news-details

ما أخطرك يا رفيق عوفر وما أخفّهم

تضم قائمة ميرتس مرشحين عربا للكنيست، كذلك حزب العمل، وقائمة چانتس-لپيد تضم مرشحّة عربيّة. وفي الليكود وزير صهيوني لكن عربي. ما أخفّ هذه "الشراكة العربيّة-اليهوديّة العمليّة" كما يسمّيها ذلك "الواحد". هي ليست حقيقيّة (نقطة). لأنّه لا شراكة عربيّة في حزب صهيوني ولا يسار حقيقي ولا ليبراليّة مطلقة في دولة القومجيّة.

وما أخطر الشراكة العربيّة-اليهوديّة في الجبهة بكونها تطرح خطابا مختلفا بعيدا عن المغالاة بالإدّعاءات العرقيّة أو الدينيّة، ينطلق من الإنسان ووحدة العمّال والموظفين والمصلحة المشتركة العامّة للمجتمع، وهي المساحة التي تدين اليمين تحديدا، وتُبيّن أن اليسار الذي لا زال عالقا في خانة دولة اليهود والذي يبدأ تفكيره واجتهاده السياسي وينتهي به عند مصلحة اليهود ليس يسارا فعلا، إنما مجرّد حالة أخلاقيّة داخل المساحة الصهيونية التي لا تتسّع لحريّة الشعبين. العنصرية من أساسها والتي تمثل الدور بأنّها ليبراليّة، لكنها لا ليبراليّة ولا ديمقراطيّة ولا يحزنون بل إستعمارية منذ بدأت وتمييزيّة ومحكومة لتراتبيّة طبقية غير عادلة وعاجزة عن عبور الأصول القومية والجنوسية، فهنالك وجه قومي وآخر جنوسي لفرص التطوّر الفردي وإمكانيات الفقر والثراء، يضاف إليهما بعدٌ عنصريٌ بالمفهوم الأبيض للكلمة يَحُطُّ اليهود الأوروبيين خصوصا والعلمانيين عموما في المركز الأوّل والآخرين بقيّة.

هذا الواقع لم يولد من فراغ بل أتى نتاج تطوّرات تاريخيّة سياسيّة واجتماعيّة خضعت لديمقراطيّة تمثيليّة دوريّة على مدار سبعين عاما بعد نكبة الشعب الفلسطيني. يعني بالمفهوم الأكثر عمقا، فإنّ التراتبية الطبقية في المجتمع الإسرائيلي وانحداره نحو العنصرية والتطرّف هما نتيجة حتميّة يؤدي إليها الفكر الصهيوني الضيّق والعالق في تاريخه.

حاول ابراهام بورغ العائد من الصهيونيّة شرح عجزها من هذا المحل في كتابه "الانتصارعلى هتلر" وبعده شبّه الحالة الإسرائيلية بحال ألمانيا أيّام الرايخ حيث توجد برأيه دول تستمر بدوافع ثقافية مثل فرنسا، وأخرى بدافع العنصرية واختلاق العداءات مثل ألمانيا النازية. هو محق فمن الخطأ تعليق الآمال على الصهيونية وتقديم الحلول من خلالها لأنها هي القبضة التي تحمي الوضع القائم وتحافظ عليه. يحكي توماس فريدمان في تعليق لـ "نيويورك تايمز" أن هنالك قبضة مخفية تحمي هيمنة أمريكا على العولمة الاقتصادية، وتحفظ ذلك العالم آمنا، هي تكنولوجيا جيش الولايات المتحدة في وادي السيليكون وإنتاجه العسكري الذي لا تستمر العولمة الإقتصادية دونه". كذلك الأمر في إسرائيل، فإن الدولة الصهيونية المولعة باختلاق الأعداء لا تستمر بدون فرض القبضة العسكرية التي تشكّل جزءًا من استمرار الواقع السياسي. 

أخيرا، أعترف أن يسار عن يمينٍ يفرق ولا أتوقع من تمار زانبرغ وموسي راز و لا من ستاڤ شپير وميراڤ ميخائيلي إلّا موقفا أخلاقيا عند قضيّة شطب ترشيح د عوفر كسيف. لكن القضيّة ليست نوايا ولا أخلاق وإتيكا فقط، إنما عمق السياسة، منطلق الفكرة ونمط التفكير. انهُما (حزب العمل وميرتس) يلعبان داخل الحيّز الصهيوني الذي ستعبر الفاشية من خلاله لا محالة. أمّا عوفر كسيف رفيقنا الشيوعي والأممي الثوري فيشكّل خصما غير نمطي لليمين المتطرف حيث لا يقارع هذا الأخير في الميدان المحبب له والذي يتفوّق فيه. بل يمضي إلى أمانيه العادلة وهو يقدّس الإنسان فينا، وما أخطره... ما أخطرك يا رفيق عوفر وما أخفّهم...

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب