news-details

صباح الخير: من التّأثير إلى التّغيير

نحن لسنا اليونانيّ الخرافيّ سيزيف الذي حُكِمَ عليه بعذاب أبديّ قائم على دفع صخرة من أسفل جبل إلى أعلاه حتّى إذا بلغ القمّة تدحرجت الصّخرة إلى أسفل فعاد إلى دفعها مجدّدًا، كما أنّ نتنياهو ليس إرادة الآلهة وأسرارها الغامضة.

قد يشعر أحدنا أحيانًا بالإحباط الذي يقوده إلى اليأس إذا وجد نفسه يواجه صخرة صمّاء ولا يستطيع التّأثير على القضيّة التي تنتصب أمامه، ولا يقدر على التّغيير الذي يصبو إليه، بينما يغرّد الفرح في صدره ويرقص في عينيه، ويتفتّح الأمل الأخضر والتّفاؤل النّديّ في دنياه حينما ينجح في التّأثير ويقدر على التّغيير.

منذ سبعين عامًا وأنا أسعى -ولم أيأس- كي أكون مواطنًا متساويًا مع الآخر في الدّولة التي جاءت إليّ ولم انجح حتّى اليوم لأنّ قادتها لا يريدونني فيها، على الرّغم من أنّني بنيتُ لهم البيوت والقرى والمدن من أمّ الرّشراش التي صارت إيلات حتّى الخالصة التي صارت كريات شمونة، ونظّفت لهم الشّوارع والسّاحات العامّة من عسقلان التي صارت أشكلون حتّى نهاريا، وأعددتُ لهم الحمّص والفلافل وجليت لهم الصّحون والملاعق والكؤوس في المطاعم والحانات، وزرعت لهم الحقول خضارًا وفواكه، وجنيت لهم الغلال، وعالجتهم في المستشفيات، وسجّلت لهم الأهداف في شباك الخصم في المباريات الدّولية، وبقيتُ العربيّ الـ"غوي" "برسونا نن غراتا"، غير المرغوب به، والمشبوه والصّرصار المسمّم في زجاجة، والسّرطان في جسم الدّولة والخطر على وجودها.

هل تصدّقون؟ أنا خطر على دولة تملك الطّائرات الحربيّة والًصّواريخ والدّبابات والغوّاصات والقبّة الحديديّة وديمونا، وما أدراك ما ديمونا. أنا خطر على إمبراطوريّة إسرائيل التي يحجّ إليها الملوك والأمراء بالسّرّ وبالعلانيّة، وخطر على أقوى جيش في الشّرق الأوسط، ونتيجة لذلك يعرّونني في المطارات والموانئ، ويوقفونني في الحواجز، ويشتمونني في الملاعب، ويشيطنونني في قصص الأطفال ويحوّلون اسمي إلى شتيمة، فشمعون أمّه عربيّة وكحلون عربيّ قحّ والجنرالات الثّلاثة الذين "أيديهم نظيفة" من دم أبناء شعبي قد يصلون إلى الحكم بأصوات ليست "كشير".

 وضعوني بل قوننوني في الدّرجة العاشرة في سلّم السّكان بعد المستوطن والمتديّن والاشكنازيّ والسّفارديّ والحريديّ والمغربيّ واليمنيّ والأثيوبيّ وسيّدات شارع هيركون وقالوا لي: أشكر ربّ إسرائيل لأنّك تتمتّع بما يحلم به أهلك من الشّامّ حتّى تطوان فعندك التّامين الوطنيّ والبمبا والبسلي.

 اكتشفت بعد جهد جهيد ووساطة من محكمة العدل العليا التي كانت تتمتّع بهيبة وصلاحيّة أنّ هناك مقدار شعرة واحدة أتساوى فيها مع يئير بن بنيامين ومع لاعب الثّلاث ورقات، وهي حقّ الانتخاب للكنيست الإسرائيليّ فلي صوت يعادل صوت الجنرال يعلون وصوت سارة نتنياهو وهذه فرصة تمنحني التأثير وتدفعني إلى التّغيير فلن أفرّط بحقّي ولن أتنازل عنه.

محمّد علي طه

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب