادمة، عند النظر في قرار لجنة الانتخابات ونقضه قانونيًا وقضائيًا. ولكن المقولة السياسية التي صدرت من لجنة الانتخابات أمر لا يستهان به، كنا قد حذرنا منها مرارا، وهي أن العنصرية لا تقف فقط عند حدود الانتماء العربي وأنها كائن شره يمتد ويلتهم المزيد والمزيد طالما لم يتم التصدي له. البدايات كانت ضد الجماهير العربية ونزع الشرعية عنها والتحريض عليها وعلى قياداتها، واليوم تمتد لتطال القوى الديمقراطية اليهودية من قيادات المجتمع المدني والقيادات السياسية لتنزع الشرعية عن خطابها الواضح. الرفيق عوفر لم يقل أكثر مما نقول يوميا، ولكن أن يخرج هذا الصوت من داخل الأغلبية اليهودية وبهذا الوضوح والحدة هذا ما لم يستطع تقبله العنصريون.

من الواضح أن قرارات الشطب في لجنة الانتخابات هي محاولة لنزع الشرعية والتحريض العنصري ويتم تنفيذها تحت غطاء الدفاع عن الديمقراطية، وعن التهديد الذي يحمله المعرضون للشطب على الديمقراطية. خطاب الرفيق عوفر كسيف والجبهة، الخطاب الديمقراطي لا يشكل أي خطر سوى كونه يتحدى الهيمنة اليمينية والخطاب الكولونيالي الفاشي الذي أمسى يسيطر على قطاعات واسعة من المجتمع الإسرائيلي ويتيح لأصحابه من نتنياهو وزمرته تبوأ مقاليد الحكم.

عندما يقوم مندوبو الخارطة السياسية في اسرائيل بشطب عوفر كسيف وإعطاء الشرعية للكهانيين، فاعلم أننا أمام مرحلة سياسية جديدة تتطلب اليقظة والتجند لمواجهة مخاطر المرحلة المقبلة.

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب