news-details

عمير بيرتس جيد للعرب

سيذكر العرب لاحقا دور عمير بيرتس، في دفن حزب "العمل" قائد الحروب الاحتلالية وواضع ركائز الاستيطان

بيرتس هو من أكبر الانتهازيين الذين عرفتهم السياسة الإسرائيلية

ركب زورا، على موجة "السلام"، ليلائم الأجواء العابرة، ليتكشف لاحقا بحقيقته: مجرم حرب، بدوره في الحربين على غزة ولبنان العام 2006 *فلماذا المفاجأة من موقفه لشطب ترشيح هبة يزبك *سيرة ذاتية

يتفاخر رئيس حزب "العمل" المتهاوي، عضو الكنيست عمير بيرتس، بأنه وحزبه، سيدعمان طلب شطب ترشيح النائبة عن حزب "التجمع" في القائمة المشتركة، هبة يزبك، لانتخابات آذار المقبل. وهناك من أبدى "دهشة واستغرابا"، ولكن لا مجال لهذا، إذا نظرنا لحقيقة هذا الانتهازي، الذي يضاهي سرعة الحرباء في تلونها، فهو في حقيقته، مليء بالعنصرية الصهيونية، وجعل من نفسه مجرم حرب خطير؛ وفي عالم طبيعي، كان من المفروض أن يكون من أوائل من يصلون الى محكمة لاهاي.

ولد عمير بيرتس في العام 1952 في المغرب العربي، وهاجر مع عائلته الفقيرة في ذات العام الى البلاد. وفي جيل مبكر، لجأ الى حزب "العمل"، وفي انتخابات العام 1988، انتخب لأول مرّة لعضوية الكنيست، عن حزبه، وبقي فيه بشكل متواصل حتى يومنا هذا. 

ولعب بيرتس، دور اليهودي الشرقي في حزبه، الذي وضع كل سياسات التمييز، أساسا ضد العرب، ولكن أيضا بنظرة استعلائية ضد اليهود الشرقيين. وفي نهاية سنوات الثمانين، كانت انتفاضة الحجر الفلسطينية الباسلة، قد اخترقت الشارع الإسرائيلي، ونشأت مجموعات سياسية، لم تفتك عن صهيونيتها، ولكنها أدركت حقيقة أنه لا يمكن استمرار الاحتلال.

وهذه المجموعات تغلغلت في حزب "العمل" إلى حد ما، وظهرت ما سُميت في حينه "مجموعة الحمائم"، التي ضمت شخصيات شبابية نسبيا في تلك المرحلة، لتواجه القيادة القديمة للحزب، فقفز اليها عمير بيرتس، لأنها كانت "المسار الرابح" في الحزب، الذي فاز في الانتخابات الداخلية في الحزب في العالم 1992.

ظهر بيرتس في سنواته الأولى في خانة "النقابات والقضايا الاجتماعية"، وفي العام 1994، ربط تحالفا مع زميله في الحزب حاييم رامون، لإحداث انقلاب آخر في الحزب، على قيادة اتحاد النقابات "الهستدروت"، القديمة المتعفنة، وفازا في الحزب، ولكنهما شكلا قائمة منفصلة لخوض انتخابات الهستدروت، وفازا في تلك الانتخابات برئاسة الهستدروت.



مدّ بيرتس يده لحاييم رامون، لتدمير الهستدروت من الداخل، تحت غطاء الإصلاح، وقاما ببيع شركات الهستدروت لحيتان المال، علما ان الهستدروت كان يملك 30% من الاقتصاد الإسرائيلي، وتحول الهستدروت الى ذراع خفي متواطئ مع حيتان المال، وأهمل العاملين في القطاع الخاص، وبات يمثل النقابات القوية، وغالبا هي شركات حكومية وخاصة كبرى، لم تستوعب عربا للعمل فيها، بالقدر الكافي.

في العام 1996، رسّخ عمير بيرتس انشقاق الهستدروت، ليمتد الى الكنيست، وشكّل حزب "عام احاد"، ولوّح طيلة الوقت برفض الانسحاب من مرتفعات الجولان السوري المحتل. وفي المقابل، واصل بيرتس قيادته للهستدروت، حتى العام 2005، ووضع أسس تنكّر الهستدروت للشرائح الفقيرة، لتئن تحت واقع استبداد واستغلال القطاع الخاص، دون أن يكون لها سندا نقابيا يدافع عن حقوقها.

في العام 1999، رفض عمير بيرتس وحزبه الانضمام الى حكومة حزب "العمل" برئاسة إيهود باراك، رغم المؤشرات التي ظهرت، وكأن تلك الحكومة ستستأنف المفاوضات مع كل الأطراف العربية، بما فيها سورية.

في انتخابات 2003، تلقى بيرتس ضربة في الكنيست وتراجع تمثيله الى 3 نواب، بدلا من أربعة، وبعد تلك الانتخابات سعى شمعون بيرس لإعادة عمير بيرتس لحزب العمل، فعاد اليه في العام 2005، ولكنه في ذات العام نافس بيرتس، شمعون بيرس عرّاب عودته للحزب، وفاز عمير بيرتس برئاسة الحزب.

في العام 2005، دخل الى حيّز التنفيذ قانون يحظر على من يتولى رئاسة الهستدروت أن يكون عضو كنيست، فاختار بيرتس الكنيست، واستقال من الهستدروت، لصالح عوفر عيني، المتواطئ الأكبر مع حيتان المال.

قاد بيرتس حزب "العمل" في انتخابات 2006، ولكنه اختار بعد الانتخابات تولي وزارة الحرب في حكومة إيهود أولمرت، رغم أجندته الاقتصادية الاجتماعية المزعومة، وبعد شهرين من وصوله الى هذا المنصب، الذي استهجن الجميع توليه له، كان على رأس الدافعين لشن حرب إجرامية على قطاع غزة، في منتصف شهر حزيران، وبعدها بأقل من شهر، شن حربا إجرامية أخرى على لبنان، ما أدى الى قتل واصابة آلاف الفلسطينيين واللبنانيين، وتدمير قطاع غزة، وبنى تحتية في لبنان.

في العام 2007، أطاح حزب "العمل" بعمير بيرتس، ليستعيد إيهود باراك رئيسا، ولكن نتائج ممارسات بيرتس انعكست على حزبه في انتخابات 2009، إذ تهاوى تمثيله إلى 13 مقعدا.

في انتخابات 2013، كان الحزب برئاسة شيلي يحيموفيتش، التي فازت برئاسة الحزب في أعقاب انشقاق باراك عن الحزب، في مطلع العام 2011. في حملة الانتخابات تلك، أعلنت يحيموفيتش، تخليها عن الأجندة السياسية، وأعلنت أنها ستخوض الانتخابات بأجندة اقتصادية اجتماعية، فعارضها بيرتس الذي كان في مقعد متأخر قليلا عن المقعد الأول.

وفي ليلة تقديم القوائم، قفز بيرتس مجددا من حزب "العمل" الى حزب "الحركة"، الذي أسسته حديثا تسيبي ليفني، وفي حين تظاهر بيرتس بأن انتقاله كان بسبب موقف يحيموفيتش من الأجندة السياسية، فقد تبين لاحقا، أن السبب هو أن ليفني عرضت عليه منصب وزير في الحكومة، وبالفعل فقد انضم بيرتس مع شريكته الجديدة لحكومة بنيامين نتنياهو، 2013- 2015.



في انتخابات 2015، تحالفت ليفني مع حزب "العمل" سوية مع بيرتس، ولكن حينما رأى ضعف الحزب الجديد، عاد بيرتس خلال الدورة البرلمانية الى حزب "العمل"، ولكنه بقي في الظل، حتى قبيل انتخابات نيسان العام 2019، فتنافس مجددا على رئاسة الحزب، التي فاز بها آفي غباي، ولكن بيرتس انقض مجددا على رئاسة الحزب بعد هزيمة انتخابات نيسان 2019، التي تهاوي فيها "العمل" إلى 6 مقاعد، بدلا من 19 مقعدا في العام 2015.

تمهيدا لانتخابات أيلول 2019، انقلب بيرتس على موقفه قبل إعادة انتخابه رئيسا للحزب، ورفض التحالف مع "ميرتس"، واختار التحالف مع اليمينية المنشقة عن حزب يسرائيل بيتينو، أورلي ليفي، في تحالف طغى عليه الطابع الطائفي اليهودي الشرقي، وغيّب بيرتس بنفسه، الأجندة السياسية كليا، ولكنه فاز مجددا بـ 6 مقاعد، منها 5 فقط لحزب "العمل".

وتحت الضغط والخوف من عدم اجتياز نسبة الحسم، اضطر بيرتس للقبول بالتحالف مع حزب "ميرتس"، ولكن سوية مع شريكته ليفي، طالبا مجددا لتغييب الأجندة السياسية. وكما رأينا في الأيام الأخيرة، حماسته الزائدة للانضمام لطلب شطب ترشيح النائبة هبة يزبك، ليثبت مجددا حقيقته اليمينية الانتهازية.

الانطباع السائد، هو أن حزب "العمل" بات يلفظ أنفاسه الأخيرة، بعد موت سريري أدخل الحزب نفسه فيه منذ مطلع سنوات الألفين، ولم يستغل صحوة أو اثنتين، لأنه اختار طيلة الوقت السير في تلم اليمين الاستيطاني.

ولهذا، فإن بيرتس سيكون "الحانوتي"، حسب الكُنية المصرية، الذي سيُسدل الستار على حزب "العمل" بتاريخه الدموي ويدفنه، وهذا الأمر الإيجابي الوحيد الذي سنذكره لبيرتس، فإلى حيث ألقت.

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب