news-details

فلسطين بعيون مسيحية| سهيل عطاالله

كان يسوع معلما لا مثيل له فهو الذي علم تلاميذه وعلمونا بواسطة الامثال.. تمتد على مساحة ثلثي العهد الجديد أمثال معلمنا السيد المسيح الذي عزز تعليمه لسامعيه بمثل بعد مثل. إن أكثر الامثال التي جاءنا بها الناصري موجودة في انجيل لوقا وبلغ عددها مع إنجيلي متى ومرقس ما يقارب الخمسين مثلا.. أما يوحنا فلم يذكر أمثالا وانما اختص بذكر مواعظ المسيح ومعجزاته.

هذا الكلام أورده بعد زيارتي لقرية الطيبة شرقي مدينة رام الله.. بعد زيارتي ولمدة يومين رام الله وضواحيها رافقت مرشدا سياحيا يقدم خدماته لنزلاء الفندق الذي نزلت فيه.. رافقت المرشد الى بيت قديم قائم كمتحف فيه تجسيد للوجود الفلسطيني القديم.. في المتحف اختزال للحياة الفلسطينية المسيحية على ايدي سكان القرية من اجداد وأجداد أجداد!! تمتد مساحة المتحف على ما يقارب المئة مترا مربعا.. في اصغائي لحديث المرشد علمت ان للقرية أهمية استراتيجية لوقوعها بين القدس ونابلس وحاليا هي القرية الوحيدة في أراضي السلطة التي يسكنها مسيحيون فقط.

يقع المنزل في ساحة كنيسة اللاتين.. لقد بان لي أن البيت مشابه لبيوت الفلسطينيين القدامى وهو تماما كمعظم بيوت بلدتي "إقرث" التي هجرونا منها عام 1948!!

البيت عبارة عن غرفتين كإسطبل طويل مخصص للأبقار والخيول.. بعد العتبة وبصعود درجات ثلاث نصل الى صدر البيت المتسع لفراش أو (طراريح) نجلس عليها نهارا وننام عليها ليلا، أما الجدران الطينية الملساء فعليها رفوف من القش وبجانب الرفوف فتحات لمخازن الحبوب.. ورأيت أيضا جدارا بجانب الموقد والداخون يعلقون عليه أدوات الحراثة التي استعملها الأجداد في فلاحة الأرض وزراعتها.. خلف أحد الجدران رأيت غرفتين داخليتين ضيقتين خصصتا للنساء للتواري عن مَن يزور البيت من ضيوف ذكور!!

عند ترميم المنزل لم تكن هناك أنوار كهربائية بل قناديل زيت كإشارة لتعاليم المسيح: " بألا يترك المرء نوره مختبئا تحت المكيال".

أعلمنا مرشدنا الخبير أن نموذج البيت موجود في تجمعات أهل فلسطين القدماء.. قبل ترميمه كان المنزل صامدا كالصخر لأنه مبني على الصخر كرباط بالتعاليم الدينية المسيحية:

"أن يبني المرء بيته في الكهوف أو على الصخور لحمايته من العواصف".

بعد وفاة أصحاب المنزل اشترته الكنيسة ليكون نموذجا للحياة الفلسطينية وتذكيرا بأمثال المخلص العظيم لذا أسموه "متحف الامثال" وعلى جدرانه نقشوا الكثير من الامثال.

بهذا أعاد مسيحيو الطيبة بعيونهم المسيحية واجلالهم لأمثال سيدهم المسيح.. اعادوا تثبيتا لمسيحيتهم الفلسطينية أمام الداني والقاصي، القريب والبعيد.

الطيبة.. هي القرية التي لجأ اليها يسوع الناصري بعد اقامته اليعازر من بين الأموات..

 في نهاية هذه الجولة السياحية أدركنا مع المرشد انه لن يستطيع أحد ان يشطب التاريخ الإسلامي المسيحي من أرض فلسطين.. بلاد الآباء والأجداد!

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب