news-details

كابتن بلوم وإضاءة شعلة استقلال إسرائيل، فالشيء بالشيء يذكر | د. هنيدة غانم

لم يعد من يضيء شعلة الاستقلال الصهيوني مجرد فرد ذليل، يلتزم حدود الدائرة خوفا، بل اطباء وبروفسورية وابناء وبنات شخصيات جماهيرية تتحدث عن التطور والتغيير!

من القصص المتداولة في قريتي والقرى المجاورة حول فترة الحكم العسكري الذي فرض في الداخل بعد النكبة وحتى عام 1966، و التي حفرت عميقا في وعي السكان هي قصص الاذلال والترهيب التي اعتاد على ممارستها شخص بإسم كابتن بلوم.

"كابتن بلوم" كما يبدو هو الاسم الحركي العسكري المخابراتي، وليس الحقيقي للشخص الذي كان يتخفى وراءه، للقيام بالأمور التي تستوجب التخفي، والتنفيذ تحت قبّعة مختلفة على منوال وشاكلة كل رجالات العسكر والمخابرات، واقربهم للوعي اولئك الذين يؤسسون منظومة الحكم العسكري والادارة المدنية في الضفة وغزة والقدس!

على كل كان بلوم كما يبدو احد الشخصيات العسكرية المهمة في منطقة المثلث، واعتاد على التجوال في المنطقة بين القرى والحقول.

يحكي أهل القرية عن بلوم انه كان إذا صادف شخصا في تجواله المستمر، يبادره الى السؤال: هل أنت متزوج؟ اذا اجابه الشخص بنعم كان يقوم بضربه ويقول له: "بدك تكثر من زريعة هالأمة النجسة؟"، واذا كان الجواب لا، كان أيضا يضربه ويقول له "شو بينقص جحش مثلك ليتزوج؟ مفكر حالك بعدك صغير"!

على كل، يقال انه التقى في إحدى المرات برجل من القرية وأمره برسم دائرة والوقوف داخلها، وهدده "اذا خرجت من الدائرة سأقتلك". وهكذا كان رسم الرجل الدائرة ووقف داخلها اما الكابتن فتركه في الدائرة وانطلق في تجواله.

في المساء عاد بلوم لتفقد الرجل ليجده واقفا على حاله: مرعوبا وذليلا!

ما الذي فعله بلوم حينها؟ ما فعله سابقا. فالأمر لا يتعلق حقا بما يفعله من يقف امامه، لذلك

 بدأ بتوجيه الضربات والشتائم له: اي حمار وغبي انت اللي ما هربت!

لماذا احكي القصة؟

لأنني اعتقد ان اقوى انواع الدوائر تلك التي تنتقل من عتبة الظاهر والمرئي، تستوطن عمق الوعي، تلك التي تنسحب من ممارستها الفجة ومشهديتها وتنسحب الى داخلنا، تحفر الذل عميقا فيه، وتعيد انتاج المهانة بوصفها انجازا والاذلال كنجاح.

الان الوقوف بالدائرة يتم غسله واعادة انتاجه كإنجاز!

اليوم لم يعد من يضيء شعلة الاستقلال الصهيوني مجرد فرد ذليل، يلتزم حدود الدائرة خوفا، بل اطباء وبروفسورية وابناء وبنات شخصيات جماهيرية تتحدث عن التطور والتغيير!

دائرة بلوم كانت مسيجة بالضرب والعنف والتهديد وكان الوقوف فيها موضوعا للخجل وللخزي.. لكن اليوم هناك من حول الوقوف في دائرة بلوم الى مصدر فخر واعتزاز.

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب