ومن كثرة ديموقراطيتها يصعب عليها سماع الصوت العاقل الانساني والجريء الذي يصرح به الرفيق كسيف بكل مسؤولية ورفاقه في الحزب والجبهة، الذين هم والقوى الديموقراطية اليهودية والعربية من اكثر الناس صدقا في اقوالهم وممارساتهم لخدمة مصلحة شعبي هذه البلاد، الاسرائيلي والفلسطيني، من اجل خدمة قضية السلام العادل، لانهم يعون جيدا انه في النهاية سوف يتحقق حلم الشعب الفلسطيني بقيام دولته الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة على ارضها وهذا هو الموقف الانساني الصحيح الذي يناضل من اجله عوفر كسيف، وهو نفس الموقف الذي تبناه رفاقه الاوائل في الحزب الشيوعي منذ قيام الدولة ونكبة شعبنا الفلسطيني، وهم دائما يسبحون ضد التيار العنصري السائد اليوم في اسرائيل، لانهم يؤمنون ان التنكر لحق الشعب الفلسطيني، والحروب لم ولن تجلب السلام والحياة الامنة في هذه المنطقة من العالم.
وهم ايضا يعرفون جيدا ان سياسة حكام اسرائيل كانت وما زالت عدوانية اتجاه الشعب الفلسطيني وكل ممارساتهم كانت العمل على ابادته او ترحيله عن وطنه، وفي الحقيقة فان سياستهم هذه هي ضد مصالح الشعب الاسرائيلي الحقيقية نفسه أيضا ومستقبله في المنطقة، وكذلك يحلمون بانهم من خلال سياستهم هذه، سياسة الحروب، القتل، التجويع والترحيل وسلب الارض سيخضع الشعب الفلسطيني لليأس والرحيل عن وطنه، ولكن يجب ان يعرفوا جيدا ان هذا الشعب لم ولن ييأس، مهما جابه من ويلات ومصاعب لان الشعب الفلسطيني الذي عاش هنا منذ الاف السنين، لا يوجد له وطن الا هذا الوطن، ومهما جابه من مصاعب، لم ولن يقبل بديلا عن هذا الوطن.
ان الرفاق في الحزب الشيوعي والجبهة الديموقراطية، والقوى الديموقراطية وكذلك القوى الوطنية بين الجماهير العربية يعرفون جيدا هذه الحقيقة عن هذا الشعب الصادق الصابر، ولذلك فهم يعملون بمثابرة بين جماهير الشعبين من اجل تبني مثل هذا الموقف المبدئي الانساني والشجاع، وهذا الموقف لم يقفه الرفيق كسيف وحده، بل والرفاق الذين سبقوه خلال عضويتهم في البرلمان الاسرائيلي من امثال الرفاق ماير فلنر، ابراهم لفنبراون، تمار غوجانسكي ودوف حنين. هذا هو في الواقع تاريخ الشيوعيين، لانهم هم الاكثر وطنية واخلاصا لشعوبهم، اذ يؤمنون ايمانا مطلقا في حق الشعوب في تقرير مصيرها وحقها في الحرية والاستقلال، ويعرفون جيدا ايضا ان شعبا يضطهد شعبا اخرا، لا يمكن ان يكون هو نفسه حرا.
لقد تعرفت على الحزب الشيوعي منذ اوائل الخمسينات في القرن الماضي، من خلال انتمائي لصفوف الشبيبة الشيوعية ومن ثم عضويتي في الحزب الشيوعي عرفت جيدا عددا غير قليل من الرفاق اليهود والكثير منهم كانت لي معهم علاقات رفاقية وانسانية وعائلية، ولا زالت مع رفاق قدماء ورفاق شباب جدد، وعرفت فيهم اخلاصهم لمبادئهم الشيوعية الاممية والتي حسب اعتقادي من اكثر المبادئ انسانية، ولذلك عملنا سويا باحترام كامل ومتبادل، وآمنا بالاخوة بين الشعوب، والاخوة العربية اليهودية الصادقة، وآمنا بامكانية العيش المشترك بمساواة واخوة رفاقية متبادلة. هكذا عمليا تربينا وربينا اجيالا على اساس هذه المبادئ وهذه الطريق الاممية. وهكذا عرفت الرفيق عوفر كسيف مخلصا لمبادئه الانسانية، ومهما زعق العنصريون وتآمروا عليه، لا يمكن ان يثنوه عن مواقفه المبدئية التي امن بها.
انني اقول للرفيق كسيف ان هؤلاء الذين وقعوا على عريضة لعزلك من البرلمان سوف يذكرهم التاريخ بانهم شلة من الحاقدين اللا انسانيين. اما انت فسيذكرك التاريخ انك كنت الاكثر صدقا واخلاصا لمستقبل الشعبين، في الحياة الكريمة، وكذلك لمستقبل شعبك والشعب الفلسطيني وكل شعوب الارض.
عندي قناعة يا رفيق ان طريقك انت ورفاقك والقوى الديموقراطية والوطنية من شعبي هذه البلاد هو المنتصر حتما، ولا يصح في النهاية الا الصحيح، وان طريق العنصرية والاستعلاء القومي والحروب هو حتما الى الزوال، مهما طال الزمن، واني على قناعة بان هذا الزمن سيكون قريبا.
في النهاية اقول ان علاقاتي الصادقة مع رفاقي اليهود قد بدأت منذ اكثر من 70 عاما وستستمر الى اخر يوم في حياتي، وانني افتخر واعتز بهذه العلاقة الرفاقية والانسانية، وانت يا رفيق عوفر نعتز ونفتخر بك، لانك بهذه المواقف تمثل حزبك وجبهتك افضل تمثيل، وفي الوقت نفسه تمثل الضمير الانساني الصادق الذي يحب الحياة الخالية من الحروب المجرمة والعنصرية الكريهة والاحتلال، ونحن جميعا نحب الحرية ونحب السلام العادل ونحب ان تقوم الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة على ترابها الوطني الى جانب دولة اسرائيل غير العدوانية والمحبة للسلام، ويا رفيق، يا جبل ما يهزك ريح.
عرابة البطوف.
إضافة تعقيب