news-details

للعام الثاني على التوالي، تراجع النمو السكاني في إسرائيل بسبب جائحة كورونا!| برهوم جرايسي

سجل النمو السكاني في إسرائيل في العام المنصرم 2021 ارتفاعا بنسبة 1.7%، وهي نسبة يتم تسجيلها للعام الثاني على التوالي. وحسب التقديرات، فإن هذا يعد تراجعا، مقارنة بالسنوات السابقة، يعود بالأساس إلى جائحة كورونا، التي انعكست في تراجع أعداد المواليد، خاصة في العام 2020، رغم ارتفاعها بقليل في العام الماضي، إذ أن الرافد الآخر للنمو السكاني، الهجرة لإسرائيل، بقي تقريبا على حاله بالمعدل العددي، ونسبة عالية من المهاجرين هم عمليا أصحاب مواطنة عائدون، أيضا بفعل الجائحة. وهذه استنتاجات تبينت في المقارنات التي أجريناها للتقرير السنوي لتعداد السكان، في السنوات الست الأخيرة.

وقال تقرير مكتب الإحصاء المركزي الحكومي إن عدد السكان في إسرائيل بلغ مع نهاية 2021 حوالي 9.45 مليون نسمة، وهذا يشمل الفلسطينيين في القدس الشرقية المحتلة منذ العام 1967، والسوريين في مرتفعات الجولان المحتل. ومن دون هاتين المنطقتين، اللتين يتم دمجهما في الإحصائيات بفعل الضم الاحتلالي، فإن تعداد السكان حوالي 9.1 مليون نسمة، من بينهم 1,654 مليون نسمة من فلسطينيي الداخل، من دون القدس والجولان، وبهذا هم يشكلون ما يلامس نسبة 18,1%.

وفي تفاصيل العام المنتهي 2021، فإن عدد اليهود بلغ 6.982 مليون نسمة، في حين أن 472 ألف نسمة تم إدراجهم تحت بند "آخرون"، وهم بغالبيتهم الساحقة من اليهود الذين لا تعترف المؤسسة الدينية بيهوديتهم، ولكنهم يمارسون حياتهم كيهود، والباقي بغالبيتهم مسيحيون من عائلات يهودية مهاجرة، ويقدر عددهم بأكثر من 55 ألف نسمة. وارتفعت أعداد من هم في إطار "آخرون"، في السنوات القليلة الأخيرة، بفعل استقدام آلاف من أثيوبيا، بناء على طلب عائلاتهم أو أبناء عائلاتهم من اليهود، بموجب قانون الهجرة الإسرائيلي.

ونقرأ أن عدد المواليد في إسرائيل كان 184 ألف طفل، وهذا يشمل القدس والجولان، من ضمنهم أقل من 135800 طفل يهودي، و43050 طفلا عربيا، وحوالي 5120 طفلا ممن هم مدرجون في بند "آخرون". وبلغ عدد الوفيات حوالي 51 ألف شخص، وارتفعت نسبة الوفيات في العام الماضي من معدل 5,1 وفاة لكل ألف مواطن، بين العامين 2017 و2019، إلى معدل 5.4 وفاة لكل ألف مواطن في العام الماضي 2021، الذي كان من ضمن المتوفين فيه 4800 وفاة بفعل الإصابة بفيروس كورونا.

ويقول التقرير إن عدد المهاجرين إلى إسرائيل في العام الماضي 25 ألف نسمة، بضمنهم عائدون بعد أن غادروا البلاد لمدة أكثر من عام، وتم احتسابهم في بند مهاجرين سابقا من إسرائيل. من بين هؤلاء قرابة 2500 عربي، وهم بغالبيتهم الساحقة، وحسب التقديرات، طلاب جامعات درسوا في الخارج، وإضافة إلى 25 ألف مهاجر إلى إسرائيل، يوجد 9 آلاف مهاجر في بند "آخرون".

ويشير التقرير إلى أنه في العام الماضي غادر البلاد 7500 شخص، مع توجهات للبقاء لأكثر من عام خارج البلاد، وهذا يحسب كهجرة. وحسب تقارير سابقة، في العالم ما بين 700 ألف إلى 800 ألف شخص من حملة الجنسية الإسرائيلية ويقيمون بشكل ثابت خارج إسرائيل، إذ أن القانون لا يلزمهم بالتنازل عن هويتهم الإسرائيلية، ولكن بعد غياب ستة أشهر يفقدون حقوقا اجتماعيا، بضمنها التأمين الصحي، ومخصصات اجتماعية، مثل مخصصات الأولاد، ومخصصات الشيخوخة. وفي السنوات القليلة الأخيرة، بادرت السلطات الإسرائيلية للبحث عن حملة الجنسية الإسرائيلية، وعن مقيمين في الخارج منذ عشرات السنين، وانقطع اتصالهم بالبلاد، وظهر في السجل السكاني أن قسما منهم بلغ أعمارا متقدمة جدا، ومنهم من تجاوز المئة، والغرض من ذلك المسح معرفة مصير هؤلاء، إذا ما يزالون على قيد الحياة، وقد تم شطب عشرات آلاف الأسماء من السجل، حسب ما نشر سابقا.

 

 

//أعداد سكان القدس والجولان المحتلّين

 

بحسب تقرير مكتب الإحصاء المركزي، من أصل الإحصائية الرسمية المعلنة- 9,45 مليون نسمة، يوجد 1,995 مليون عربي، وهم يشكلون نسبة 21%، وهذا كما ذكر يشمل القدس والجولان، وفي حسابات، تستند للإحصائيات الإسرائيلية، في هاتين المنطقتين، 350 ألف نسمة من غير المجنسين، 328 ألفا في القدس المحتلة، و22 ألفا في مرتفعات الجولان السوري المحتل. وحسب إحصائيات مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي، حتى نهاية العام 2021 كان في القدس 364 ألف فلسطيني.

 وبحسب تقديرات تعتمد على عدة تقارير، في القدس قرابة 36 ألف فلسطيني ممن يحملون الجنسية الإسرائيلية الكاملة. وحوالي 26 ألفا منهم هم ممن طلبوا وحصلوا على الجنسية الكاملة على مر السنين، بينما 10 آلاف شخص هم أساسا من أبناء الشطر الغربي لقرية بيت صفافا، الذي هو تحت السلطة الإسرائيلية منذ العام 1948، وباتت القرية جزءا من القدس، بموجب قرارات الحكومة الإسرائيلية بعد العام 1967 بتوسيع نطاق القدس، وضم العديد من القرى الفلسطينية إلى نطاق المدينة. والباقي هم من فلسطينيي الداخل الذين انتقلوا للسكن في القدس في إطار الهجرة الداخلية. ما يعني أن عدد الفلسطينيين في القدس غير المجنسين بالجنسية الإسرائيلية 328 ألف نسمة. ونؤكد مجددا أن هذه الاحصائيات إسرائيلية، تدخل في التقرير الرسمي، في حين أنه قد تكون ثمة إحصائيات فلسطينية أخرى، تشير إلى عدد أكبر للفلسطينيين في القدس.

وفي ما يتعلق بالجولان السوري المحتل، واستنادا لإحصائيات مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي، فإن في القرى السورية الخمس أقل بقليل من 27 ألف نسمة، 26870 نسمة، بنسبة تكاثر سنوية في حدود 1%، ولكن من بين هؤلاء، وحسب التقديرات، حوالي 5140 شخصا حاصلون على المواطنة الإسرائيلية الكاملة، من بينهم 2255 شخصا في قرية الغجر، الواقعة على الحدود السورية- اللبنانية، وبعد العام 1967، باتت في مثلث يشارك فيه الاحتلال الإسرائيلي، ونسبة التجنيس فيها 83%، مقابل 12% في القرى العربية الأربع الأخرى، مجدل شمس، مسعدة، بقعاثا، وعين قينيا.

وتوصلنا إلى أعداد المجنسين استنادا إلى أعداد ذوي حق الاقتراع في كل واحدة من القرى السورية الخمس في انتخابات آذار 2021، وبعد الأخذ بالحسبان من هم دون سن 18 عاما من أبناء المجنسين، بنسبة 25% من المجنسين، استنادا لنسبة التكاثر الطبيعي الضعيفة. وعلى أساس هذه الحسابات والمعادلات، نستنتج وجود 22 ألف شخص في الجولان يرفضون التجنيس.

 

 

//مقارنات النمو والهجرة

 

الاستنتاج بأن جائحة كورونا انعكست على التكاثر السكاني الطبيعي، وأيضا على وتيرة الهجرة في الاتجاهين، نابع من المقارنة التي أجريناها للسنوات الست الماضية، من العام 2016 وحتى العام 2021. ويتضح أنه ما بين 2016 و2019، كان عدد المواليد متقاربا، وكذا بالنسبة لأعداد الموتى، والمهاجرين إلى إسرائيل ومنها.

ونرى أنه في العام 2016 بلغت نسبة النمو السكاني 2%، وعدد المواليد 181 ألفا، والوفيات 43 ألفا، والمهاجرين من إسرائيل 7 آلاف، والمهاجرين اليها 24 ألفا.

وفي العام 2017 كانت نسبة النمو 1,9%، وعدد المواليد 180 ألفا، والموتى 44 ألفا والمهاجرين من إسرائيل 7 آلاف، والمهاجرين اليها 27 ألفا.

وفي العام 2018، عادت نسبة النمو لتكون 2%، بارتفاع عدد المواليد إلى 185 ألفا، وكان عدد الموتى 45 ألفا، والمهاجرين من إسرائيل 6 آلاف، والمهاجرين اليها 28 ألفا.
وفي العام 2019، بلغت نسبة النمو السكاني 1,9%، وكان عدد المواليد 177 ألفا، والموتى 45 ألفا، والمهاجرين من إسرائيل 6 آلاف.

أما في العام 2020، فإن انعكاسات كورونا على النمو السكاني جاءت في الربع الأخير من ذلك العام، والهجرة تأثرت بعد الثلث الأول من العام ذاته. ففي النصف الثاني من العام قبل الماضي 2020، كانت نسبة النمو السكاني 1,5% بمعدل سنوي، وانتهت السنة كلها بارتفاع النمو بنسبة 1,7%، أي أن نسبة التكاثر وأعداد المواليد كانت عالية في النصف الأول من ذلك العام، وقاربت نسبة النمو 2% بمعدل سنوي. وكذا بالنسبة للهجرة التي تراجعت إلى 20 ألفا، مقارنة مع السنوات التي سبقت.

وكما ذكر، فإن العام الماضي 2021، سجل نسبة نمو سكاني 1,7%، مثل العام 2020، وهذه النسبة تبدو مرتفعة، أمام تأثيرات كورونا، وهذا يعود بالأساس للتحسن النسبي، أو للتأقلم مع الجائحة، بعد الأشهر الأولى من ذات العام. وهذه الأجواء رفعت أيضا أعداد المهاجرين إلى إسرائيل، وبلغ عددهم 25 ألفا، إضافة إلى 9 آلاف من غير اليهود ولم يكونوا مواطنين من قبل.

وفي مسألة الهجرة إلى إسرائيل، معروف أنه في سنوات الأزمات العالمية، عادة الاقتصادية، ولكن في العامين الأخيرين الأزمة الصحية العالمية وانعكاساتها على الاقتصاد، فإن أعداد العائدين بعد هجرة دامت سنوات في الخارج تكون أعلى بكثير، وهذا من أجل الاستفادة من قانون التأمين الصحي، الذي يستطيع العائد استعادته، إما بدفع مبلغ معين، أو أنه يسترجع بعد فترة قصيرة من عودته إلى البلاد.

وفي تدقيق للتقارير الصادرة عن مكتب الإحصاء المركزي، وجدنا أن ضمن "المهاجرين" إلى إسرائيل، وبضمنهم عائدون، هناك بالمعدل 2500 عربي يعودون سنويا إلى وطنهم، وفي التقدير فإن الغالبية العظمى من هؤلاء هم طلاب جامعيون درسوا في الخارج.

ووفق تقديرات ليست رسمية، فإنه حاليا، يوجد ما بين 15 ألفا إلى 16 ألف طالب عربي، يدرسون في جامعات خارج الوطن، بضمنها الأردن، وهم في سنوات تعليمية مختلفة. وبموجب تعريف المهاجر في حسابات إسرائيل، فهو كل شخص يغيب عن البلاد لمدة 12 شهرا متواصلة، ولذا فإن الطلاب في الأردن، الذين يعودون إلى بيوتهم بوتيرة عالية جدا، لا يدخلون في حسابات مهاجرين.

 

 

//المواليد العرب

 

أحد الأمور اللافتة في المقارنة التي أجريناها للسنوات الست الأخيرة، كانت نسبة المواليد العرب من إجمالي المواليد، في تقارير مكتب الإحصاء المركزي. وكما في التعداد السكاني، فكذا أيضا بالنسبة لباقي تفاصيل التقرير، كلها تشمل القدس المحتلة والجولان المحتل، ولكن في هذا البند أيضا أجرينا الحسابات لفصل الإحصائيات.

وقد تراوحت نسبة المواليد العرب من إجمالي المواليد سنويا، بما بين 22,8% كأقل نسبة تم تسجيلها في العام 2018، إلى 23,4% في العامين 2020 و2021، وأيضا العام 2017. واستنادا لتقدير أن العرب في القدس يشكلون 16% من إجمالي العرب في الإحصائيات الإسرائيلية، وبعد خصم مواليد القدس عدديا من الإحصائية العامة ومن مواليد فلسطينيي الداخل، ينتج عندنا أن نسبة المواليد العرب تتراوح ما بين 20,2% إلى 20,5% من إجمالي المواليد في إسرائيل.

وثبات النسبة تقريبا في السنوات الأخيرة، يدل على ثبات نسبة التكاثر لدى العرب، في هذه المرحلة، مع العلم أن كل التقارير الإسرائيلية الرسمية تؤكد أن معدلات الولادة بين العرب في تراجع مستمر بفعل تطوّر المجتمع، وفي بعض المناطق بلغت المعدلات أدنى معدل لها، والتراجع الآن جار في بلدات صحراء النقب.

ففي مطلع كانون الأول، الشهر الأخير من العام الماضي، نشر مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي بحثا جديدا للدكتور نصر أبو سرحان، الباحث في مكتب الإحصاء، يستنتج أن معدل الولادات لدى المرأة العربية في النقب (البدوية) هبط من 10,6 ولادة للمرأة الواحدة في العام 1998، إلى دون 5 ولادات، أي 4,94 ولادة للمرأة الواحدة.

وفي المجمل العام فإن معدل الولادات بما يشمل كل العرب حوالي 3.4 ولادات للمرأة العربية، علما أن مكتب الإحصاء المركزي عادة ما يصنّف معدل الولادات لدى العرب، بحسب أديان، مسلمات ومسيحيات ودرزيات، ولكن ما يرفع معدل الولادات لدى النساء المسلمات هو معدل الولادات العالي نسبيا في بلدات العشائر البدوية في الجنوب والشمال. وهذا في حين أن معدل الولادات لدى النساء المتدينات المتزمتات الحريديات يتراوح ما بين 7 إلى 8 ولادات للمرأة الواحدة، ومعدل الولادات لدى النساء المتدينات من التيار الديني الصهيوني في محيط 4,5 ولادة للمرأة الواحدة. ويشكّل هذان الجمهوران تقريبا نصف مواليد اليهود، رغم أن نسبتهما معاً من بين اليهود ما بين 30% إلى 32%، وهذا يرفع معدل الولادة لدى النساء اليهوديات إلى تقريبا 3,1%، لأن معدل الولادة لدى النساء العلمانيات في المدن الكبرى لا يصل إلى ولادتين اثنتين للمرأة الواحدة.

وفي خلاصة قصيرة بالإمكان الاستنتاج أن نسبة العرب من إجمالي السكان ترتفع سنويا بنسبة ضئيلة بالكاد تكون ملموسة بسبب ثبات الولادات من ناحية، والهجرة إلى إسرائيل من ناحية ثانية، وقد تبدأ بعد سنوات بالاستقرار، ثم التراجع قليلا.

ولكن من ناحية أخرى، وكما يظهر هذا في السنوات الأخيرة، وخاصة في العقد الأخير، فإن القلق الإسرائيلي الذي كان بسبب تكاثر العرب يتركز الآن في مستقبل المجتمع اليهودي الذي بعد سنوات ليست طويلة ستصبح أغلبيته من المتدينين، من التيارين المتزمت والصهيوني، بفعل ارتفاع نسبة التكاثر الطبيعي في هذين التيارين.

 

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب