news-details

سراب اليسار الصهيوني| مروان اميل طوباسي

لأن يكون أحدهم يهودياً يسارياً في دولة الاحتلال "إسرائيل"، عليه أن يكون معاد لمنشأ الفكر الصهيوني، الذي شكل أداة للفكر الاستعماري الغربي، حتى ما قبل وعد بلفور، وعمل على استغلال الدين اليهودي وفقرائه لمصالح اغنيائه وكبار التجار.

لقد ضحت الحركة الصهيونية العالمية بإعداد كبيرة من اليهود في جرائم الحرب العالمية الثانية، بالتعاون مع النازيين آنذاك الذين سهلوا هجرة اليهود الي فلسطين، مقابل المال ومحاولة تفريغ أوروبا من اليهود، الذين ضاقوا منهم الأوروبيين لسيطرتهم على مفاصل المال.

 ولا يمكن لمن يعتبر نفسه يهوديا يساريا في اسرائيل او خارجها، ان لا يعارض أسس الدولة الاستعمارية العنصرية وممارساتها حتى يومنا هذا، بحق شعبنا الفلسطيني أصحاب الأرض الأصليين.

بغير ذلك تكون محاولة اعتبار البعض لهوية أنفسهم الفكرية والسياسية اليسارية هي وهمِ وخداع وذر للرماد بالعيون.

فالهوية الفكرية اليسارية لا يمكن الا ان تحمل مفاهيم حرية الشعوب وحقها في تقرير مصيرها ومعاداة كل أشكال الاستعمار والاحتلال والتمييز العنصري، إضافة إلى امتلاك رؤية اجتماعية اقتصادية وثقافية تقدمية تدافع عن العدالة والمساواة، وحقوق المستضعفين والمسحوقين من ممارسات أصحاب نظريات الاستغلال البشع، وهذا امر غير قائم لدى من يسمون أنفسهم باليسار الصهيوني، فالفكرتين والمفهومين يقفان على طرفي نقيض، حتى حقنا المُشرع دوليا بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس على كافة الأراضي التي احتلت عام 67، وفق قرارات الشرعية الدولية وحل قضية اللاجئين وفق القرار 194، غير مقبول كاملاً لهؤلاء الذين يدعون بأنهم يحملون بما يسمى باليسار الصهيوني، بما في ذلك أيضا موقفهم من مسألة الحقوق القومية والمساواة لأبناء شعبنا الباقون بالداخل.

هنالك عدد من اليهود في إسرائيل وحول العالم الذين يناهضون الفكر الصهيوني العنصري وممارسات دولة إسرائيل ويقفون في حركات التضامن الدولية معنا، والى جانب كفاح شعبنا العادل من أجل حقوقه الوطنية الثابتة وغير القابلة للتصرف، هنالك يهود قد شاركوا في تأسيس حركات تحرر ثورية سياسية واجتماعية وثقافية ذات بعد إنساني تقدمي حتى ببعض دول العالم العربي، ومنهم من كافح الى جانبنا في مسيرة نضالنا الشاقة، هؤلاء ينطبق عليهم مفهوم الهوية اليسارية الفكرية، وقلة منهم يكافحون معنا من داخل المجتمع الإسرائيلي الذي تنمو فيه أصول الفاشية، ويتوجب استمرار العمل والكفاح المشترك معهم.

إن المجتمع الدولي من خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة كان قد اتخذ قرارا عام 1977 بمساواة الصهيونية بالعنصرية، رغم انه قد تم إلغائه لاحقا بسبب التحولات التي جرت بالنظام العالمي بعد انهيار الاتحاد السوفييتي والمنظومة الاشتراكية.

 

*سفير فلسطين في اليونان

 

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب