news-details

كل عام وأنتم فلسطينيون | محمد حسن الاسدي 

جاءنا شهر رمضان الكريم، فرحّبنا بـثلاثين يومًا من الايمان، رحّبنا بمن في أوّله رحمة، أوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار، كنا نخاطبه قائلين أهلا بك يا شهر الصبر فلست أنت وحدك حاملًا لهذا الصبر، أفلم تعلم أنّ شعب فلسطين كل أيامه وشهوره أيام وشهر صبر؟ تجلد على الظلم، اصطبار على العنصرية الحاقدة، تحمّل للحصار وقطع الماء والدواء والطعام في قطاع غزة وفي كل فلسطين منذ اثنين وسبعين عامًا؟ وأبرقنا له أنّنا مؤمنون بنهايته، مؤمنون بوداعه، حيث يكون العيد الذي خاطبناه هو الآخر وقلنا أهلًا كذلك بك يا عيد، أهلًا بك وأنت الّذي حيّرت ذهني، فأينك؟ وأين تلك النهاية الموعودة؟ ولمَ جئت قبل الموعد تزف اللّا عيد الّذي لم نكن ننتظره؟

ألم تعلم أنّ المحتلين المجرمين العنصريين الفاشيين الصهاينة وبدعمهم مجنون أمريكا ترامب وباحتلالهم البغيض يحرمون شعبنا الفلسطيني منك يا عيد؟ فقل لي بربك يا عيد هل انت عيد؟ فاذا كنت كذلك عند نهاية الصوم فأين العيد الذي ننتظره وقد قدمنا آلاف الشهداء منذ أكثر من اثنين وسبعين عامًا، واثنين وسبعين رمضانًا آخر لنحصل على هكذا عيد، لنحتضن نتفة صغيرة من فرحته، أفلا يحق لشعب فلسطين وأطفال فلسطين أن يحتفلوا بالعيد كما هو حال كل شعوب العالم؟ فيا عيد الفطر السعيد هلا هللت علينا بعد شهر الصبر والفضيلة في زمن يذبح ويقتل ويحاصر فيه شعب فلسطين ولأسفنا الشديد زعماء شعبنا الفلسطيني تنخر فيهم الفرقة والقطيعة والخلافات فحري بهذا الشعب ان يقول لزعمائه ما قيل يوم التحكيم بين علي ومعاوية، انا نخلع ونسقط الطرفين، فشعب فلسطين يريد قيادة لا زعماء، قيادة شعبية لا فئوية انتهازية تغلب مصالحها، فنحن لسنا أحزابًا وفرقًا بل شعبًا متكاملًا وانتم بهذا الحال لا تمثلون هذا الشعب الذي يبتغي ان يكون موحدًا، يريدكم موحدين فعلًا، ولكن قادة شعب فلسطين في هذا الحال والعالمين العربي والإسلامي أصبحوا كالسياج الذي يقفز عليه كل متآمرو العالم . 

رغم هذا الحال والجرح الغائر الذي ينتزع شعبنا، ما زالت ارادته أقوى، فهو يريد قيادة موحدة، صامدة تواجه الاحتلال بكل قوى وعنفوان، ويقول بصوت عالٍ رسالته: إذا الشعب يومًا أراد الحياة -فلا بد أن يستجيب القدر.

فأهلا بك يا عيد آتيًا لتبشرنا أن بعد صيام وصبر شهر رمضان ستطل علينا عيدًا بالفعل، فكيف وشعب فلسطين الصابر كل ذلك الوقت، منذ اثنين وسبعين عامًا وأكثر من الاحتلالات التي نغصت عيشته، حتمًا يريدونك عيدًا قريبًا تأتي وقد تواصينا بالحق وتواصينا بالصبر والقوة، وندعهم في طغيانهم وظلمهم يعمهون، فقد قال الله في كتابه الكريم "وبشر الصابرين"، ونحن بحق شعب الصابرين.

لنترك قطعان المحتلين المجرمين يرقصون ويعربدون ويقلعون أشجار الزيتون المقدسة التي أقسم الله بها ويحاصرون ويقصفون المدارس والمستشفيات ودور العبادة ويقتلون الناس دون ذنب اقترفوه ودون سبب أو تهمة تلتصق بهم، الا تهمة الفلسطينية، تهمة أنهم ولدوا وجذورهم في الأرض فلسطينية، أحبوا شعبهم وأرضهم ووطنهم وكرهوا من يظلمهم ويكرههم. فما أحسن وأكثر فخرًا وشرفًا من هذه التهمة، نعترف بها دون ممارسة ضغوط علينا، نقر ونعترف بممارسة فلسطينيتنا على أرضنا وفي وطننا فلسطين. فمن غيرنا يستطيع أن يحمل ويعترف بهذه التهمة في هذا الزمن المتهاوي، فنحن فلسطينيون منذ يبوس الأولى حوالي ثلاثة الاف وخمسمائة سنه قبل الميلاد وسنبقى إلى يوم القيامة، فهل يزعجكم هذا يا حكام إسرائيل؟ حتمًا سيطلع الفجر وسيأتي العيد الآخر، العيد الذي ينتظره شعب فلسطين الذي سيحتفل في أرضه، بعلمه ونشيده، شاء من شاء وأبى من أبى. عندها سنقول للعالم ولحكام إسرائيل ذاتهم، ومجنون أمريكا ترامب نحن ملوك الصبر نحن الفلسطينيون سنحتفل بالعيد الحقيقي، عيد الانعتاق منكم، وسيظهر الحق ويزهق الباطل فكم كان الباطل زهوقًا، وسترفع التهاني والأهازيج بقول كل عام وأنتم فلسطينيون. 

دير الأسد

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب