news-details

عطر أبي عثمان| سهيل عطاالله

عندما نتحدث عن الخير بكل أشكاله يتصدر أفكارنا خير الكلام وخير الكلام ما قل ودل بعيدًا عن الثرثرة كلاما وكتابة. خير الكلام خبز به يحيا مناصرو مهارتي القراءة والاصغاء.

عندما نتناول "البيان والتبيين" يتضوع عطر شيخنا أبي عثمان الجاحظ وهو يردد:

"في الايجاز بلاغة"؟.. انه لعمري كلام يقطر صدقا وحكمة كثيرا ما نردده في محضر كلام مكتوب وكلام مسموع فيهما حشو ولغو وتكرار مبتذل مقيت!!

هواة الكلام ومحبوه يغفلون بيان وتبيين سيد أئمة الادب العباسي وهم يشوهون أوجه الكلام لأنهم لا ينظرون بعين الرضا لمن يؤثر الاختصار على الاسهاب!!

الكاتب الذي يتبنى حكمة أبي عثمان يحترم القارئ ويرى فيه "لبيبا من الإشارة يفهم!".

يكفي القارئ العاقل من الحديث خلاصته، والخلاصة هي الجوهر وهي اللب وهذه مجتمعة تعني "المختصر المفيد".. الاسهاب يستولد الملل والملل يولد من رحم التكرار وقد يكون هذا التكرار مشروع ثرثرة يقهرنا قراء ومستمعين مبعدا كاتبنا ومحدثنا عن عمق الابتكار أو الابداع! والسؤال: كيف يمكن لأحدنا أن يكون مبدعا وعومه لا يكون إلا في مياه ضحلة آسنة؟!

على الكاتب أن يعطي قراءه الأكثر شريطة أن يأخذ منهم الأقل من الوقت. إن هدر وقت القراء فيه استلاب وفيه اغتصاب!!

أتذكر قولا للأمير الدنماركي "هاملت" رائعة شكسبير حيث قال: "الايجاز روح الصواب"، وأتذكر أيضا باسكال أديب فرنسا وفيلسوفها عندما كتب في رسالة لأحد أصدقائه معتذرا: "جعلت رسالتي هذه لك طويلة لأنني لم أملك الوقت الكافي لأجعلها أقصر!".

وينتصب أمامي السؤال: "هل تأثر أعلام الغرب بجدنا الجاحظ؟!" فشكسبير ولد بعد الجاحظ بما يزيد على أل 789 عاما بالتحديد، أما باسكال فكانت رؤيته للنور بعد ولادة أبي عثمان بثمانية قرون ونصف؟!

هناك من يزعم ان الايجاز أسلوب يفتقر الى الوضوح وهذا كلام مرفوض مرفوض.. نستطيع في "ما قل ودل" أن نعطي الكثير الكثير دون الوقوع في متاهات ما لا لزوم له من التفاصيل!!

في القبيل من الكلام دلالات تعني إرشادات وهدايات.. يا لروعة أهل الهداية فأفكارهم وافعالهم أوسمة تتوجنا بهالات من الخير والرشد والرشاد.

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب