news-details

فتاتنا

*نوعاما يسسخار، البطلة التي تحظى بتعاطف كبير من قبل الجمهور في إسرائيل، يوجد مثلها الآلاف في سجوننا، من ضحايا أيدينا. ودولة مثل دولتنا لا يوجد لها أي حق اخلاقي في الاحتجاج على روسيا وعلى جهاز القضاء المشوه فيها*

جلعاد شليط جديد ولد: نوعاما يسسخار، اسرائيلية من حملة حقائب الظهر تعيسة الحظ، التي وجد في اغراضها مخدرات، والتي بسبب ذلك اصبحت ضحية لمؤامرة دولية، تحولت ايضا الى بطلة قومية لدينا. قبل لحظة لم يكن أحد يهتم بمصيرها، رغم أنها قضت في السجن الروسي بضعة اشهر، بعد لحظة عندما ستفقد وسائل الاعلام الاهتمام بها وتنتقل الى البطل القادم، سيتم نسيانها.

في هذه الاثناء هي فتاتنا، فتاة الجميع. "نشد على أيدي نوعاما"، "جيش اصدقاء نوعاما"، "غرفة عمليات من اجل نوعاما"، نوعاما متعبة، نوعاما تبكي، نوعاما تحلم، نوعاما تأمل، نوعاما في كل لحظة. رئيس الدولة ورئيس الحكومة يتنافسان حول من سيهتم بها اكثر. اعتصام من اجل اطلاق سراحها بدأ تنظيمه.

كما يبدو أن هذا أمر مؤثر وينعش القلب، تضامن وأخوة، جميعنا شعب واحد، يصعب التفكير في دولة اخرى فيها مسافرة مع حقيبة على ظهرها، مجهولة، التي عوقبت بأكثر مما تستحق، تحولت الى بطلة قومية في هذا الاسبوع. رغم أنها ليست أسيرة حرب في بلاد العدو. اسرائيل تحب الأبطال للحظة مثل هؤلاء، الذين يمكن أن نضخ اليهم يوميا كل ما هو غير موجود هنا: لا يوجد تضامن حقيقي مع الضعفاء، فعليا، يوجد القليل جدا من التضامن بشكل عام. اخرجوا الى الشوارع، الى السوبرماركت، سافروا في الشوارع وقفوا في الطابور، وشاهدوا عدم اهتمام الاسرائيلي بالآخر. بأي آخر. العدوانية التي لا يمكن تصديقها، العنف، الغضب وحتى الكراهية السائدة هنا في كل مكان.

لا يوجد أحد يستغفله أحد، لذلك لن يهتم أحد بأي شخص آخر. سنتصرف بصورة وحشية، سنوقف السيارة أينما نريد، سنلقي ما في أيدينا أينما نشاء، نسرق الدور، نسطو على الاختناق المروري. لماذا؟ ما الذي حدث؟ هل أحد مدين لك بشيء؟

مع نوعاما نحن ابطال، من اجلها يكفي التأوه والأمل والصلاة، وبعدها القلب سينتعش. الفخر القومي يصل الى عنان السماء، لا يوجد من هم مثلنا.

ولكن في المجتمع الذي يسحق الضعفاء ويتخلى عنهم والذي فيه كل الاهتمام بالآخر هو للاغبياء فقط، لا يمكننا التأثر بجدية من اظهار التضامن الفارغ واللحظي مثل الذي يتم اظهاره تجاه نوعاما يسسخار.        

نحن نحبها ايضا لأنها تجلب لنا شعور لطيف، أفضل المشاعر، شعور الضحية، المحبب جدا لدينا، لا يجب قول ذلك بشكل صريح، لكن هذا موجود، في ثنايا الحوار العام، يسسخار اعتقلت لأنها يهودية، هي ضحية اللاسامية، الروس ينكلون بها لأن الكارثة لم تكن كافية بالنسبة لهم. العالم كله ضدنا، لذلك فان قلوبنا معها ومع مصيرها المر. لابنة شعب آخر لم يكن هذا ليحدث. فقط لنا. ونحن لا نستحق ذلك بعد كل العذاب الذي مررنا به. هذا موجود في تحت النص في كل حديث عن نوعاما.

ما ليس موجودا في أي ثنايا نص، تحت أي ظرف، هو العمل اليدوي لدينا، اولئك الذين يتعفنون، يتعفن، هنا في السجن بعد أن حكم عليهم، عليهن، بأحكام مبالغ فيها، متوحشة، غير متوازنة بالمرة مع افعالهم، واحيانا ايضا دون أن يرتكبوا أي شيء. الحكم عديم التوازن ليسسخار هو انساني ومهم بالمقارنة مع عدد من احكام المحاكم العسكرية في الضفة مثلا.

لا يمكن عدم قول ذلك ايضا في هذا السياق: الدولة التي تقوم بسجن نحو 100 طفل في كل سنة، عدد منهم اعمارهم اقل من 13 سنة؛ وفي كل لحظة معطاة يوجد في سجونها اكثر من 400 "معتقل اداري"، بدون محاكمة وبدون لائحة اتهام وبدون احتمال الحصول على دفاع وبدون احتمال للعدالة، وهي تصمت لا تنبس ببنت شفة بدون أي اظهار للتضامن مع ضحاياها وبدون احتجاج، هذه الدولة لا يوجد لها أي حق اخلاقي في الاحتجاج على روسيا، الاحتجاج على الجهاز القضائي مشوه لها، والتباكي على الظلم الذي وقع على نوعاما، عزيزتها.

نوعاما يسسخار هي سجينة سياسية، سجون روسيا مليئة بالسجناء مثلها. ولكن انظروا، ايضا سجوننا مليئة بهم. بالآلاف منهم.

 

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب